أطلق طالبو لجوء سوريون موجودون في المنطقة الواقعة بين الحدود البيلاروسية البولندية نداء استغاثة للدول الأوروبية لإنقاذ حياتهم، وسط استمرار أزمة اللاجئين الذين تم إخلاء ألفين منهم قرب الحدود البولندية، في الوقت الذي وصفت فيه مينسك الأنشطة العسكرية لحلف الناتو على الحدود بمنزلة “تحضيرات للحرب”.
وناشد اللاجئون السوريون وبينهم أطفال ونساء في فيديو اطلع عليه موقع تلفزيون سوريا، الدول الأوروبية والمنظمات الإنسانية لإنقاذهم، وقال متحدث باسم اللاجئين السوريين في الفيديو “نحن 45 شخصاً سورياً موجودون على الحدود بين بيلاروسا وبولندا منذ 25 يوماً”.
وأضاف: “بقينا وحدنا بعد عودة المهاجرين إلى وطنهم.. منذ 25 يوما ونحن نعيش في الغابة بلا أساسيات الحياة، نحن نتجمد كل ليلة ولا ننام”.
وتابع اللاجئ السوري “نحن لاجئون ولسنا مهاجرين.. هنا يوجد أطفال ونساء وشباب لهم الحق في الحياة والأكل واللعب والابتسامة والحلم.. نحن نريد السلام والأمان”.
وقال سوري آخر في الفيديو “نحن من سوريا، هربنا من الحرب والدمار، لا نريد شيئاً.. نريد فقط الحياة.. مستحيل أن نستطيع أن نعود إلى بلدنا.
وطالب السوريون الاتحاد الأوروبي بمساعدتهم وإخراجهم من هذه الأزمة والدخول إلى بولندا”.
تحرك حقوقي ينقذ رجلاً سورياً من الموت
في سياق متصل، تم إنقاذ لاجئ سوري ينحدر من حي باب عمرو في مدينة حمص بعد أن كان على وشك الموت في الغابة على الحدود وحصل ذلك بعد أن قامت ناشطتان برفع قضية على الحكومة البولندية في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لإنقاذ الرجل.
وربحت الناشطتان القضية في المحكمة الأوروبية وتم إجبار بولندا على إنقاذ حياة اللاجئ السوري وهو أب لثلاثة أطفال، وتم إسعافه في المشافي البولندية وهو في وضع مستقر حالياً.
ويعاني اللاجئون من برد قارس وظروف صعبة جداً على الحدود حيث تستمر الحكومة البولندية بإغلاق الحدود في وجه اللاجئين ومعظمهم سوريون وعراقيون ويمنيون وأفغان.
إفراغ مخيمات
وأعلنت السلطات البولندية، إفراغ مخيمات المهاجرين على طول الحدود مع بيلاروسيا، ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن السلطات البولندية قولها، إنه لم يعد هناك مزيد من المهاجرين مخيمين بطول الجانب البيلاروسي من الحدود شرق الاتحاد الأوروبي، وأضافت: “لكن محاولات العبور غير الشرعي إلى أراضي الكتلة مستمرة وتزداد شدة”.
وسبق أن أكد حرس الحدود البيلاروسي نقل مهاجرين من مخيم مؤقت كان يقطنه نحو ألفي شخص في بيلاروسيا على الحدود مع بولندا إلى مركز لوجستي قريب.
وعبر نحو 50 مهاجراً سياجاً إلى بولندا، الخميس الفائت، حسبما قالت المتحدثة باسم حرس الحدود البولندي آنا ميخالسكا.
ومُنعت مجموعتان كبيرتان من المهاجرين من الدخول، وألقى بعض المهاجرين حجارة واستخدموا فروع الأشجار في مواجهة حرس الحدود البولندي.
يأتي ذلك فيما عاد مئات العراقيين جواً الخميس إلى وطنهم من بيلاروسيا، بعد أن تخلوا عن آمالهم في الوصول إلى الاتحاد الأوروبي، لكن مهاجرين آخرين مازالوا يأملون في الوصول إلى الأراضي الأوروبية.
“تحضيرات لحرب”
على صعيد مقابل، اعتبر وزير دفاع بيلاروسيا فيكتور خرينين أن الأنشطة العسكرية لحلف شمال الأطلسي على حدود بلده بمنزلة “تحضيرات للحرب”، مؤكداً في تصريحات صحفية وجود خطة للتعامل مع أي تطور للوضع على الحدود مع بولندا في ظل تصاعد أزمة اللاجئين.
وأضاف خرينين في تصريحاته أن هناك ما وصفها بتصرفات غير حكيمة من قِبل دول جارة تطعن في استقلال بلده، معتبراً أن هذه التصرفات تذكّر بالأحداث التي سبقت الحرب العالمية الثانية.
بدوره، قال رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو إنه “من المحتمل جدا” أن تكون قواته ساعدت اللاجئين على العبور إلى بولندا، لكنه نفى أن تكون مينسك قد وجهت الدعوة لهم.
قال لوكاشينكو في مقابلة مع شبكة “بي بي سي”: نحن لدينا قلوب.. قواتنا تعلم أن اللاجئين متوجهون إلى ألمانيا”.
ونفى لوكاشينكو أن تكون بلاده وجهت الدعوة للآلاف لخلق أزمة على الحدود.
وأضاف: “قلت لهم إني لن أحتجز لاجئين على الحدود، فلتبقوا عليهم عند الحدود، وإذا ما واصلوا القدوم، فسأظل على موقفي بعدم منعهم.. لأنهم لم يأتوا إلى بلادي، إنهم في طريقهم لبلادكم”.
وتابع “هذا ما قصدته، لكني أنا لم أدعهم للقدوم إلى بيلاروسيا، ولكي أكون صريحاً، لا أريدهم أن يسلكوا طريقهم عبر بيلاروسيا”.
ويتهم الاتحاد الأوروبي لوكاشينكو بتنظيم أزمة الحدود مع لاتفيا وليتوانيا وبولندا، في الأشهر الأخيرة، كرد انتقامي على العقوبات التي فرضت على بلاده بسبب قمعه للمعارضين، الذين نظموا مظاهرات حاشدة بعد انتخابات عام 2020.
نفي ألماني وقلق أوروبي
إلى ذلك، أكدت مينسك أنه خلال محادثات شارك فيها الرئيس ألكسندر لوكاشينكو والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قالت الأخيرة إنها تريد الحصول من الاتحاد الأوروبي على موافقة لفتح “ممر إنساني” لإجلاء نحو 2000 مهاجر من المخيم إلى ألمانيا، وهو ما نفته برلين.
كما أعربت ميركل والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ عن قلقهما بشأن النقاط الساخنة على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، خلال لقائهما في برلين يوم أمس الجمعة.
وقالت ميركل قبل الاجتماع إنها تدافع دائماً عن إجراء حوار بين الناتو وروسيا، وأضافت: “للأسف هناك خفوت في هذا الأمر في الوقت الحالي.. هناك خلافات كبيرة، ولكن من الأفضل دائما التحدث مع بعضنا البعض بدلاً من عدم التحدث”.
وقال ستولتنبرغ إن الوضع على حدود بيلاروسيا سيكون قضية رئيسية في محادثاته مع ميركل، واصفاً الوضع الحالي بأنه ينذر بالخطر، مضيفاً أن “الوضع مقلق للغاية والحكومة البيلاروسية تستغل أبرياء وهذا أمر غير إنساني”، مؤكداً تضامن الناتو الكامل مع جميع الحلفاء المتضررين.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا