أغلب المفقودين في سوريا هم نتيجة الاعتقال التعسفي وعلى الآلية الأممية الجديدة تحديد ذلك بشكل واضح.
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ ما لا يقل عن 1047 حالة اعتقال/ احتجاز تعسفي بينهم 43 طفلاً و37 سيدة، قد تمَّ توثيقها في النصف الأول من عام 2023 منها 184 في حزيران، مشيرةً إلى أنَّ أغلب المفقودين في سوريا هم نتيجة الاعتقال التعسفي وأنَّ على الآلية الأممية الجديدة تحديد ذلك بشكل واضح.
أوضحَ التَّقرير -الذي جاء في 38 صفحة- أنَّ معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
يستعرض التقرير حصيلة عمليات الاعتقال التَّعسفي/ الاحتجاز التي سجلها في حزيران والنصف الأول من عام 2023 على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا، ويستعرض أبرز الحالات الفردية وحوادث الاعتقال التَّعسفي والاحتجاز، التي وثقها فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان في المدة ذاتها، وتوزُّع حالات وحوادث الاعتقال تبعاً لمكان وقوع الحادثة. ولا يشتمل على حالات الخطف التي لم يتمكن من تحديد الجهة التي تقف وراءها. كما سجَّل التقرير عمليات الاعتقال التعسفي التي تحولت إلى اختفاء قسري.
النظام السوري يصدر قوانين تنتهك مبادئ القانون ويخالف محددات الاعتقال والتحقيق وفق التشريعات المحلية:
ووفقاً للتقرير فإنَّ القوانين والنصوص الخاصة بالتعذيب في الدستور والقانون السوري الحالي لم توقِف أو تُخفف من وتيرة عمليات التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، وأشار إلى أنَّ الدولة تُسيطر بشكل مركزي على مراكز الاحتجاز التابعة لها، ولذا فإنه من المستبعد أن تجري وفيات بسبب التعذيب دون علم النظام الحاكم في الدولة، وقال إنَّ النظام السوري مسؤول عن إثبات أنَّ حالات الوفيات التي وقعت لم تكن بسبب التعذيب، وأضاف أنَّ العديد من أجهزة النظام السوري منخرطة في التعذيب وفي الوفيات بسبب التعذيب، فهذا يتطلب اشتراك مؤسسات عدة في الدولة من أبرزها: وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، الأجهزة الأمنية، السجون المدنية، المشافي العسكرية، المؤسسة القضائية، وزارة الأوقاف، مكتب دفن الموتى، وهذا يُشير إلى عملية تناغم وتنسيق عالٍ بين هذه المؤسسات، وهذا لا يتم إلا بإدارة مستويات عليا في النظام السوري تتحكم بجميع هذه المؤسسات.
وفي سياق متصل أشار التقرير إلى القانون رقم 16 لعام 2022 لتجريم التعذيب الذي أصدره رئيس النظام السوري في 30/ آذار/ 2022، والذي اعتبر فيه جريمة التعذيب جناية تستوجب عقوبةً شديدةً لمرتكبها أو لمن شارك فيها أو لمن حرَّض عليها أيضاً، وأورد التقرير عدداً من النقاط تعبر عن خلل على مستوى منظومة التعذيب والتشريع لدى النظام السوري، إضافةً إلى خلل في نص ” القانون” نفسه، ورأى أنه سيبقى حبراً على ورق ولن يسهم في ردع الأجهزة الأمنية عن ممارسة التعذيب ما دامت بقية القوانين القمعية سارية وهي التي يقوم عليها النظام، ومنها، النصوص التي تمنح الحصانة لأفراد الأجهزة الأمنية من الملاحقة القضائية والمتعارضة مع العديد من مواد قانون العقوبات العام والدستور الحالي، إضافةً إلى بقاء المحاكم الجزائية الاستثنائية (الميدان العسكرية، وقضايا الإرهاب) في دمشق، وتخويل الأجهزة الأمنية سلطة التحقيق مع المواطنين لمدة تتجاوز الشهرين في كثير من الأحيان، وعدم إصلاح منظمة السجون وإخضاعها للإشراف القضائي، إضافة إلى تغول السلطة التنفيذية على القضاء.
وبين التقرير أن النظام السوري يصدر قوانين تنتهك مبادئ القانون ويخالف محددات الاعتقال والتحقيق وفق التشريعات المحلية، إذ يعتبر قانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات العام، وقانون العقوبات العسكري من أبرز القوانين التي يحاكم بموجبها المعتقلون وفي معظم الأحيان توجه المحاكم الاستثنائية التي يخضع لها المعتقلون مجموعة من التهم الرئيسة وتعممها على قضايا المعتقلين، وبذلك لا يواجه المعتقل تهمة واحدة، بل جملة من التهم، والتي لا تستند إلى أدلة أو وقائع حقيقية. وقد أكّد دستور عام 2012 أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وأن كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم في محاكمة عادلة، وأن العقوبة شخصية فلا يجوز أن يؤخذ أفراد أسرة مرتكب أفعال جرمية كزوجته وأصوله وفروعه بجريرته وتحتجز حريتهم كرهائن لحين القبض عليه، ونهى الدستور عن تفتيش أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر أو قرار صادر عن القضاء المختص، وأوجب حين القبض على شخص أن يُبلغ أسباب توقيفه وحقوقه، ونهى أيضاً عن الاستمرار في توقيفه أمام السلطة الإدارية إلا بأمر من القضاء المختص، وكذلك كان قانون أصول المحاكمات الجزائية موضحاً في المادة 17/ 1 أن النائب العام هو الجهة الوحيدة المكلفة استقصاء الجرائم وتعقب مرتكبيها، وليس أحداً من الأجهزة الأمنية، وأن المرسوم التشريعي رقم /55/ تاريخ 21/ نيسان/2011 الذي سمح للضابطة العدلية أو المفوضون بمهامها (الأجهزة الأمنية) التحفظ على المشتبه بهم سبعة أيام قابلة للتجديد من النائب العام على ألا يزيد هذه المدة عن ستين يوماً، لم تتقيد به أجهزة الأمن نهائياً، ما يؤكد أن مبدأ سيادة القانون الدستوري بقي شكلياً بدون أي قيمة فعلية، وجرى تقويضه تماماً بفعل مؤسسات حكومية رسمية وقضاء عاجز عن الرقابة والمحاسبة بسبب فقدان استقلاله وتغوّل السلطة التنفيذية والتشريعية عليه.
أبرز أحداث ملف المعتقلين في حزيران والنصف الأول من عام 2023:
جاء في التقرير أنَّ قوات النظام السوري لم تتوقف عن ملاحقة واستهداف المدنيين في مناطق سيطرتها على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور السوري والقانون الدولي؛ الأمر الذي يُثبت مجدداً حقيقة أنه لا يمكن لأي مواطن سوري أن يشعر بالأمان من الاعتقالات؛ لأنها تتم دون أي ارتكاز للقانون أو قضاء مستقل، وتقوم بها الأجهزة الأمنية بعيداً عن القضاء وغالباً ما يتحول المعتقل إلى مختفٍ قسرياً وبالتالي فإن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري لا يمكن أن تشكِّل ملاذاً آمناً للمقيمين فيها، وهي من باب أولى ليست ملاذاً آمناً لإعادة اللاجئين أو النازحين، وأكَّد التقرير على أنه لن يكون هناك أي استقرار أو أمان في ظلِّ بقاء الأجهزة الأمنية ذاتها، التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية منذ عام 2011 وما زالت مستمرة حتى الآن. وفي هذا السياق أوردَ نقاطاً من خلفيات الاعتقال/ الاحتجاز التي سجلها في النصف الأول من عام 2023، وقال إنَّ قوات النظام السوري استمرت في ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسويةً لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية معه، بينهم عدداً من الأشخاص العاملين سابقاً في صفوف فصائل المعارضة المسلحة، وتركَّزت هذه الاعتقالات في محافظات ريف دمشق ودرعا ودير الزور والرقة، وحصل معظمها ضمن أُطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش.
كما أشار التقرير إلى عمليات اعتقال/احتجاز متعددة استهدفت مدنيين جرت بهدف الابتزاز المادي لأسر المعتقلين من قبل الأفرع الأمنية، وتركزت هذه الاعتقالات في عدة محافظات سورية أبرزها ريف دمشق ودمشق وحلب وحمص وحماة، وبحق مدنيين تم إطلاق سراحهم في وقت سابق من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري.
وسجل التقرير عمليات اعتقال قامت بها عناصر قوات النظام السوري على الحدود السورية اللبنانية عند معبر المصنع الحدودي والأفرع الأمنية في مدينة دمشق، استهدفت اللاجئين السوريين الذين تم ترحيلهم قسرياً من لبنان بعد قيام الجيش اللبناني بحملات دهم واعتقال استهدفت اللاجئين السوريين، وترحيلهم إلى الحدود السورية اللبنانية، كما رصد عمليات اعتقال عشوائية موسعة بحق مواطنين لم تستثنِ الأطفال والنساء منهم، في محافظات ريف دمشق ودمشق وحمص وحلب، وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش، اعتقد التقرير أنها بناءً على تقارير أمنية كيدية، ومن بينهم مواطنون تم اعتقالهم بذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الاحتياطية. وسجل التقرير عمليات اعتقال قامت بها الأجهزة الأمنية بحق مدنيين لدى مراجعتهم مراكز الهجرة والجوازات في المحافظات الخاضعة لسيطرتها لاستخراج وثائق تتعلق بالسفر خارج البلاد، وعمليات اعتقال قامت بها مجموعات مرتبطة بالأجهزة الأمنية “غير رسمية تتبع وتعمل معها” استهدفت بشكل أساسي كوادر طبية وعاملين سابقين ضمن المنظمات الإنسانية، من بينهم أفراد من عائلة واحدة وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة درعا. كما رصد قيام عناصر قوات النظام السوري باعتقال وجهاء في مناطق عدة على خلفية دورهم في تقديم الخدمات في مناطقهم جراء تدهور الأوضاع الخدمية والمعيشية ونقدهم لسياسة مؤسسات تابعة للنظام السوري وتركزت في محافظة حمص.
وسجل التقرير عمليات اعتقال قامت بها الأجهزة الأمنية بحق مدنيين على خلفية انتقادهم واعتراضهم على توزيع المساعدات الإنسانية المخصصة لمتضرري وضحايا الزلزال الذي حدث في 6/ شباط/ 2023 لغير المتضررين أو سرقتها ونهبها من قبل مجموعات عسكرية تابعة لقوات النظام السوري وتصوير هذه العمليات ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. كما سجل عمليات اعتقال نفَّذها فرع الأمن الجنائي في محافظة اللاذقية، استهدفت مدنيين والناشطين الإعلاميين على خلفية انتقادهم للفساد والأوضاع المعيشية الصعبة في مناطق سيطرة النظام السوري وتم توجيه تهم عامة لهم مُرتبطة بقانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، والذي يقوم النظام السوري بموجبه باعتقال المواطنين والعاملين في مؤسساته على خلفية انتقادهم الفساد والأوضاع المعيشية الصعبة في مناطق سيطرته. وسجل أيضاً عمليات اعتقال/احتجاز متعددة استهدفت مدنيين لم تستثنِ النساء منهم على خلفية إجراء مكالمات هاتفية مع أقرباء لهم متواجدين في المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام السوري وتركزت هذه الاعتقالات في مدينتي دمشق وحماة.
وقد سجل التقرير في حزيران عمليات اعتقال قامت بها عناصر تنتمي لميليشيات/ قوات غير رسمية تتبع لقوات النظام السوري، استهدفت مدنيين أثناء مرورهم على نقاط تفتيش تابعة لها، وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة ريف دمشق. إضافةً إلى عمليات اعتقال متفرقة استهدفت مدنيين على خلفية تلقيهم حوالات مالية بالعملة الأجنبية (الدولار)، وذلك في عدة محافظات سورية أبرزها دمشق وحماة.
من جهةٍ أخرى سجل التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية في سياسة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري في حزيران والنصف الأول من عام 2023، ورصد حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت مدنيين بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش، بعض هذه الحملات جرى بمساندة مروحيات تابعة لقوات التحالف الدولي. كما رصد عمليات احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين لم تستثنِ النساء والأطفال منهم وذلك ضمن أُطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش على خلفية انتقادهم الأوضاع المعيشية والخدمية في المناطق الخاضعة لسيطرتها وتركَّزت هذه الاعتقالات في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، ورافقت هذه العمليات مصادرة مبالغ مالية وهواتف محمولة تعود ملكيتها للمحتجزين. وسجل التقرير عمليات احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين لدى عودتهم إلى منازلهم في المناطق الخاضعة لسيطرتها بعد تضرر أماكن إقامتهم في تركيا عقب حدوث الزلزال في 6/ شباط/ 2023. كما سجل عمليات احتجاز استهدفت عدداً من المدرسين وذلك بعد مشاركتهم في الإضراب الذي قاموا به للمطالبة بتحسين رواتبهم وإلغاء التجنيد الإجباري الذي تفرضه قوات سوريا الديمقراطية في مناطق سيطرتها. وسجل التقرير اختطاف قوات سوريا الديمقراطية أطفالاً بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها وتجنيدهم قسرياً، ومنعت عائلاتهم من التواصل معهم، ولم تصرح عن مصيرهم.
طبقاً للتقرير فقد شهدَ النصف الأول من العام 2023 عمليات احتجاز قامت بها هيئة تحرير الشام بحق مدنيين، تركَّزت في محافظة إدلب وشملت نشطاء إعلاميين وسياسيين، ومعظم هذه الاعتقالات حصلت على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، تمَّت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة. وسجل التقرير عمليات اعتقال/ احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين بتهمة الانتماء لتنظيم حراس الدين، وتركزت هذه الاعتقالات في قرية عرب سعيد بريف محافظة إدلب ورافقت عمليات الاعتقال تطويق القرية وفرض حظر للتجوال فيها لساعات عدة. كما سجل عمليات اعتقال موسعة قامت بها عناصر هيئة تحرير الشام استهدفت أشخاصاً مؤيدين أو منتسبين لحزب التحرير المناهض للهيئة وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية أو على نقاط تفتيش تابعة لها وتركزت هذه الاعتقالات في محافظتي إدلب وحلب.
مـن جهتهـا قامـت المعارضـة المسـلحة/ الجيـش الوطنـي بعمليـات احتجـاز تعسـفي وخطــف، حــدث معظمهــا بشــكل جماعــي، اســتهدفت قادميــن مــن مناطــق ســيطرة النظــام الســوري، كما رصد التقرير حــالات احتجــاز جــرت علــى خلفيــة عرقيـة وتركـزت فـي مناطـق سـيطرة المعارضـة المسـلحة/ الجيـش الوطنـي فـي محافظـة حلـب، وحـدث معظمهـا دون وجـود إذن قضائـي ودون مشـاركة جهـاز الشـرطة وهـو الجهـة الإدارية المخولـة بعمليـات الاعتقال والتوقيـف عبـر القضـاء، ودون توجيـه تهـم واضحة. كما سجل عمليات دهم واحتجاز شنَّتها عناصر في الجيش الوطني استهدفت مدنيين بتهمة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية. وسجل عمليات دهم واحتجاز استهدفت عدداً من المدنيين من قبل إحدى فصائل المعارضة المسلحة في مخيم الركبان الواقع على الحدود السورية – الأردنية شرق محافظة حمص، كما سجلنا عمليات اعتقال/ احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين أثناء توجههم للمشاركة في الاعتصام الذي أقيم أمام منزل الضحايا الذين قُتلوا إثر إطلاق عناصر من فصيل جيش الشرقية التابع للجيش الوطني السوري النار عليهم أثناء قيامهم بإشعال النيران ضمن احتفالية عيد النيروز في 20/ آذار/ 2023 في بلدة جنديرس التابعة لمدينة عفرين بريف محافظة حلب.
ورصد التقرير عمليات اعتقال استهدفت أعضاء في رابطة المستقلين الكرد السوريين قامت بها عناصر الشرطة العسكرية التابعة لقوات الجيش الوطني، كما سجل عمليات اعتقال قام بها الجيش الوطني استهدفت عدداً من العائدين لمناطق سيطرته ممن كانوا لاجئين في لبنان عقب ترحيلهم قسرياً منه.
عمليات الإفراج من مراكز الاحتجاز:
على صعيد الإفراجات، سجل التقرير في النصف الأول من عام 2023 إفراج النظام السوري عن 20 شخصاً بينهم سيدة من مُختلف السجون المدنية والعسكرية والأفرع الأمنية في المحافظات السورية، وكانت هذه الحالات مرتبطة بقانون العفو رقم 7/ 2022 الصادر عن النظام السوري في 30/ نيسان/ 2022، ورصد إخلاء قوات النظام السوري سبيل 61 شخصاً بينهم سيدة، معظمهم من محافظات ريف دمشق ودمشق وحلب ودرعا وإدلب، أفرج عنهم من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري في محافظة دمشق، وذلك بعد انتهاء أحكامهم التعسفية، ولم يرتبط الإفراج عنهم بقانون العفو رقم 7/2022، وكانوا قد قضوا في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري مدة وسطية تتراوح ما بين عام واحد وثلاثة أعوام. وسجل التقرير الإفراج عن 83 شخصاً بينهم طفلان، بعد مضي أيام قليلة أو أشهر على اعتقالهم، وذلك من دون أن يخضعوا لمحاكمات، وكان معظمهم من أبناء محافظات ريف دمشق ودرعا وحمص وحماة، أمضى جميع المفرج عنهم مدة احتجازهم ضمن الأفرع الأمنية. ولم يسجل التقرير أية إفراجات مرتبطة بمرسوم العفو الذي أصدره النظام السوري في 21/ كانون الأول/ 2022 المرسوم التشريعي رقم (24) لعام 2022.
وفي حزيران سجل التقرير إفراج قوات النظام السوري عن 3 أشخاص بينهم سيدة من مُختلف السجون المدنية والعسكرية والأفرع الأمنية في المحافظات السورية، وكانت هذه الحالات مرتبطة بقانون العفو رقم 7/ 2022 الصادر عن النظام السوري في 30/ نيسان/ 2022، ورصد إخلاء قوات النظام السوري سبيل 4 أشخاص من محافظتي ريف دمشق ودرعا، أفرج عنهم من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري في محافظة دمشق، وذلك بعد انتهاء أحكامهم التعسفية، ولم يرتبط الإفراج عنهم بقانون العفو رقم 7/2022، وكانوا قد قضوا في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري مدة وسطية تتراوح ما بين عام واحد وأربعة أعوام. وسجل التقرير الإفراج عن 8 أشخاص، بعد مضي أيام قليلة أو أشهر على اعتقالهم، وذلك من دون أن يخضعوا لمحاكمات، من أبناء محافظتي درعا وحماة، أمضى جميع المفرج عنهم مدة احتجازهم ضمن الأفرع الأمنية. ولم يسجل التقرير أية إفراجات مرتبطة بمرسوم العفو الذي أصدره النظام السوري في 21/ كانون الأول/ 2022 المرسوم التشريعي رقم (24) لعام 2022.
ووفقاً للتقرير فقد أفرجت قوات سوريا الديمقراطية في النصف الأول من عام 2023 عن 167 شخصاً، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، تراوحت مدة احتجازهم ما بين أيام أو أشهر عدة إلى أربعة أعوام، وكان معظمهم من أبناء محافظتي الحسكة ودير الزور، معظمهم أفرج عنهم بمناسبة مرور ذكرى احتفال عيد النيروز أو بعد وساطات عشائرية أو بعد انتهاء أحكامهم التعسفية. كما أفرجت قوات سوريا الديمقراطية في حزيران عن 46 شخصاً.
كما أفرجت هيئة تحرير الشام من مراكز الاحتجاز التابعة لها في محافظة إدلب عن 36 مدنياً، بينهم سيدتان وتراوحت مدة احتجازهم ما بين أيام عدة إلى عام واحد دون توجيه تهم واضحة لهم. وأفرجت هيئة تحرير الشام في حزيران عن 12 مدنياً.
وأفرجت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني في النصف الأول من عام 2023 عن 65 مدنياً، بينهم 7 أطفال و9 سيدات، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، بعد احتجازهم مدة تتراوح ما بين أيام عدة حتى ثلاث سنوات دون توجيه أي تهم واضحة لهم أو إخضاعهم لمحاكمات، وتم الإفراج عن معظمهم بعد ابتزاز عائلاتهم بدفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم، كما أفرجت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني في حزيران عن 8 مدنيين.
أبرز حالات وحوادث الاعتقال التَّعسفي/ الاحتجاز في النصف الأول من عام 2023:
سجَّل التقرير في النصف الأول من عام 2023 ما لا يقل عن 1047 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 43 طفلاً و37 سيدة، وقد تحول 869 منهم إلى مختفين قسرياً. كانت 501 منها على يد قوات النظام السوري بينهم 10 أطفال و16 سيدة، و257 بينهم 26 طفلاً و4 سيدات على يد قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية. فيما سجَّل التقرير 161 بينهم 5 أطفال و14 سيدة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و128 بينهم 3 سيدات و2 طفلاً على يد هيئة تحرير الشام.
واستعرض التَّقرير توزُّع حالات الاعتقال التعسفي/ الاحتجاز في النصف الأول من عام 2023 بحسب المحافظات، وأظهر تحليل البيانات أنَّ الحصيلة الأعلى منها كانت من نصيب محافظة حلب تليها ريف دمشق، ثم دمشق، ثم إدلب تلتها دير الزور تليها الحسكة ثم الرقة وتليها درعا.
أبرز حالات وحوادث الاعتقال التَّعسفي/ الاحتجاز في حزيران 2023:
وبحسب التقرير فقد وثق في حزيران ما لا يقل عن 184 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 3 أطفال و5 سيدات، وقد تحول 163 منهم إلى مختفين قسرياً. كانت 79 منها على يد قوات النظام السوري بينهم 2 سيدة، و37 بينهم 3 أطفال و1 سيدة على يد قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية. فيما سجَّل التقرير 27 بينهم 2 سيدة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و41 على يد هيئة تحرير الشام.
واستعرض التَّقرير توزُّع حالات الاعتقال التعسفي/ الاحتجاز في حزيران بحسب المحافظات، وأظهر تحليل البيانات أنَّ الحصيلة الأعلى منها كانت من نصيب محافظة حلب تليها إدلب تلتها ريف دمشق ودير الزور، ثم دمشق، ثم درعا تليها الرقة والحسكة.
ووفقاً للتقرير فإنَّ المعتقلين على خلفية المشاركة في الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا، وضمن أي نشاط كان سياسي، حقوقي، إعلامي، إغاثي، ومن يشابههم، فإن الأفرع الأمنية توجِّه إلى الغالبية العظمى من هؤلاء وتنتزع منهم تهماً متعددة تحت الإكراه والترهيب والتعذيب ويتم تدوين ذلك ضمن ضبوط، وتحال هذه الضبوط الأمنية إلى النيابة العامة، ومن ثم يتم تحويل الغالبية منهم إما إلى محكمة الإرهاب أو محكمة الميدان العسكرية. ولا تتحقق في هذه المحاكم أدنى شروط المحاكم العادلة، وهي أقرب إلى فرع عسكري أمني.
اعتبر التقرير أن قضية المعتقلين والمختفين قسراً من أهم القضايا الحقوقية، التي لم يحدث فيها أيُّ تقدم يُذكَر على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي خطة السيد كوفي عنان، وفي بيان وقف الأعمال العدائية في شباط 2016 وفي قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في كانون الأول 2015.
أكَّد التقرير أنَّ النظام السوري لم يفِ بأيٍّ من التزاماته في أيٍّ من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وبشكل خاص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسية، كما أنَّه أخلَّ بعدة مواد في الدستور السوري نفسه، فقد استمرَّ في توقيف مئات آلاف المعتقلين دونَ مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تُهم، وحظر عليهم توكيل محامٍ والزيارات العائلية، وتحوَّل قرابة 68 % من إجمالي المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
وأشار التقرير إلى أنَّ الأطراف الأخرى (قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام والمعارضة المسلحة/ الجيش الوطني) جميعها ملزمة بتطبيق أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد ارتكبت انتهاكات واسعة عبر عمليات الاعتقال والإخفاء القسري.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عنه رقم 2042 و2043، و2139.
وأكَّد التقرير على ضرورة تشكيل الأمم المتحدة والأطراف الضامنة لمحادثات أستانا لجنة خاصة حيادية لمراقبة حالات الإخفاء القسري، والتَّقدم في عملية الكشف عن مصير قرابة 102 ألف مختفٍ في سوريا، 85 % منهم لدى النظام السوري والبدء الفوري بالضَّغط على الأطراف جميعاً من أجل الكشف الفوري عن سجلات المعتقلين لديها، وفق جدول زمني، وفي تلك الأثناء لا بُدَّ منَ التَّصريح عن أماكن احتجازهم والسَّماح للمنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصَّليب الأحمر بزيارتهم مباشرة.
وشدَّد التقرير على ضرورة إطلاق سراح الأطفال والنِّساء والتَّوقف عن اتخاذ الأُسَر والأصدقاء رهائنَ حرب.
المصدر: الشبكة السورية لحقوق الانسان