أقلعت ست طائرات مسيرة ثابتة الجناح، الجمعة، لتؤكد أن خرقاً أمنياً كبيراً يحصل غربي مدينة حمص لليوم الثاني على التوالي، بعد استهداف حفل تخريج ضباط الكلية الحربية قتل خلاله ما يزيد عن 120 شخصا بينهم 52 مدنيا من أهالي الطلاب الضباط الذين يحضرون حفل تخريج أبنائهم الضباط، ومن العسكريين؛ وتشير الإحصاءات التقريبية التي رصدتها «القدس العربي» على منصات التواصل الاجتماعي إلى مقتل قرابة عشرة ضباط بينهم ضابطان برتبة عميد ركن.
ويرجح حجم الانفجار الكبير على المنصة وأمامها إلى احتمالية أن يكون التفجير مزدوجاً بواسطة طائرات الدرون ومفخخة كبيرة الحجم نسبياً مصنوعة من مواد شديدة الانفجار.
دوليا، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه العميق إزاء الهجوم على الأكاديمية العسكرية باستخدام طائرة مسيرة وما أعقب ذلك من «قصف انتقامي» على مواقع متعددة.
وخلال مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، الخميس، أعرب المتحدث ستيفان دوجاريك عن قلق الأمين العام العميق إزاء القصف الانتقامي الذي قامت به قوات موالية للحكومة على مواقع متعددة في شمال غرب سوريا والتقارير الواردة عن سقوط ضحايا.
وأعرب المبعوث الأممي الخاص لسوريا غير بيدرسون عن خشيته بشأن تصاعد العنف. مشيرا في بيان صحافي إلى أن الحكومة نسبت الهجوم بالطائرة المسيرة على الأكاديمية العسكرية إلى منظمات إرهابية من دون تسميتها.
واستنكر بيدرسون وقوع خسارة في الأرواح من كل الأطراف وناشد الجميع بشكل عاجل ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
وأجرى وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان اتصالا بوزير خارجية حكومة الأسد فيصل المقداد، أعرب من خلاله عن تعازيه بالقتلى وإدانته للاعتداء، وأدانت دولة الإمارات العربية المتحدة بين بيان نشرته وزارة الخارجية تفجير الكلية الحربية بحمص. كما أدانت وزارتا الخارجية الأردنية والجزائرية الهجوم.
من جهة أخرى، أدانت وزارة الخارجية السورية التفجير وطالبت الأمم المتحدة ومجلس الأمن بإدانة «العمل الإرهابي الجبان» ودعت لمساءلة الدول الراعية للإرهاب، عن «جرائمها» بحق الشعب السوري.
كما اتهمت وزارة الدفاع لدى النظام السوري «التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية» في أنها «استهدفت حفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية في حمص عبر مسيّرات تحمل ذخائر متفجرة، ما أسفر عن ارتقاء عدد من الشهداء من مدنيين وعسكريين».
وقالت قناة «الإخبارية السورية» التابعة للنظام إن «هجوما إرهابيا» عبر طائرات مسيرة استهدف اليوم، الخميس 5 من تشرين الأول/اكتوبر حفل تخريج دورة ضباط الكلية الحربية بمدينة حمص، ما تسبب بأعداد كبيرة من الإصابات، وسخرت القناة بثها يومي الخميس والجمعة لتغطية حادثة الهجوم.
وفي سياق منفصل، أدان حزب الله اللبناني، في بيان رسمي نشرته قناة «المنار» الهجوم، واعتبر أن «هذه الجريمة النكراء والمدانة تؤكد على طبيعة المعركة المتواصلة مع الجماعات الإرهابية ومشغليها الإقليميين والدوليين، وعلى خطورة المؤامرة الكونية ضد سوريا وشعبها الصامد، والتي تعود مجددا بدعم خارجي إلى ممارسة أدوارها الإجرامية كلما عادت الحياة في سوريا إلى طبيعتها».
وأعلن رئاسة مجلس الوزراء في سوريا الحداد الرسمي لثلاثة أيام، ابتداء من يوم التشييع، الجمعة، إضافة لتنكيس الأعلام على الدوائر الرسمية والوزارات والسفارات والهيئات الدبلوماسية في الخارج.
وفي السياق نفسه، أجلت وزارة الثقافة جميع أنشطتها الاحتفالية وكذلك أعلن «الاتحاد السوري لكرة القدم» تعليق كافة نشاطاته. في حين دعت وزارة الأوقاف إلى إقامة صلاة الغائب على أرواح القتلى عقب صلاة الجمعة، في جميع المساجد في سوريا، حسب التعميم.
على صعيد آخر، قصفت مدفعية النظام والميليشيات التابعة له مدن الشمال السوري بمئات القذائف الصاروخية، تركز أغلب القصف على مدينة دارة عزة، واريحا وسرمين وإدلب، وأسفر القصف عن مقتل وجرح العشرات بينهم 14 طفلا و12 امرأة.
في تفاصيل الهجوم، من المبكر إطلاق رأي أو تحليل قاطع، خصوصا بعد محاولة استهداف سيارات التشييع وآلاف المحتشدين أمام المستشفى العسكري بحمص، وتكرار الهجوم يشير مبدئيا إلى أن المقدرات التقنية واللوجستية للمهاجمين تفوق القدرات التقنية التي تمتلكها فصائل المعارضة السورية في الشمال، وهي طائرات بدائية للغاية لا تزيد كلفتها عن 200 دولار تعمل بنظام التوجيه وهي الطائرات التي يمكن ان تسير إلى حدود 35 كم في أقصى الحدود. وهي غير دقيقة على الإطلاق، استخدمتها المعارضة في قصف مطار حميميم العسكري والذي تتخذ منه روسيا مطارا رئيسيا لها في سوريا.
ان محاولة مقاربة الهجوم ونفي حصول الإطلاق من إدلب هو أمر في غاية السذاجة، فالنظام وحلفاؤه يدركون ان المسيرات البدائية لا يمكن ان تطلق من إدلب، وتصل لمسافة 120 كم وتستهدف منصة التشريفات في الكلية الحربية بحمص. هذا في حال كانت المسيرات هي بدائية بالفعل وليست متطورة كتلك التي تستخدمها أوكرانيا ضد القوات الروسية.
وعدم نشر النظام وروسيا قرائن حقيقية لنوعية الطائرات المستخدمة سيبقي الهجوم وطريقته طي الكتمان، إلا أن الأشرطة المصورة التي بثت من قبل بعض أهالي الضباط توضح أن الانفجار الرئيسي متركز في منصة القيادة وأمامها وهذا ما يرجح فرضية التفخيخ داخل المنصة أو على أطرافها، ومن غير المستبعد ان يكون الهجوم مزدوجا أو أن تكون الطائرات المسيرة للتغطية والإشغال أو حتى المراقبة والتصوير.
بصرف النظر عن التفاصيل الكاملة، أو عن إمكانية كشفها في وقت قريب، تعتبر الحادثة اختراقا كبيرا للنظام، ويعتبر وقعها منفردة عليه وعلى حاضنته من أكبر الحوادث في وجدان الطائفة العلوية، فهي تذكر بشكل أو بآخر بحادثة مدرسة المدفعية التي قام بها النقيب إبراهيم اليوسف ورفاقه من جماعة الطليعة المقاتلة. مع الأخذ طبعا بنتائج الحادثة وليس الهدف منها، حيث يقول أحد أعضاء الخلية ان الهدف هو كان أسر الطلاب الضباط العلويين ومبادلتهم على معتقلين من جماعة الطليعة والإخوان المسلمين ولم تكن غايتها قتل الطلاب، لكن مقاومة أحد الطلاب ومحاولته سحب إحدى البنادق خلق فوضى تسببت بالمجزرة.
على الصعيد الاستراتيجي، فإن تجدد إطلاق الطائرات المسيرة يوم الجمعة وإسقاط ثلاث منها فوق المستشفى العسكري من أصل ست، يعني تطورا جديدا في الصراع السوري، يرجح دخول جهة دولية على الساحة، هي من زودت خلية معارضة بحمص بتقنيات طائرات الدرون المهاجمة. أو أن تكون خلية محلية تمكنت من اختراق الكلية الحربية وتفخيخ المنصة وتفجيرها على غرار الخلية التي فجرت خلية إدارة الأزمة في سوريا عام 2012.
المصدر: القدس العربي