رسالة أوجلان لـ”قسد”: الجواب بحوزة الولايات المتحدة

أيهم الشيخ

في تطور سياسي مفاجئ وبالغ الأهمية، كشفت صحيفة “حرييت” التركية عن رسالة مباشرة وجهها الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، المحتجز في سجن إمرالي منذ 26 عاماً،  إلى “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، يطالبهم فيها بالاندماج الكامل في مؤسسات الدولة السورية والانضمام إلى الجيش الوطني.
وتأتي الرسالة في وقت تتسارع فيه المفاوضات بين دمشق و”قسد” برعاية روسية وضغوط تركية وأميركية متزامنة، وبعد سقوط نظام الأسد وتشكيل حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع. ويبدو أن تركيا قررت استثمار النفوذ الرمزي والتنظيمي المتبقي لأوجلان كـ”مفتاح كردي” لتسريع حل الملف الشائك شرق الفرات.

أميركا تُحرّك وتركيا تكمل
قال الباحث في “مركز جسور للدراسات” وائل علوان، في تصريح لـ”المدن”، إن نداء أوجلان يأتي ضمن مشروع تركي كبير يهدف إلى إنهاء الأزمات في المنطقة بأسرها، لكنه لن يكون العامل الحاسم”، لافتاً الى أن “الضغط الأميركي المستمر هو المحرك الأساسي لدفع (قسد) نحو طاولة مفاوضات جادة مع دمشق وإنهاء استقلاليتها الفعلية”. أما المشروع التركي ونداء أوجلان، “فيشكلان جزءاً مكملاً وداعماً  فقط”.
وأوضح علوان أن الحقوق الثقافية والإثنية الكردية مضمونة ولا تُشكل محل نقاش، أما “الموضوع الحقيقي فهو شكل اللامركزية الإدارية، وجدولة الاندماج، وآليات إلحاق المؤسسات القائمة بالدولة”.
كما أشار إلى أن العشائر العربية في شمال شرقي سوريا “بات لها تأثير واضح؛ كلما زادت قدرة دمشق على التأثير فيها زادت فرص الضغط على قسد”.

“قسد” تناقش الرسالة
وفي أول رد فعل رسمي من “قسد” على الرسالة، أكد مصدر عسكري رفيع في قيادتها لـ”المدن” أن الرسالة وصلت فعلاً، وتخضع للنقاش على أعلى المستويات، مشدداً على موقف القوات الثابت قائلاً: “نحن نُقدّر عالياًأي نصيحة أو رؤية تصب في صالح الشعب السوري ووحدة أراضي”.
وأضاف المصدر: “رسالة أوجلان وصلتنا، ويتم تداولها على أعلى المستويات داخل مؤسساتنا السياسية والعسكرية. نحن نؤكد التزامنا الكامل بحل سياسي يحفظ حقوق جميع المكونات ويضمن وحدة سوريا أرضاًوشعباً”.
وتابع: “أي خطوة اندماجية مع الدولة السورية، يجب أن تتم وفق ضمانات دستورية وقانونية تحمي حقوق الشعب الكردي والمكونات الأخرى، وتحول دون عودة أي شكل من أشكال الاستبداد أو التهميش. نرفض في الوقت ذاته أي ضغوط عسكرية أو ابتزاز، ونمدّ يدنا للحوار الجاد مع دمشق للوصول إلى صيغة تحفظ كرامة الجميع وتبني سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية”.

واشنطن تملك المفتاح
ويرى خبراء أن الرسالة “قد تُشكل نقطة تحول دراماتيكية، إما نحو تسوية تاريخية أو نحو تصعيد جديد، وسط رفض عشائري عربي متزايد وتساؤلات كبيرة حول الموقف الأميركي النهائي”.
وقلّل الأستاذ في جامعة “كارتكن” والباحث في الشؤون التركية الدكتور قتيبة فرحات من تأثير الرسالة، وقال لـ”المدن” إنها لا ترتبط فعلياً بالقضية السورية ولا تملك صدى على الأرض، لأن (قسد) أصبحت مرتبطة كلياً بالولايات المتحدة وغير قادرة على اتخاذ قرار مستقل”. وأضاف أن الملف الكردي داخل تركيا “طُوي بالكامل”، لافتاً الى أن “ووجود كيان مسلح شرق الفرات تحول إلى ورقة بيد واشنطن تُستخدم للضغط على الدولة السورية الجديدة”.
وأكد فرحات أن تركيا تملك أوراق ضغط سياسية فقط ولا ترغب في مواجهة عسكرية مباشرة مع أميركا، وبالتالي أي تحرك تركي كبير دون ضوء أخضر أميركي مستبعد.وتابع: “الخطوط الحمراء التركية واضحة: لا كتلة عسكرية مستقلة، ولا إدارة ذاتية في أي شبر سوري”.
وختم بأن دمج عناصر “قسد” في الجيش السوري لا يقلق أنقرة، بل تسعى له بالتنسيق مع واشنطن،  بشرط وحيد يتمثل في “إنهاء أي استقلالية قرار عسكري لقسد على الحدود التركية”.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى