منذ أيام، وأنا أحاول أن أوصل هذه الفكرة عبر تواصلاتي واتصالاتي، لكنني ألاحظ وجود نوع من التشتت في الأفكار والرؤى والجهود بين فرحة إسقاط الطاغية، والاستغراق في التفاصيل، والترقب الحذر، والرؤية المشوشة..
… لست ضد الغوص في التفاصيل والمتابعة والنقد، ولا ضد إعادة ترتيب المواقف والمواقع والاصطفافات، أو تنظيم الهيئات المدنية والنقابية والسياسية ووو.. وكل هذا أمر منطقي ومفيد وضروري..
… غير أنني أذكِّر أنَّ ما زاد من عذابات السوريين وآلامهم في تجاربنا السابقة هو تشتت رؤاهم وغاياتهم، وتضييع مفهوم الأولويات عندهم..
… الآن.. لدينا صراع إرادات قوى داخلية وخارجية بكل معنى الكلمة، وهم يتفاوضون ضمناً وصراحة بين التوافقات والتقاطعات والاختلافات..
… لا أريد أن أُفصِّل في طبيعة هذا الصراع، لكن أريد أن أسأل: ما أولوية السوريين وتياراتهم السياسية ومجتمعهم المدني في هذا الوقت الذي يُرسَم فيه مستقبلهم؟
… أعتقد ببساطة أنه لابد من التحرك على نحو عاجل عبر فرض ضغط شعبي واسع باتجاه محدد، ومن دون تشتيت للجهود والأفكار والقوى، كي تكون المحصلة في مصلحة حماية مكتسبات الثورة، ونقل سورية إلى الشكل الذي يريده أبناؤها..
… بين بالونات اختبار قوى الداخل وبالونات اختبار قوى الخارج، وبين بدء تجاذبات جميع تلك الإرادات لرسم مستقبل لسورية يناسب مصالح كل منهم، وهذا أمر طبيعي في السياسة، وبين انشغال السوريين بتحليل هذا القرار، واللهاث لفهم هذا التصريح، أو الضرب في المندل لتفسير ذلك الحدث الآني، علينا جميعاً الآن الضغط والتظاهر وتوحيد الهاشتاغات وتجميع الجهود وتكثيفها وتوجيه الخطابات واللقاءات والكتابات باتجاه عقد (مؤتمر وطني عام) تنبثق عنه جمعية تأسيسية وهيئات دستورية وقانونية متخصصة لرسم ملامح سورية الجديدة..
… أي مسار ثانٍ بعيداً عن الفكرة التشاركية لعقد مؤتمر وطني عام هو مسار محفوف بالمخاطر والانزلاقات، ومضيعة للوقت والجهود والأهداف كما أعتقد..
… لا خروج من التشتت والتشويش وضياع فكرة الأولويات إلا عبر هذا الهدف المباشر، ولعل الضغط باتجاه هذا الأمر يشكل حلقة حاسمة قد تفرض على جميع القوى المتصارعة أن تتلاقى في إطارها؛ بمعنى قد يكون حضور الرأي العام السوري منفذاً لقوى الداخل والخارج كي تجد صفقتها، وهنا نكون كسوريين قد فرضنا حضورنا وكلمتنا، ولو نسبياً..
… هذا رأيي الذي كررته كثيراً في الأيام الماضية، وأتمنى أن يلقى التأمل المفيد والصدى الملائم..
المصدر: صفحة مازن أكثم سليمان