
شارك الرئيس السوري أحمد الشرع، السبت، في جلسة حوارية ضمن أعمال النسخة الثالثة والعشرين من “منتدى الدوحة”، المنعقد في العاصمة القطرية تحت شعار: “ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى الواقع الملموس”. وتأتي هذه المشاركة وسط تحولات ملحوظة في المشهد السوري والعلاقات الإقليمية بعد سنوات من الحرب والعزلة الدولية.
تصريحات الرئيس الشرع: من العزلة إلى الاستعادة
في مداخلته، استعرض الرئيس الشرع المسار الذي مرت به سوريا خلال العقود الماضية، مشيرًا إلى أن البلاد “مرت بمراحل خطيرة خلال الـ60 سنة الماضية، وكانت تعيش عزلة كبيرة وحصاراً اقتصادياً خانقاً”، مُحمّلاً “سياسات النظام البائد” مسؤولية نفور الأطراف الدولية من دمشق.
وأضاف: “في مثل هذه الأيام كنا نتهيأ للدخول إلى دمشق، وبعد التحرير استعادت سوريا الكثير من علاقاتها الدولية”، في إشارة إلى نهاية المرحلة السابقة وبداية مرحلة جديدة تعكف فيها البلاد على استعادة موقعها الإقليمي والدولي.
وأوضح أن “كل الخطوات التي نتخذها تصب في مصلحة سوريا واستعادة دورها وموقعها”، معتبرًا أن سوريا “تحولت من منطقة مصدّرة للأزمات إلى منطقة يمكن أن تكون نموذجاً للاستقرار الإقليمي”.
موقع سوريا في النظام الإقليمي الجديد
قال الرئيس الشرع إن “العالم انفتح على سوريا للاستفادة من موقعها وتأثيرها في إرساء دعائم الاستقرار في المنطقة”. وأضاف: “نعمل مع الدول الفاعلة على مستوى العالم للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها بعد الثامن من كانون الأول 2024، وجميع الدول تؤيد مطلبنا هذا”.
وكشف الرئيس أن هناك “مفاوضات مع إسرائيل، والولايات المتحدة منخرطة معنا فيها”، مشددًا على أن أي اتفاق “يجب أن يضمن مصالح سوريا، فهي من تتعرض للهجمات الإسرائيلية”.
وأوضح: “سوريا تصر على التزام إسرائيل باتفاق فض الاشتباك عام 1974. ومطلب المنطقة منزوعة السلاح حوله الكثير من التساؤلات، فمن سيحمي هذه المنطقة إن لم يكن الجيش السوري؟”
سوريا وإسرائيل: من المواجهة إلى المفاوضات
في لهجة نقدية، اتهم الرئيس السوري إسرائيل بـ”تصدير الأزمات والهروب من المجازر التي ترتكبها في قطاع غزة”، مشيرًا إلى أن “سوريا منذ التحرير أرسلت رسائل إيجابية للاستقرار، لكن إسرائيل قابلتها بأكثر من ألف غارة و400 توغل في أراضيها”، وآخرها “المجزرة التي ارتكبتها في بلدة بيت جن بريف دمشق وراح ضحيتها العشرات”، بحسب تعبيره.
وعلى الصعيد الداخلي، أكد الرئيس الشرع أن سوريا “انتقلت من نظام حكم إلى آخر لا يشبهه”، معتبرًا أن البلاد “تسير بمسار إيجابي نحو الاستقرار والنمو الاقتصادي”، رغم ما وصفه بـ”الإشكاليات التي حصلت بعد الثورة الشعبية”.
وأضاف: “الناس لا يشعرون بالخوف في سوريا. الملايين ينزلون إلى الشوارع تعبيراً عن فرحهم بإسقاط النظام البائد، وسوريا اليوم تعيش في أفضل ظروفها”.
ولفت إلى أن النظام السابق “أورثنا نزاعات كثيرة، وكان يستخدم طوائف ضد أخرى”، مضيفًا: “منذ بداية معركة ردع العدوان، غلّبنا حالة العفو والصفح من أجل مستقبل مستدام آمن”.
في ما يخص العدالة الانتقالية، قال الرئيس الشرع: “شكلنا لجان تقصي حقائق واستقبلنا لجاناً دولية، ونعمل على محاكمة مرتكبي الجرائم في الساحل والسويداء”، مؤكدًا أن سوريا ليست “مجموعة طوائف تعيش مع بعضها، بل بلد غني بشعب مثقف وواعٍ”، مضيفًا أن “تعزيز مبدأ المحاسبة وفق القانون وتطوير المؤسسات هو الطريق لبناء الدولة وضمان الحقوق”.
الاقتصاد والعقوبات
أكد الرئيس الشرع أن “التعافي الاقتصادي سيساعد بشكل كبير على تحقيق الاستقرار”، مشددًا على أن حكومته تواصل “العمل على إقناع الولايات المتحدة بإلغاء قانون قيصر الذي وُضع لمحاسبة النظام البائد”.
وأشار إلى أن “إدارة الرئيس ترامب تدعم مسار رفع العقوبات عن سوريا، وأغلب دول العالم تسير في هذا الاتجاه”، مضيفًا: “لا يجب أن يكون مصير الشعب السوري مرتبطاً بإرادة أشخاص لا يريدون رفع العقوبات”.
قال الرئيس الشرع: “سوريا هي من عرّفت معنى التعايش، وأعطت العالم دروساً في السلم الأهلي، وكل أطياف الشعب شاركت في الثورة”. وأضاف: “نحن جميعاً ضحايا ما أورثنا النظام البائد من مشاكل، ونعالجها بالحكمة، لا بالانتقام”.
واختتم بالقول: “اليوم، الجميع ممثَّل في الحكومة على أساس الكفاءة لا المحاصصة، وسوريا تسلك مساراً جديداً سيتعلم منه الآخرون كيف تُدار الأمور بعد الأزمات والحروب”.
وتشارك في المنتدى شخصيات بارزة مثل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس. كما يحضره رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورج بريندي، ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، والمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق لشركة مايكروسوفت بيل غيتس.
المصدر: الثورة السورية
ككككككككك





