وضع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، خطوطاً عامة لجدول أعمال اللجنة الدستورية عقب إخفاق الرئيسين المشاركين للهيئة المصغرة في هذه المهمة، آملاً في عقد جولات جديدة من المفاوضات، ابتداءً من مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وفي مستهل جلسة عقدها مجلس الأمن عبر الفيديو، أفاد المبعوث الدولي بأنه على رغم «الحقائق الصعبة» على الأراضي السورية و«انعدام الثقة العميق» بين القوى السورية المتحاربة «أشرق بصيص أمل خافت ولكنه حقيقي»، مع انعقاد الجولة الثالثة من المفاوضات بين أعضاء الهيئة المصغرة للجنة الدستورية في جنيف، خلال الأسبوع الأخير من أغسطس (آب)، بعد توقف دام تسعة أشهر. ورأى أن المناقشات داخل اللجنة «كانت موضوعية في الغالب»، ناقلاً عن الرئيسين المشاركين أنهما «استشعرا ظهور أرضية مشتركة» حيال بعض الموضوعات، مشيراً أيضاً إلى «اقتراحات عملية من الأعضاء حول كيفية تحديد هذه الأرضية المشتركة». واستدرك أنه «كانت هناك اختلافات حقيقية للغاية في الجوهر حتى على المستوى العام للمناقشات»، موضحاً أن الرئيسين المشاركين «لم يكن في إمكانهما الاتفاق (…) على جدول أعمال للجولة المقبلة». وأكد أنه يسعى إلى «حل وسط» من أجل الاجتماع مجدداً في أوائل أكتوبر المقبل. وذكر بأن «السمات الأخرى» للوثيقة الدستورية المرتجاة تنص على «ترشيح الوفود من الحكومة السورية ومن هيئة المفاوضات السورية المعارضة، بالإضافة إلى الشرق، الوفد الثالث للمجتمع المدني، والتكليف بإعداد وصياغة إصلاح دستوري»، علماً بأنه «يجوز للجنة مراجعة وتعديل دستور 2012 أو صياغة دستور جديد». وقال: «يجب أن يجسد مشروع الدستور المبادئ الحية الاثني عشر التي ظهرت من عملية جنيف وتمت الموافقة عليها في سوتشي»، على أن «يتحمل الرئيسان المشاركان مسؤولية تعزيز حسن سير عمل اللجنة». وأكد أن ذلك «يشمل تسهيل واقتراح جدول أعمال وخطط عمل تمكن من النظر في جميع القضايا، ولا تجعل النظر في القضايا يعتمد على الاتفاق على قضايا أخرى»، مشدداً على أن «تعمل اللجنة من دون شروط مسبقة»، وأن «تعمل بشكل سريع ومستمر لتحقيق نتائج واستمرار التقدم دون تدخل أجنبي، بما في ذلك الجداول الزمنية المفروضة من الخارج». وحض على أن «تمضي اللجنة الدستورية بما يتماشى مع هذه الاختصاصات المتفق عليها بالفعل»، معتبراً أنه «إذا تمكنا من وضع اللمسات الأخيرة على جدول أعمال والمضي قدماً على هذا النحو، فإنني ما زلت آمل أن نتمكن من تعميق هذه العملية من خلال جلسة رابعة قريباً – وخامسة وسادسة في الأشهر المقبلة – كما تسمح حالة (كوفيد – 19)».
ولاحظ بيدرسن أن سوريا «لا تزال بيئة دولية إلى حد كبير، مع وجود خمسة جيوش أجنبية ناشطة في الميدان»، مؤكداً أن «سيادة سوريا معرضة للخطر». وقال إنه على الرغم من ذلك «بالكاد تغيرت الخطوط الأمامية لمدة نصف عام – وهي الأطول في الصراع السوري»، حيث تستمر المناوشات بين القوات الروسية والأميركية، وتقع الغارات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل من الحكومة السورية، علماً بأن الجنوب الغربي لا يزال مسرحاً للحوادث الأمنية المنتظمة الناجمة عن الاضطرابات المحلية والتوترات الجيوسياسية، فيما يستمر اتفاق مارس (آذار) بين روسيا وتركيا في الحفاظ على الهدوء الواسع في الشمال الغربي، بالإضافة إلى استمرار «نشاط (داعش) المقلق في الصحراء». وشجع روسيا والولايات المتحدة على «تعزيز الحوار بينهما ومن أجلهما ومن أجل اللاعبين الرئيسيين الآخرين، بما في ذلك ضامنو آستانة وأولئك الذين يلتقون المجموعة المصغرة، وأعضاء مجلس الأمن، للعمل معي نحو هدفنا المشترك في سوريا: تسوية سياسية وفق القرار 2254».
الى ذلك، تعد هولندا دعوى قضائية ضد سوريا أمام أرفع محكمة تابعة للأمم المتحدة سعيا لمحاسبة حكومة الرئيس بشار الأسد على انتهاكات لحقوق الإنسان تشمل التعذيب واستخدام أسلحة كيماوية، وذلك وفقا لما ورد في رسالة كتبها وزير الخارجية الهولندي للبرلمان الجمعة. وتم إبلاغ سوريا بالخطوة القانونية التي تسبق احتمال إحالة القضية لمحكمة العدل الدولية في لاهاي والمختصة بالبت في النزاعات بين الدول. وكتب وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك قائلا: «اليوم (أمس)، تعلن هولندا قرارها محاسبة سوريا بموجب القانون الدولي على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وبخاصة التعذيب». واستشهدت الرسالة بتعهد سوريا باحترام اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي صدقت عليها دمشق في 2004.
وقررت هولندا اتخاذ تلك الخطوة بعد أن عرقلت روسيا مساعي عدة في مجلس الأمن الدولي لإحالة انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا للمحكمة الجنائية الدولية التي تحاكم الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب ومقرها لاهاي أيضا.
وقال الوزير في الخطاب: «نظام الأسد ارتكب جرائم مروعة مرة بعد الأخرى. الأدلة دامغة. يجب أن تكون هناك عواقب… عدد كبير من السوريين تعرض للتعذيب والقتل والاختفاء القسري ولهجمات بغاز سام أو فقدوا كل شيء وهم يفرون بأرواحهم».
وتقول هولندا إن الحرب الأهلية الدائرة منذ نحو عشر سنوات في سوريا أودت بحياة 200 ألف على الأقل، بينما لا يزال 100 ألف في عداد المفقودين واضطر 5.5 مليون للفرار لدول مجاورة.
وكتب محامي المعارضة في صفحته في «فيسبوك» أمس: «قرار الحكومة الهولندية بتقديم شكوى لمحكمة العدل الدولية بشأن سوريا وإفادة وزير خارجيتها أمام البرلمان لا يرقى بأي حال من الأحوال لمطالب الشعب السوري ولا كل الضحايا بالعدالة وهو مجرد ذر رماد في العيون وستر عورة الدول التي تسكت عن جرائم النظام السوري منذ عشر سنوات». وأضاف: «محكمة العدل الدولية لا اختصاص لها بالنظر بقضايا التعذيب. وإحالة القضية لها هو اعتراف كامل بالنظام السوري بأنه دولة وليس عصابة».
وإذ إذ أشار إلى نص اختصاص محكمة العدل الدولية من أن «محكمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة. وتتولى المحكمة الفصل طبقا لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقديم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة»، قال: «كان بالأحرى لدولة تستضيف محكمة الجنايات الدولية أن تتقدم بشكوى لها ضد النظام السوري المجرم. ووجود ضحايا هذه الجرائم على الأراضي الهولندية يمنحها الصلاحية لمثل هذا الطلب، لا أن تتحفنا بشكوى لمحكمة العدل الدولة التي لا صلاحية ولا جدوى من أي طلب يقدم لها».
المصدر: الشرق الأوسط