أرشيف الرعب الجديد.. كيف استمرت آلة القتل الأسدية حتى اللحظة الأخيرة؟

ربى خدام الجامع

أمضت عائلة مطلق مطلق قرابة عقد من الزمان وهي تبحث عنه بعد أن اعتقل في عام 2015، من دون أن تصل لأي نتيجة. وعاماً إثر عام، كان أهل هذا الشاب يتوسلون لحرس السجون والفروع الأمنية التي تتبع لمنظومة بشار الأسد طلباً لأي معلومة عن ابنهم، وبمجرد أن سقط الأسد قبل عام من الآن، قام أهل مطلق بتمشيط القبور الجماعية بسوريا.

وأخيراً، عثروا على صورة أوضحت ما لاقاه من مصير مرعب، فمن خلال بيروقراطية دولة الرعب الأسدية، وجدوا صورة يظهر فيها مطلق عارياً وعلى جسده آثار تعذيب، وهذه الصورة يعود تاريخها للأيام التي بلغت الثورة ذروتها، وفي تلك الصورة ظهر اسمه مكتوباً بقلم أخضر على بطنه، على بعد سنتمترات من لطخة دم حمراء فاقعة ظهرت على وركه. وهكذا تبدد سدى بحث العائلة عنه لفترة طويلة، وذلك لأن البيانات الوصفية للصورة كشفت بأنه توفي بعد أشهر قليلة من اعتقاله.

وهذه الصورة واحدة من الصور التي اشتمل عليها كنز هائل يضم أكثر من سبعين ألف صورة التقطها مصورو الشرطة العسكرية السورية الذين وثقوا حالات الوفاة التي وقعت خلال الفترة ما بين عامي 2015-2024، أي السنوات التي وصلت الحرب السورية خلالها إلى ذورتها، وتشتمل تلك الصور على صور لعشرة آلاف ومئتين واثني عشر شخصاً قتلوا في المعتقل أو بعد نقلهم من المعتقل إلى أحد المشافي العسكرية.
يعتبر كنز الصور هذا أكبر من أرشيف الصور الذي ظهر قبلاً والذي كان يعرف بملفات قيصر التي نشرت للعلن في عام 2014، والتي أظهرت التفاصيل المروعة لعمليات التعذيب والقتل التي مورست في سجون الأسد.
حصلت هيئة البث العامة الألمانية على هذا الكنز الذي ظهر مؤخراً والذي شاركته في تشرين الأول الماضي مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) وغيره من المؤسسات الشريكة والتي كان من بينها صحيفة الواشنطن بوست التي درست هذه الملفات التي تضم أكثر من ثلاثين ألف صورة لمعتقلين متوفين، معظمهم التقطت له صور من عدة زوايا.

وكما حدث مع ملفات قيصر، فقد سرب ضابط عسكري سابق هذه الصور الجديدة، وهذا الضابط كان قد وصل إلى رتبة عقيد في جيش النظام البائد، وقد ترأس قسم حفظ الأدلة لدى الشرطة العسكرية بدمشق، وذلك بحسب ما أعلنته شبكة البث العامة الألمانية والتي ذكرت بأن العقيد شارك الملفات عبر وسطاء وأنه اشترط عدم تحديد هويته. غير أن الواشنطن بوست تمكنت من التأكد من صحة عدد من الصور من خلال أقرباء الضحايا، ونشرت صورتين من تلك الملفات بعد أن حصلت على موافقة أهل الضحيتين.

تظهر الصور الجديدة بأن الكشف عن جزء من تلك الصور في عام 2014 والذي أصبح حديث الصحف في تلك الآونة، قد أسهم في إدانة جرائم الحرب بألمانيا كما تسبب بفرض عقوبات على نظام الأسد في الولايات المتحدة، غير أن كل ذلك لم يمنع دولة الأسد عن مواصلة تلك الممارسات المرعبة، إذ بقيت تعتقل أعداداً كبيرة من المعارضين لتعذبهم وتقتلهم هم وغيرهم، ناهيك عن هوس تلك الدولة بتوثيق جرائمها بيدها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنها لم تكن تخشى شيئاً.

كانت الغالبية الساحقة من الضحايا في تلك الصور من الذكور الذين ظهر بينهم بعض العجائز والفتيان الصغار، وقد ذوت أجساد أعداد كبيرة من الضحايا حتى غدت مجرد كومة عظام. ومن القتلى بين ظهر عدد ضئيل من النساء، إحداهن قتلت في آذار 2024 بحسب ما تبين البيانات الوصفية لصورها، وقد ظهرت تلك المرأة مضمدة بعدة ضمادات، كما ظهرت جروح غائرة على ظهرها وساقيها.
وفي صورة أخرى يظهر رضيع قتل في عام 2017 وهو مدثر ببطانية خضراء اللون، وفي العبارة التعريفية عنه ورد بأنه ابن معتقلة حبست في الفرع 235 سيء الصيت، وهو معتقل يتبع للمخابرات العسكرية كان يعرف بفرع فلسطين.
برأي المحامي الحقوقي الشهير أنور البني الذي حبس هو أيضاً في سجون الأسد، وأصبح يترأس اليوم المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية في ألمانيا، والذي وصله هذا الكنز الجديد من الصور، فإن نظام الأسد كان يحس “بالارتياح” ولهذا واصل إخفاء الناس وقتلهم بأعداد مرعبة، إذ خلال الفترة التي التقطت فيها تلك الصور “لم يكن أحد يتخيل أن يُحاسب النظام على فعائله” بدءاً من الرئيس وصولاً لضباط الأمن الأدنى رتبة، وذلك لأن القوانين في سوريا تمنحهم جميعاً “حصانة كاملة” كما أخبرنا البني.

ويضيف هذا المحامي بأن تلك الصور كشفت عن حدوث “حالات تعذيب أكثر من تلك التي كشفتها ملفات قيصر التي ظهرت قبلها”، إذ تشير الصور الجديدة هي وشهادات الضحايا إلى اشتداد وتيرة وحجم القمع، خلال تلك الفترة على الأقل.

ويوضح هذا الكنز من الصور بأن عدد الصور بلغ ذروته خلال السنوات الأولى، أي خلال الفترة التي اعتقل فيها مطلق، ما بين عامي 2015-2017، إذ جرى تصوير أكثر من سبعة آلاف ضحية، وقد تزامن ذلك مع موجة عنف كبيرة ظهرت خلال الحرب بسبب هجمات الثوار وبسبب التدخل العسكري الروسي دعماً لنظام الأسد.
أما خلال عام 2024 الذي انتهى بالإطاحة بالأسد في كانون الأول 2024 على يد فصائل الثوار التي ترأسها الرئيس الحالي أحمد الشرع، فقد ظهرت أكثر من مئة صورة للمعتقلين في ذلك الأرشيف خلال تلك الفترة التي وصل فيها نظام الأسد لأضعف حالاته، بعد أن أرهقته العقوبات الدولية وخسر دعم أقدم حلفائه مثل ميليشيا حزب الله المدعومة إيرانياً بعد تورطها في حرب مع إسرائيل.
وعلى الرغم من أن عدد من قتل من السوريين في المعتقل كان ضئيلاً خلال ذلك العام، فإن أسباب الاعتقال بقيت عشوائية، إذ تخبرنا عائلة عبد الرحمن سفاف، وهو طالب دراسات عليا عمره 30 عاماً بأنه قتل في المعتقل بعد اعتقاله من منزله، من دون أن يعرفوا السبب الذي اعتقل من أجله.
أجبرت تلك العائلة على التوقيع على وثيقة تعهدوا فيها بعد التظاهر أو السعي للثأر بعد مقتل عبد الرحمن، كما أجبروا على دفع مبلغ قدره ثلاثمئة دولاراً مقابل نقل سيارة إسعاف لجثمان ابنهم من العاصمة دمشق إلى دارهم في حماة التي تبعد عن العاصمة ثلاث ساعات بالسيارة.
يقول الأب صهيب سفاف: “أعرف بأن ابني لم يفعل شيئاً”، وأضاف بأنه كان سيرسل ابنه خارج البلد بلمح البرق لو علم بتورطه بأي شيء، ويتابع: “أظن أنهم كسروا رقبته”.
الاعتقال بلا أي سبب منطقي
ذكر العقيد الذي سرب الصور لهيئة البث الألمانية بأن الغالبية الساحقة من الضحايا الذين قتلوا في المعتقل جرى تصويرهم في مشفى حرستا العسكري الواقع شمال شرقي دمشق، وأضاف: “إننا لا نعرف أين فارقوا الحياة”، كما أن نصف هذا الأرشيف الضخم تقريباً لا علاقة له بالمعتقلين، بل يشتمل على صور لعسكريين فارقوا الحياة في حوادث أو لأسباب أخرى مثل الانتحار.

وهنالك بعض الصور لمعتقلين يعتقد أنها التقطت في مكان آخر، بيد أن معظم الصور تظهر الضحايا عرايا فوق أرضية شاحنات تحتوي على حاويات ذات أرضية فولاذية.
في إحدى مجموعات الصور التي تعود لعام 2015، تناثرت جثث الضحايا الذين تعرضوا لهزال شديد في أرجاء الشاحنة، وبعض تلك الجثث كتبت أسماء أصحابها على بطونهم، أما البقية فكانت مجهولة الهوية. وقد ورد في نعي لأحد الضحايا الذين ظهروا في تلك الشاحنة بأنه قتل في سجن صيدنايا العسكري سيء الصيت الواقع شمالي دمشق (إذ أصبحت تلك النعوات شيئاً معتاداً، فقد كانت المعلومات حول وفاة المعتقلين تسرب في كثير من الأحيان إلى الأهالي قبل سقوط الأسد، ثم أخذت تلك النعوات تنشر عبر الإنترنت بعد رحيل الأسد).
على حواف معظم تلك الصور تظهر أقدام، بعضها يرتدي جزمات بيضاء، أو أحذية ملفوفة بشاش طبي، ويعتقد أنها تعود للكوادر الطبية أو المصورين أو العناصر الأمنية أو حفاري القبور.
خلال الفترة التي تشير إليها تلك الملفات، كان معظم المعتقلين يحتجزون من دون أي سبب منطقي بحسب ما ذكره الأهالي، إذ كان بعضهم يعتقل إثر عمليات تفتيش أمنية، أو على الحواجز، أو بسبب انتمائهم لمدينة تعتبر ثائرة، ومعظمهم كان يخضع للاستجواب على الرغم من عدم وجود أي معلومات لديهم بحسب ما أخبرنا البني، وذلك لأن السلطات “لم تكن بحاجة لأي معلومات”.

والآن، وبعد مرور عام تقريباً على هروب الأسد إلى روسيا، وإخلاء السجون على يد الثوار، عرف السوريون والسوريات الذين كانوا يبحثون عن أقاربهم في سجون الأسد ما إذا كان هؤلاء الأقارب أحياء أم أمواتاً بحسب ما ذكر البني، إلا أن هذه الصور التي ما فتئت تنشر تشتمل على معلومات مهمة في حال بدأت سوريا عملية محاسبة جادة بخصوص الجرائم التي ارتكبت في حقبة الأسد، إلا أن المنظمات الحقوقية تعتبر بأن تلك العملية لما تبدأ بعد.

لم يتضح حتى الآن إن كان الإدعاء العام السوري أو الأهالي الذين يسعون لمعرفة مصير أقاربهم سيتمكنون من الاطلاع على كل تلك الصور أم لا، لأن العقيد الذي سربها ذكر بأنه أخذ القرص الصلب الذي يشتمل على تلك الصور من مقر الشرطة العسكرية، ولم يذكر إن كان يخطط لتسليم تلك الصور إلى الحكومة السورية الجديدة.
خلال سنوات الحكم الأسدي، تكرر إرسال صور الضحايا إلى القضاء العسكري الذي يعتبر أحد أركان العملية القانونية المعنية بإسباغ صفة “الشرعية” على حالات الوفاة حسبما ذكر ذلك العقيد. ولكن بعد الإطاحة بالأسد، ضاعت الملفات وغيرها من الأدلة مع تعرض فروع الأمن والمحاكم للنهب أو الحرق.
لم ترد اللجنة الوطنية للمفقودين في سوريا على الأسئلة المتعلقة بمعرفتها بذلك الكنز من الصور أو حصولها عليه، بل اكتفت زهراء البرازي، نائبة رئيس لجنة العدالة الانتقالية بسوريا بالقول: “لابد من مشاركة كل ذلك مع الحكومة السورية لأسباب قضائية وغيرها من الأسباب الأخرى”.

“خطوات نحو مستقبل أفضل”.. ترحيب أممي بإنشاء لجنتي المفقودين والعدالة الانتقالية
شاركت هيئة البث الألمانية مع منظمتين غير حكوميتين ومع المؤسسة المستقلة للمفقودين في سوريا التابعة للأمم المتحدة 1500 اسماً لمعتقلين من الذين وجدت صورهم في ذلك الأرشيف، إلى جانب مشاركتها لأرشيف منفصل يحتوي على ملفات مخابرات تعود لأيام الأسد، كما قدمت نسخة أخرى من ذلك الأرشيف للنيابة العامة الفدرالية بألمانيا التي سبق أن دانت مسؤولين سوريين متهمين بارتكاب جرائم.
الاعتقال من مطعم
حدق باسم شقيق مطلق مطلق بصورته لفترة طويلة عندما أبرزها صحفيو الواشنطن بوست له في أواخر الشهر الماضي، بعد أن جلس بجانبه اثنان من أبناء مطلق الثلاثة. قبل ذلك، شاهدت العائلة ما ظنت أنه جثمان مطلق في إحدى الصور التي وصلتهم من أحد الأشخاص بعد سقوط نظام الأسد، إلا أن الجثمان لم يكن له.
غير أن هذه الصورة أظهرت جروحاً حديثة العهد حول رقبة مطلق، وجراحاً أخرى غائرة فوق عينه اليسرى، مع أصناف متنوعة من الجروح التي غطت يديه وجسده العاري فوق أرضية فولاذية. ولهذا أجهش أحد أبنائه بالبكاء وهو ينظر إلى الصورة، أما باسم فقد أخبرنا بأنه تعرف على شقيقه من يديه، فذاك هما إبهاما أخيه كما ذكر.
ينحدر مطلق من إنخل بمحافظة درعا الجنوبية، إلا أنه انتقل مع أسرته للعيش في دمشق في عام 2011 بمجرد أن بدأت الثورة ضد نظام الأسد، حيث عمل في مطعم السيس الواقع في أحد الأسواق الكبيرة المفتوحة التي تباع فيها الخضار والفواكه، حيث كان كثيرون من شباب إنخل يعملون خلال تلك الفترة.

وفي أحد أيام شهر شباط من عام 2015، وفي أثناء تجهيز مطلق لسندويشات الفلافل، أتى ضباط الأمن إلى المطعم، إذ قبل فترة قصيرة، كان الثوار قد هاجموا نقطة تفتيش تتبع للنظام بالقرب من إنخل، ولهذا أخذت قوات الأمن تعتقل كل شاب ينتمي لتلك المدينة بحسب ما ذكره العاملون في ذلك المطعم. وهكذا اعتقل الضباط مدير مطلق واسمه مهند الحميد الذي ذكر في مقابلة أجريت معه بأن سؤال مطلق: “ماذا يجري” لفت انتباه ضباط الأمن إليه، فهتف أحدهم: “خذوا ذاك”، فاعتقلوه هو أيضاً.

وبمجرد أن تكوم الشابان ومعهما آخرون كانوا يعملون في سوق الخضار داخل الشاحنة الصغيرة، بدأ الضرب على الفور حسبما أخبرنا الحميد، وتواصلت الانتهاكات في مركز الاعتقال الذي يتبع للمخابرات العسكرية، حيث جرى استجوابهم وهم معصوبي الأعين كما جردوا من ثيابهم حتى الداخلية منها، ثم تعرضوا لأساليب مختلفة من التعذيب والتي يحمل بعضها أسماء بريئة مثل “الدولاب” و”الكرسي”.
أطلق سراح الحميد في نهاية المطاف بعد بضع سنين، إلا أن ذلك لم يكن ليحدث لولا أن دفع أهله مبلغاً يعادل 26 ألف دولار قدموه كرشوة لأحد القضاة.

أمضت مريم، والدة مطلق، سنوات طويلة وهي تحاول أن تعثر عليه، فقد توجهت إلى المحاكم ومراكز الاعتقال حسبما ذكر باسم وأضاف: “كانوا لا يخبرونها بأي شيء في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى يقولون لها إنه بخير، وأحياناً يخبرونها بأنه مات، وفي أحيان أخرى يقولون لها إنه حي، غير أن أحدهم كان صريحاً معنا، وقد كان عضواً في البرلمان، كما أننا دفعنا له المال”.
أخبرهم عضو البرلمان ذاك بأن مطلق مات، إلا أن مريم لم تصدق ذلك.
وبعد الإطاحة بالأسد وإخلاء السجون، بدأت مريم بزيارة القبور الجماعية، فتوجهت إلى مقبرة نجها التي تقع على أطراف دمشق في آذار الماضي، وهناك تحدثت باختصار عن مأساتها لفريق صحفيي واشنطن بوست وأخبرتهم بأن التعب قد بلغ منها كل مبلغ.

كان سيتزوج قريباً
لم تمض عائلة عبد الرحمن سفاف سنوات وهي تبحث عنه، لأنهم تسلموا جثمانه بعد شهرين من اعتقاله.
عندما اعتقل سفاف في حزيران 2024 كان يحضر لنيل شهادة الماجستير في تقانة المعلومات، كما كان يعمل في مجال تجارة أقمشة الملبوسات، وكان قد تقدم لخطبة فتاة وأخذ يستعد للزواج الذي حدد موعده في تموز من عام 2024، ولكن في إحدى الأمسيات، عاد أبوه إلى البيت فوجد ضباط المخابرات العسكرية قد انتشروا في الطابق السفلي كما أخبرته عائلته، ثم خاطبه أحد الضباط بالقول: “نعرف بأن عبد الرحمن هنا، ونريده”، إلا أن سفاف كان في الطابق العلوي يرتدي ثيابه استعداداً للقاء خطيبته. لم يذكر الضباط السبب الذي جعلهم يطلبونه في أثناء اقتياده خارج البيت، بل حاولوا أن يطمئنوا أهله بالقول: “لن نبقيه لوقت متأخر”.
غير أن سفاف تنقل بسرعة بين السجون المرعبة، ابتداء من مقر الشرطة العسكرية بدمشق وصولاً إلى فرع فلسطين، وذكر أحد الأشخاص لأهله بأنه كان مطلوباً بتهمة إرهاب وبأنهم سيحاكمونه، ويعلق على ذلك شقيقه الأصغر عبد الخالق فيقول: “أخبرنا آخرون بأن قضيته ليست كبيرة، وبأنهم سيفرجون عنه خلال شهر، إلا أن الجميع كان يريد مالاً”.
كان والد عبد الرحمن، صهيب، قد حجز قاعة أفراح من أجل إقامة حفل زفاف عبد الرحمن في مدينة حماة التي يعيشون فيها، وأضاف: “كنا نؤجل العرس شهراً بعد شهر”.
في مطلع شهر آب، بلغ الأسرة نبأ إطلاق سراح سفاف، فجمعوا أقاربهم لاستقباله في بيته، ثم توجهوا إلى مشفى تشرين العسكري بدمشق حيث أخبروهم بأنه غير موجود، فمضوا إلى مشفى حرستا العسكري، حيث أشفق عليهم طبيب أخبرهم في بداية الأمر بأن سفاف ليس موجوداً لديهم، فأبلغهم بأن جثمانه موجود في ذلك المشفى.

في نهاية المطاف، أخبر المسؤولون في المشفى أهل سفاف بأنه توفي في مشفى تشرين في شهر آب، ولم يسمحوا لهم باستلام جثمانه إلا بعد أسبوعين. وعندما أحضروه إلى بيته ليدفنوه، لاحظت أسرته وجود بعض الجروح، لكنها لم تكن واضحة كتلك التي ظهرت في الصورة التي نشرت ضمن الأرشيف العسكري الذي سرب منذ فترة قريبة، كما رأوا جروحاً غائرة حول معصميه.

في مقابلة أجريت مع شقيق سفاف ذكر بأنه لا يدري إن كان عبد الرحمن قد عُلّق من معصميه وهي طريقة تعذيب معروفة يشار إليها في وثائق المخابرات بـ”الشبح” أم أن الاحتفاظ بجسده في براد الموتى لأسابيع طويلة قد أخفى أثار تلك الجراح.
لم يوضح التقرير الذي استلمته أسرته من الشرطة العسكرية سبب وفاته أو سبب اعتقاله، كما لم يتطرق للأسباب التي أدت لموته، بل اكتفى ذلك التقرير بعبارة: “توقف القلب والتنفس” سبباً لوفاة هذا الشاب.

المصدر: The Washington Post

المصدر: تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى