الهجرية كعقيدة سياسية جديدة

معقل زهور عدي

في إحدى خطبه المعبرة يشرح الشيخ الهجري لضيوفه – ويبدو أن الاجتماع كان داخليا للشيوخ ووجهاء الطائفة – آراءه السياسية فيقول بما معناه، لقد عشنا طويلا مخدوعين بكذبة كبيرة (يعني بها الانتماء لسورية) فبينما قدمنا كل التضحيات في سبيل سورية وفتحنا قلوبنا وبيوتنا للسوريين في الأزمات، كنا نعامل بالتهميش والاقصاء، حتى جاؤوا أخيرا الينا بدل رد الجميل بالقتل والحرق والابادة..

هكذا تكمل سردية الهجري الطائفية دورتها من البداية حتى النهاية.

فنحن يعني الدروز- ليس كمواطنين سوريين ولكن كطائفة – دخلنا في معارك الاستقلال وقدمنا أعظم التضحيات من أجل السوريين، ظنا منا أننا سنلقى منهم الاعتراف بالجميل وأن نتشارك معهم في بناء وطن واحد، فماذا لقينا من هؤلاء السوريين؟ لقينا منهم الاهمال والتهميش خلال عشرات السنين بعد الاستقلال، مع ذلك حافظنا على وفائنا وكرمنا وفتحنا لهم بيوتنا (يقصد لبعض المهجرين في أثناء الثورة) يعني رغم تهميشهم لنا استقبلناهم في الجبل كضيوف، فكان جزاؤنا أن قاموا بغزونا في ديارنا …الخ..

هنا.. الأصل في الهوية هي الهوية الطائفية الدرزية، التي شاءت في لحظة تاريخية أن تتشارك مع هويات أخرى لكن أولئك الشركاء أنكروا مساهمة هذا الشريك ولم يعطوه حقه من الشراكة، وبدلا عن إعطائه حقه هجموا على دياره سلبا ونهبا وقتلا يريدون إبادته واحتلال أرضه (لا أدري هل يطمعون بآبار البترول أو مناجم الذهب أم بتلك المدن العصرية هؤلاء البرابرة الغزاة).

المسألة كما قال الشيخ الهجري مرارا مسألة وجود فإما نحن أو هم. ونحن.. لسنا سوى الطائفة وهم ليسوا سوى الطائفة الأخرى وحلفاؤها

إذن هذه هي القضية، فإذا اقتربنا أكثر من جوهر قضية الشيخ الهجري ووضعنا سرديته تحت المجهر نجد أنه يقول الآتي :

نحن لسنا سوى الدروز وتلك هويتنا الأصلية , ونحن الدروز دخلنا بشراكة مع هويات أخرى تحت مسمى الوطنية السورية , لكنها كانت شراكة من طرف واحد فلهم الغنم وعلينا الغرم ولم نحصد من شراكتنا سوى الشوك , وبعد عشرات السنين بدل أن يمنحوننا حقوقنا كشريك جاؤوا لغزونا وإبادتنا فأي شراكة هذه ؟ كلا لم نعد نريد لاهذه الشراكة ولا هؤلاء الشركاء . كنا دروزا عبر مئات السنين وسوف نعود دروزا اليوم , وهاهي وطنيتكم السورية نعيدها إليكم غير مأسوف عليها . فلا علمكم علمنا ولا مستقبلكم مستقبلنا ولا أعداؤكم أعداؤنا .

هذا جوهر العقيدة السياسية الهجرية الجديدة . وعلى النخب الدرزية الاختيار بين وطنية سورية تنظر للهجرية كانتكاسة طائفية رجعية متخلفة لامستقبل لها أو السير تحت علمها نحو المجهول .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى