تواصل خلايا تنظيم “داعش” شن الهجمات على أماكن تواجد قوات النظام و”قوات سوريا الديمقراطية” شمال شرقي سوريا، خصوصاً في أرياف الرقة ودير الزور.
التنظيم نفذ منذ بداية العام الجاري سلسلة كمائن وهجمات استهدفت مواقع قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية في البادية السورية قرب تدمر والسخنة بريف حمص، كما استهدفت الهجمات قوات النظام و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شمال شرقي سوريا، فضلاً عن عمليات الاغتيال التي كانت تستهدف مدنيين يعملون في الأجهزة الإدارة التابعة لـ”قسد” بمناطق عدة.
وأسفرت سلسلة الهجمات والكمائن عن سقوط العشرات من العناصر بين قتيل وجريح، إضافة إلى تدمير العشرات من الآليات العسكرية والحافلات، والاستيلاء على كميات من الأسلحة والذخائر.
وكانت آخر الهجمات يوم أمس السبت، حيث أقدم عناصر التنظيم على إعدام 11 عنصراً من ميليشيا “قاطرجي” نحراً بالسكاكين، في مؤشر واضح على استعادة التنظيم لجزء لا يستهان به من قوته وحدّته التي انعدمت تقريباً بعد المعركة التي خاضها التنظيم في سوريا عام 2017، ضد “قوات سوريا الديمقراطية” وقوات التحالف الدولي الداعمة لها، والتي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.
نشاط “داعش” الأمر لم يقتصر الهجمات والكمائن، حيث وردت أخبار -ما زالت صحيفة جسر تعمل على التحقق منها- عن فرض عناصر التنظيم إتاوات على بعض المحال التجارية في الأرياف الواقعة في مناطق تحركاته، بين محافظتي دير الزور والرقة. ويتحرك التنظيم في مثلث ضلع قاعدته يصل بين أرياف الرقة ودير الزور، ورأسه في مناطق البادية السورية.
الصحافي والباحث السوري “فراس علاوي” يقول في تصريح خاص لـ”جسر”، إن “تنظيم داعش لم ينتهِ، رغم إعلان التحالف الدولي وروسيا ذلك في وقت سابق.. ما حصل أن التنظيم انتقل من حالة قتالية ككتلة صلبة واحدة بنظام الجيوش، إلى نظام الخلايا النائمة، وهو كان مستعداً لهذا التحول، بعد الضغط العسكري الذي واجهه في سوريا والعراق”.
وأضاف: “تنشط خلايا التنظيم على جانبي الحدود بين سوريا والعراق، وفي البادية السورية أيضاً، على شكل مجموعات صغيرة تتنقل بالدراجات النارية، وبأسلحة خفيفة ومتوسطة”.
ويرى الباحث السوري أن “الدول الأجنبية المتواجدة على الأرض في سوريا ما زالت تستفيد من وجود تنظيم داعش، حيث إن التحالف الدول مستفيد من تحركات وهجمات وكمائن خلايا التنظيم في مناطق سيطرة الميليشيات الإيرانية، والميليشيات بدورها أيضاً مستفيدة من الهجمات التي ينفذها التنظيم بمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، وفضلاً عن ذلك كله، فالتنظيم يعتبر شماعة إعلامية جيدة لأي عمليات تخريبية تحصل في جميع المناطق”.
ويذهب “علاوي” إلى أن “التنظيم يسعى لفرض حالة من الرعب، ولا يسعى للتمدد والسيطرة في هذا الوقت”.
وأشار إلى أن “نشاط داعش أصبح ملحوظاً بسبب تراجع العمليات العسكرية في مناطق الجزيرة السورية والبادية، وأصبح التنظيم ينشط بشكل يومي في مناطق عدة، بتنفيذ هجمات منفصلة، على أرض خبرها وعرفها جيداً فيما مضى، وهذه الهجمات لا تستطيع الأسلحة الثقيلة والاستراتيجية مثل المدافع والطائرات الحد منها، وحرب العصابات التي ينتهجها داعش يراد لها قوات برية مقاتلة، وهذا ما لم يحصل حتى الآن”.
اعتقلت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، العشرات من عناصر تنظيم “داعش” في عمليات دهم وتفتيش وإنزال جوي، خلال الأشهر القليلة الماضية.
وتتركز عمليات البحث عن خلايا التنظيم في أرياف محافظة دير الزور.
ورغم عمليات الملاحقة المنظمة التي تنفذها “قسد” ومن ورائها التحالف الدولي، إلا أن شوكة التنظيم تزداد قوة بشكل جليّ.
الصحافي السوري “عمار حمو” يقول لـ”جسر” حول هذا الموضوع: “من خلال تتبع أخبار المنطقة الشمالية الشرقية في سوريا، يبدو واضحاً أن هناك استقطاباً في المنطقة بين قوى الصراع التي تحكم المنطقة (النظام وقوات سوريا الديمقراطية) أو من يعمل على تعزيز وجوده (الجيش الوطني المدعوم من تركيا). هذا الاستقطاب بدأ في مطلع العام بكسب ورقة العشائر العربية، وكانت واضحة محاولات جذب كل طرف من قوى الصراع، العشائر العربية وكبارها لصالحه.. تالياً أصبح الضغط في المنطقة على الأهالي بخلق أحداث من شأنها أن تخلق حالة من عدم الاستقرار، سواء من خلال استهداف وجهاء عشائر، أو تعرض مدنيين لعمليات اغتيال ونسبها لمجهولين، إلى أن عاد الحديث عن وجود تنظيم داعش وتبنيه لمثل هذه الحوادث”.
وأضاف: “أعتقد أمام كل منعطف سياسي أو عسكري في المنطقة يعود تنظيم داعش إلى الظهور، وهو ما يجعلنا نشكك بتبني التنظيم لهذه العمليات، ومن جهة أخرى تورط القوى التي تحكم المنطقة بوجود علاقة مع أذرع التنظيم أو خلاياه في المنطقة وتحريكها بما يتناسب مع مصالحها”.
ويرى “حمو” أنه “من الملفت للنظر أن العملية الأخيرة لداعش، جاءت بعد ورود أنباء عن نية أميركا بقيادتها الجديدة الانسحاب من شمال شرق سوريا، وقد ذكر ناشطون سوريون أن قوات أميركية انسحبت فعلاً من بعض قواعدها شمال شرقي سوريا، فهل هي رسالة أن خروجكم سيعيد التنظيم؟ لا يمكنني أن أجزم، ولكن من حقي وحق أي سوري أن نتساءل ونبحث عن إجابة”.
وحول إمكانية عودة تنظيم “داعش” للتمدد مجدداً، يقول “حمو”: “لا أعتقد أن لتنظيم داعش القوة لفرض نفوذ على مناطق في سوريا كما كان قبل معركة القضاء عليه في الرقة وغيرها، لأن الظروف السياسية والعسكرية الداخلية، وأيضا الإقليمية والدولية لا تسمح بعودته ككيان له مناطق نفوذ جغرافية في سوريا، إضافة إلى الضربات التي تلقاها التنظيم والتي أفقدته قوته وقادته من الصف الأول، سواء بعمليات عسكرية أدت إلى مقتلهم أو اعتقالهم”، مضيفاً “ومن جانب آخر، فإن إجرام التنظيم بحق الناس، تجعل المدنيين الذين وقعوا تحت حكمه في السابق أكثر إصراراً على رفض التنظيم المتطرف سواء كان باسم داعش، أو بأسماء أُخرى”.
المصدر: جسر. نت