نشرت مجلة “إيكونوميست” البريطاني تقريرا بعنوان “بنيامين نتنياهو تحت رحمة شركائه المتشددين في الائتلاف.. وليس له رأي يذكر في القرارات الكبرى في الحرب“، جاء فيه أن نتنياهو عاد ليواجه مسألة محاكمته بتهم الرشوة والاحتيال، بعد عودة المحاكم إلى العمل في 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بعد توقف دام شهرين بسبب الحرب في غزة.
ويطالب محامو نتنياهو الآن بتأجيل الجلسات، قائلين إنه ليس لديه الوقت للاستعداد، بسبب الحرب.
لكن هل يقود نتنياهو الحرب حقا؟ تتساءل المجلة، التي تنقل عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن القرارات الحربية يتخذها بشكل رئيسي وزير الدفاع يوآف غالانت، إلى جانب جنرالين سابقين آخرين، هما بيني غانتس وجادي آيزنكوت، زعيما حزب الوحدة الوطنية الوسطي، وقد انضم كلاهما إلى الحكومة بعد وقت قصير من هجوم “حماس” على مستوطنات غلاف غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، للعمل في حكومة حرب جديدة.
وتتخذ هذه المجموعة، التي تضم خمسة أعضاء، جميع القرارات الرئيسية المتعلقة بالحرب، لكن نتنياهو معزول إلى حد كبير داخلها.
ولم يكن غالانت، وهو عضو في حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء، يحب زعيمه كثيرًا منذ أن حاول نتنياهو إقالته دون جدوى في مارس/آذار الماضي.
وبحسب التقرير يشعر نتنياهو بالقلق من غانتس أيضًا، الذي يتقدم عليه بفارق كبير في استطلاعات الرأي، حيث قال ثلاثة أرباع الإسرائيليين مؤخرًا إنهم يريدون استقالة نتنياهو، إما على الفور أو بمجرد انتهاء الحرب.
وذكر التقرير أن الجنرالات الثلاثة السابقين في حكومة الحرب أقرب بكثير إلى نتنياهو من الجنرالات الحاليين في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذين حاول رئيس الوزراء إلقاء اللوم عليهم بالكامل في كارثة السابع من أكتوبر.
ويكشف التقرير أن من بين القرارات التي لم يمارس نتنياهو تأثيراً يذكر عليها، كان توقيت الهجوم البري الأخير في غزة.
وكان القرار الآخر هو قبول هدنة لمدة أسبوع مع “حماس” مقابل إطلاق سراح 110 رهائن، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين كبار.
محاصر داخل ائتلاف متشدد
وأكد التقرير أن نتنياهو محاصر داخل ائتلاف متشدد.
وأنه قبل الحرب، رفضت أحزاب الوسط الرئيسية الانضمام إلى حكومة يقودها رئيس وزراء يحاكم بتهمة الفساد.
لذا، قبل عام، عاد نتنياهو إلى السلطة بعد 18 شهرًا في المعارضة من خلال وضع نفسه تحت رحمة الأحزاب اليمينية المتطرفة لتشكيل الأغلبية، وهم الآن يحملون مصيره السياسي بين أيديهم.
ونتيجة لذلك، لا يتمتع نتنياهو بسلطة كبيرة على الميزانية، التي تسيطر عليها الأحزاب الدينية في ائتلافه، حيث خصصوا مليارات الشواكل لمستوطنات الضفة الغربية والمدارس الدينية اليهودية.
كما لا يستطيع نتنياهو أن يمنع سياسات يمينية أخرى، مثل إصدار تراخيص الأسلحة بالجملة من قبل وزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، الذي يقود حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف.
وبحسب التقرير يعني الشلل السياسي الذي يعاني منه نتنياهو أنه لا يستطيع التخطيط لما يجب فعله بغزة عندما يتوقف القتال.
ويريد الجناح المتطرف في ائتلافه إبقاء الجيش الإسرائيلي في المنطقة بشكل دائم.
لكن حليف إسرائيل الرئيسي، أمريكا، تريد أن تنسحب إسرائيل بالكامل للسماح للسلطة الفلسطينية التي أعيد تنشيطها بالسيطرة على الأمور.
لكن تحت ضغط من وزرائه اليمينيين المتطرفين، اضطر نتنياهو إلى استخدام حق النقض ضد التعاون مع السلطة الفلسطينية، والذي يحرمه وزير ماليته من الأموال.
ضعف سياسي
ولفت التقرير إلى أن نتنياهو كشف عن ضعفه السياسي بعدم قدرته على كبح جماح الوزراء الصغار الذين يدلون بتصريحات تحريضية ومدمرة.
ومن بين هؤلاء وزيرة الاستخبارات ذات اللقب الكبير (رغم أنها لا تتمتع بأي سلطة على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية)، التي دعت إلى إعادة توطين سكان غزة في مصر، ووزير التراث، التي فكرت في إسقاط قنبلة نووية على غزة.
وداخل حزب الليكود الحاكم، هناك حركات تمرد تجري على قدم وساق.
ويعتبر غالانت ونير بركات، وزير الأعمال ذو العقلية المستقلة، من بين أولئك الذين يعتقد أنهم يفكرون في التحديات التي تواجه القيادة.
لكن نتنياهو لا يزال يسيطر على حزبه وسيكون من الصعب إزاحته، كما جاء في التقرير.
حجب ثقة وأغلبية برلمانية
ويلفت التقرير أن هناك طريقتان لاستبدال رئيس الوزراء، الأول هو من خلال إجراء “حجب الثقة البناء” حيث تصوت أغلبية أعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) لاختيار رئيس وزراء جديد من بين أعضائها.
وربما تكون هناك أغلبية برلمانية قريبا ضد نتنياهو، لكن الكنيست المنقسم من غير المرجح أن يوافق على بديل.
والنتيجة الأكثر قبولاً، بمجرد تقليص حجم الحرب في غزة، هي الحل السريع للكنيست.
وفي هذه الحالة، سيتم إجراء الانتخابات الإسرائيلية السادسة في أقل من ست سنوات بحلول منتصف عام 2024.
لكن، وبشكل عام، يخلص التقرير للقول إنه “ستكون القضية الرئيسية على المحك هي بقاء نتنياهو السياسي”.
المصدر: “القدس العربي”
هل أصبح نتNياهو تحت رحمة رؤى شركائه بقرارات الحرب ؟ أم إنه سيتجاوزهم بإصراره المستمر على أهداف حربه المتوحشة على شعبنا في فلسطين/غزة ؟ لأن قضية بقاء نتNياهو السياسي هي الأساس ، فهل ستنتهي الحرب بنهايته ؟.