
د. محمد جمال طحان مفكر وكاتب وروائي سوري من حلب الشهباء، له العشرات من الكتب، انحاز الى ثورة الشعب السوري باكرا. ووثق ذلك بروايات قرأتها: هي ربما بعد حين و شيء يخصني وكتبت عنهما.
رواية سوق الدهشة جديد محمد جمال الطحان التي اكتب عنها هي تأريخ لحال الثورة السورية عبر سنواتها الممتدة من بدايتها حتى سقوط النظام وانهياره.
تتابع الرواية واقع الحراك الثوري في حلب منذ بداية الثورة السورية، وكيف تنوعت المواقف والمواجهات ضد النظام حيث آثر بعض قادة الرأي والناشطين السياسيين وقادة الحراك السلمي على الخيار السلمي لمواجهة النظام في مدينة حلب. ثم تحول الحراك السلمي للناشطين السياسيين الى العسكرة لمواجهة آلة النظام العسكرية التي بدأت باستعمال جميع انواع الاسلحة لمواجهة حراك الثوار في كل سورية ومنها حلب الريف والمدينة.
كريم أحد الوجوه السياسية والفكرية في حلب الذي شكل مع آخرين من زملائه واصدقائه العمق المنظم للعمل الثوري المواجه للنظام في حلب على كل المستويات: عمل استخباري وتغلغل في صفوف النظام وحفر الأنفاق وتفخيخها وتدمير المواقع الاستراتيجية للنظام وقنص وغير ذلك. كل ذلك مواكب للتمدد الثوري في حلب في سنوات الثورة الأولى ثم العمل في عمق المناطق التي تحت سيطرة النظام وخاصة بعدما استنجد بالايرانيين ومليشياتهم حزب الله وغيره والدعم الروسي ودوره في قصف وتدمير لحلب ولكل المناطق والمدن السورية.
كريم مريض بحاجة لغسيل كلى دائم. خرج في بداية الثورة إلى تركيا. راودته نفسه في كثير من الاحيان ان ينتحر ليتخلص من ذل المرض وواقع القهر الذي يعيشه ككل السوريين الذين عاشوا ضحية واقع عنف النظام وحلفاؤه الوحشي بحق السوريين.
لكن كريم قرر أن ينتصر لذاته وضميره وامنياته التي عاشها في سنوات حياته بأن تعيش سورية وشعبها في أجواء حرية وعدالة وكرامة وديمقراطية. لذلك قرر العودة الى حلب باسم مستعار رفعت لانه كان مطلوب للأمن وأعاد تواصله مع اصدقائه وقادة الحراك الثوري و شكلوا شبكة سرية لقيادة العمل الثوري المقاوم للنظام في حلب والتي كان لها فعالية ونجحت كثيرا في ضرب مواقع النظام وكان بعضها ضربات قاضية.
حصل كريم – رفعت على فرصة للخروج الى كندا لاستلام جائزة على دراسة قدمها وهناك استطاع أن يركب كلية اصطناعية واستمرت لأشهر ونجحت العملية واستراح صحيا بشكل كبير. عاد إلى حلب واستمر في دوره مع آخرين بقيادة العمل الثوري ومقارعة النظام والعمل على اضعافه وضرب بنيته العسكرية والامنية.
كان العمل الاستخباري مهم جدا لدى خلية كريم ورفاقه. حيث الاختراق الأمني للنظام ، كما عمل النظام لاختراق العمل الثوري. نجح احيانا. وضبطوا بعض المخبرين المخترقين لجسم الثورة وتمت محاسبتهم.
أطلّت الرواية على العمق المجتمعي للناس في حلب بتنوعهم فهذا ينتمي للثورة يقدم لها كل الدعم. وذاك ينتمي للنظام وشبكته الامنية والطائفية ويعمل بكل دأب ليؤذي الناس والثوار وكل المختلف عنهم. نظريتهم أن كل السوريين أعداء. وسلطت الرواية الضوء على العلاقات الاجتماعية. حب وامل وخيانة زوجية وبيع الجسد لمكتسبات شخصية صغيرة .. الخ.
الحب حاضر في الرواية بصفته حب الوطن والقضية وحب الحبيب والتفاني في كل ذلك.
يستمر الحدث الروائي بمتابعة العمل المستمر لخلية الثوار بقيادة كريم ورفاقه في كل سنوات الثورة. وعندما حانت لحظة انتصار الثورة كانت احدى الثائرات قد تسللت إلى القصر الجمهوري والتقت بالرئيس الساقط الهارب المصاب. قبضت عليه وأخبرت رفاقها الثوار بذلك. وهم كانوا متوجهين إلى دمشق ليتوجوا النصر بتحرير العاصمة وإعلان النصر هناك. هرب الرئيس الساقط وانتصرت الثورة وانفتحت صفحة جديدة في سورية الحرة.
هنا تنتهي الرواية:
في التعقيب عليها اقول:
انّي تفاعلت مع الرواية من موقع المعايش لحدث الثورة السورية. وأنني مؤمن بضرورة توثيق العمل الثوري لإسقاط النظام ليكون شهادة للتاريخ ورواية سوق الدهشة شهادة مهمة لأجل ذلك.
حلب حاضرة كرائدة شعبية وثورية وعبر مفكريها و شبابها و ناشطيها. كأنها تقول: حلب هنا في المقدمة حيث يجب أن تكون وكانت.
الرواية تكاد تكون موسوعية في طرح كل القضايا الفكرية والفلسفية والسياسية والاجتماعية المعاصرة. بحيث لم تترك موضوعا ذو اهتمام لدى شريحة واسعة من السوريين الا واطلت عليه وقالت رأيها: سنوات القهر السوري الممتدة، الحراك الثوري منذ السبعينيات والثمانينات. التراث والحداثة. العلم والإيمان. الحب والخيانة والتطرف والطائفية… الخ.
نعم كتبت صديقي د. محمد جمال طحان واجدت في سوق الدهشة. وأضافت روايتك دهشة جديدة في وجداننا وفكرنا…






