
شكلت زيارة وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني، إلى الصين، حدثاً استثنائياً، واستحوذت على اهتمام واسع، باعتبارها بداية “رحلة كسر الجليد” بين بكين ودمشق بحكومتها الجديدة، في حين أكدت مصادر “المدن” من الصين، “نجاح الزيارة”، وأن الجانبين اتفقا على “وضع خطة لتطوير العلاقات”.
وبعد وصوله إلى الصين، اجتمع الشيباني بنظيره الصيني وانغ يي، اليوم الاثنين، الذي أكد التزام الصين بسياسة صديقة تجاه جميع السوريين، وعلى دعم عملية سياسية “يقودها السوريون ويملك زمامها الشعب السوري” من أجل تحقيق السلام.
وأشار الوزير الصيني إلى استعداد بلاده لاستئناف التبادلات مع سوريا على مستويات مختلفة وفي مجالات متعددة، والمشاركة في إعادة الإعمار الاقتصادي لسوريا.
من جهته، أشار الشيباني إلى أن بلاده تعطي “أهمية كبيرة” للمخاوف الأمنية الصينية، و”تعارض جميع أشكال الإرهاب” التي تمس أمنها القومي، وقال: “لن تسمح بأي نشاط يضرّ بالأمن القومي الصيني انطلاقا من الأراضي السورية”.
الشيباني يجتمع بالجالية السورية
وبعد لقائه بنظيره الصيني، اجتمع الشيباني برفقة رئيس جهاز الاستخبارات السورية حسين سلامة، بأفراد الجالية السورية في بكين. وفي هذا السياق تحدث الباحث والأستاذ في “جامعة العلوم والتكنولوجيا” بمدينة نانجينغ الصينية، الدكتور رامي بدوي، وهو الذي كان حاضراً في الاجتماع، عن نتائج “جيدة” للزيارة.
وأضاف بدوي لـ”المدن”، أن الوزير السوري وصف أجواء اللقاء مع المسؤولين الصينيين، بـ”الإيجابية”، مؤكداً أنه تم التوصل إلى العديد من التفاهمات في الشؤون السياسية والاقتصادية.
وأكد بدوي أن الوزير الشيباني اتفق مع نظيره الصيني على استمرارية العمل المشترك لتنفيذ التفاهمات السياسية والاقتصادية، مع ضرورة توفير أجواء بناء الثقة بين الجانبين، بعد اتفاقهما على وضع خطة لتطوير العلاقات الثنائية.
ويقرأ بدوي في التصريحات المتبادلة السورية والصينية التي خرجت بعد الاجتماع الوزاري، دلالة على “نجاح” الزيارة، ويقول: “كان واضحاً ذلك من خلال التصريحات الصينية، وأيضاً من حديث الشيباني الذي استمعنا إليه، وسلامة”.
وقال: “الوفد السوري أكد بشكل صريح أن التفاهمات مع الجانب الصيني كانت جيدة، وأنها تؤسس لعلاقات قوية في المستقبل”.
تفكيك الملفات الخلافية
ويمكن من خلال ملاحظة التصريحات التي صدرت بعد الاجتماع الوزاري، وتحديداً إشارة الشيباني إلى أن بلاده تُعطي “أهمية كبيرة” للمخاوف الأمنية الصينية، أن “تفاهماً مبدئياً جرى التوصل إليه لإدارة ملف المقاتلين الإيغور”.
ويثير هذا الملف حفيظة الصين، خصوصاً بعد أن تم تنسيب المئات من المقاتلين الإيغور بالجيش السوري، وهو ما رفضته بكين.
لكن في المقابل، لا يبدو أن التفاهم بخصوص ملف المقاتلين الإيغور قد وصل إلى نهايته، ويمكن قراءة ذلك من خلال نفي مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية، صحة الأنباء التي أوردتها وكالة “فرنس برس” عن نية الحكومة السورية تسليم مقاتلين إلى الصين.
ووفق مصادر “المدن”، فإن أقصى ما يمكن أن تقدمه سوريا للصين بخصوص المقاتلين الإيغور، هو التعهد بعدم ارتباطهم بعد دمجهم في الجيش السوري، بأي نشاط عسكري يعادي الصين.
زيارة “أمنية”
وتعليقاً، يستبعد الباحث في العلاقات الدولية عمار جلو أن يتم التوصل إلى اتفاق كامل بخصوص المقاتلين الإيغور، خلال زيارة الشيباني، ويقول لـ”المدن”: “في الغالب سيترك تفكيك هذا الملف إلى الزيارة المحتملة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى الصين، في حال نجاح هذه الزيارة”.
ويضيف جلو أن الصين تركت الباب مفتوحاً أمام الرئيس أحمد الشرع، عندما لم تُجهض قرار مجلس الأمن برفع اسمه من قائمة العقوبات الدولية، مع أنها امتنعت عن التصويت.
وبحسب جلو، فإن دمشق تقول إن المقاتلين الإيغور، لن يكونوا أداة لضرب مصالح الصين في سوريا والمنطقة عموماً، ما يعني أن الزيارة أمنية بكل المقاييس، خصوصاً أن رئيس المخابرات السورية رافق للشيباني.
وبجانب الملفات الأمنية، قد تؤذن الزيارة ببدء تنفيذ الصين للعديد من مذكرات التفاهم الاقتصادية التي وقعتها زمن النظام البائد، كما يؤكد جلو، الذي قال: “لم تستثمر الصين الأموال في سوريا رغم علاقتها بالنظام السابق، بسبب العقوبات الغربية، والآن مع تزايد المؤشرات على إنهاء العقوبات على سوريا، ستكون الصين أحد أبرز الفاعلين الاقتصاديين في سوريا”.
المصدر: المدن


