هل ما أثاره عنوان كتاب سامر بكور ” التغريبة السورية – الحرب الأهلية وتداعياتها المجالية والسكانية 2011-2020 ” من عاصفة في الرأي العام السوري هو ردة فعل شعبوية لا مبرر لها ؟
هل هو تغليب للعاطفة على العقل وإفراغ لمشاعر الاحباط في المكان الخاطىء ؟
أم أن وراء تلك العاصفة حالة وعي يمتلك حساسية مرهفة لجيل جديد انخرط في الهم السياسي وأصبح يحمل في عقله وقلبه قضية وطنه الذي يوشك أن يضيع منه ؟
ليست المسألة مسألة مافي الكتاب كما ينصح المتعقلون , هي مسألة مغزى عنوان الكتاب , هذا العنوان الذي لخص وصف المرحلة مابين 2011 – 2020 باعتبارها حربا أهلية .
يعني لم تكن ثورة بل كانت حربا أهلية في جوهرها وذلك كما يقول العنوان من بدايتها في 2011 وحتى 2020 , لم يقل العنوان مثلا الثورة التي تحولت لحرب أهلية بل ” الحرب الأهلية ” ونقطة على السطر .
سردية تنفي الثورة بكل أهدافها ,بروحها الوطنية الديمقراطية بتضحيات الشباب وعذابات الشعب التي قدمها من أجل الحرية والكرامة .
كانت إذن حربا أهلية منذ العام 2011 , كما هي أية حرب أهلية , كما هي الحرب الأهلية في لبنان عام 1860 بين الموارنة والدروز , كما هي الحرب الأهلية في لبنان بين فريقين تحالف القوى التقدمية والمقاومة الفلسطينية وتحالف القوى اليمينية والتي استمرت بين 1975 وحتى 1990 وانتهت باتفاق الطائف والتي يقول عنها اللبنانيون ” تنذكر وما تنعاد ” وكما هي الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب الأمريكي .
ماذا يمكن أن يفهم أي إنسان لايعرف أين تقع سورية في هذا العالم حين نقدم له كتابا بعنوان ” الحرب الأهلية في سورية بين 2011-2020″؟
هل سيخطر بباله أن الشعب السوري عاش تحت ظل حكم استبدادي منذ 1963 – 2011 وخرج بالملايين إلى الشوارع يهتف ” الشعب السوري واحد ” وينادي بالحرية والكرامة ويقدم الزهور للشرطة ورجال الأمن ثم يستقبل رصاصهم ويتابع التمسك بالتظاهر السلمي طيلة مايقارب ستة أشهر .
هل يبدو لذلك أي ملمح في توصيف ” الحرب الأهلية “
ثم ما هو رأي الشعب السوري هل حقا ينظر بغالبيته الساحقة إلى ثورته التي أطلقها أنها كانت حربا أهلية , هل هو نادم كما ندم اللبنانيون على حربهم الأهلية أم هو متمسك بها بأهدافها النبيلة في الحرية والكرامة؟
ثم ألا يوحي ذلك التوصيف بمسؤولية مشتركة للطرفين المتحاربين ويقضي على أي معنى لكون جوهر ماحصل هو أن شعبا يتطلع للحرية وجد ننفسه بمواجهة نظام قابض على مفاصل الدولة مصمم على عدم تقديم أي تنازل مهما كان .
ليست المسألة مسألة ردة فعل عاطفية .
صحيح أنه مجرد عنوان .
لكنه أكثر تعبيرا من الكتاب نفسه .
ببساطة هو نفي للطابع الوطني للثورة السورية .
وكأن ماحدث هو أن فئة سورية واجهت فئة أخرى وكان الاقتتال .
وربما حان الوقت للتصالح بين الفئتين وعقد اتفاق طائف سوري .
ألا يكفي ذلك ليغضب السوريون ؟
إنها حالة وعي لجيل جديد انخرط في الهم السياسي وأصبح يحمل في عقله وقلبه قضية وطنه الذي يوشك أن يضيع منه، لأنه يمتلك حساسية مرهفة لمسألة وصف المرحلة مابين 2011 – 2020 باعتبارها حربا أهلية كعنوان للكتاب، إنها ثورة شعب ضد نظام طاغية مستبد جلب المحتلين ليدافعوا عنه وقدم لهم ثروات الوطن أجرة ذلك..