تحوّل تعذيب الأطفال في سورية إلى ظاهرة مقلقة يدفع ثمنها الصغار من صحتهم النفسية واستقرارهم، وسط مطالبات بسنّ قوانين رادعة، إلى جانب نشر الوعي بأهمية التربية السليمة وأساليب التأديب بعيداً عن كافة أشكال العنف.
وتكررت حوادث ضرب وتعنيف الأطفال من طرف ذويهم في مناطق النظام السوري، وآخرها ما وقع في مدينة الصنمين بريف درعا، إذ أقدم أب على ضرب أطفاله الثلاثة ضرباً مبرحاً بأنبوب بلاستيكي، وفق ما أوضح الناشط محمد الحوراني لـ”العربي الجديد”، وبرر الأب فعلته بسرقتهم أسلاكا كهربائية وبيعها، ثم لاذ بالفرار خارج سورية لتُكتشف القصة بعد وفاة أحد أطفاله جراء الضرب الشديد الذي تعرض له.
وحول تفاصيل الجريمة، أكد الحقوقي وعضو “تجمع أحرار حوران” الذي يضم مجموعة من الصحافيين والناشطين الإعلاميين في جنوب سورية، عاصم الزعبي، لـ”العربي الجديد”، أن الجريمة وقعت في شهر إبريل/نيسان الماضي، والطفل اسمه باسل العلي، تعرض للتعذيب من قبل والده وهو رقيب في الفرقة التاسعة التابعة لجيش النظام السوري، ونتيجة التعذيب والضرب على الرأس، تعرض الطفل لنزيف في الدماغ ونُقل إلى مشفى الصنمين، وبعد الحادثة هرب الأب إلى لبنان وعاد مؤخرا منذ حوالي 10 أيام، وكان متابعا من قبل أجهزة النظام الأمنية وتم القبض عليه.
وقال الزعبي إن “جرائم تعذيب الأطفال في سورية برزت خلال السنوات الأخيرة لعدة أسباب، منها تعاطي المواد المخدرة بين الرجال والنساء على حد سواء، وانتشار الفقر والجهل، والتفكك الأسري والانفلات الأمني”.
وأضاف “نحو 70 بالمائة من سورية باتت تحت سيطرة النظام الذي يدعي أن لديه أجهزة أمنية أو قضاء، لكن نلاحظ أنه لا يتم وضع حد للجرائم”، مطالباً بالمتابعة من قبل أجهزة مختصة منها الشرطة المدنية والأمن الجنائي، بالإضافة لإصدار أحكام قضائية حقيقية قادرة على ردع الناس بشكل استباقي عن هذا النوع من الجرائم”.
ووفق بيان وزارة الداخلية التابعة للنظام الصادر أمس الخميس، فإن الأب ضرب أطفاله بواسطة عصا وخرطوم مياه بشكل مبرح، ثم غادر درعا متوجها إلى دمشق، وبعدها اتصل به شقيقه الذي أعلمه أن طفله باسل أسعف وتوفي في المشفى بسبب الضرب الذي تعرض له، وعندها قرر الهروب خارج سورية بمساعدة صهره.
التعذيب حتى الموت
ومن جرائم تعذيب الأطفال حتى الموت، التي حدثت في مناطق سيطرة النظام السوري، الجريمة التي ارتكبت بحق الطفلة جنى عرب البالغة من العمر أربعة أعوام، والتي عذبت وضربت من قبل أمها وزوج أمها في حمص، ونقلت بعدها إلى مشفى “الباسل” بحي الزهراء في مدينة حمص، حيث ادعت والدتها أنها سقطت من مكان مرتفع وفق مواقع محلية موالية للنظام.
وفقاً للمصادر نفسها، وبعد متابعة شرطة المحافظة للجريمة التي وقعت في فبراير/ شباط 2022، وخضوع جثة الطفلة للكشف الطبي والتحقيقات مع الأم، اعترفت “دارين. ع”،وهي والدة الطفلة، بضربها وتعذيبها بالشراكة مع زوجها “أحمد.م”، الذي اعترف بضربها وإطفاء أعقاب السجائر بجسدها بشكل متكرر. وتبين أن سبب وفاة الطفلة نزيف دماغي نتيجة عنف شديد في الرأس”.
وجريمة قتل الطفلة جنى مشابهة للجريمة التي قتل فيها الطفل محمد كمال خباز، التي ارتكبت في يناير/ كانون الثاني، حيث قام أب، وهو عنصر في “ميليشيا الدفاع الوطني”، بتعذيب طفله البالغ من العمر 10 أعوام، وحقن جسده بحمض الكبريت المركز (الأسيد) وعذبه مدة يومين قبل أن يخنقه بيديه حتى الموت، وأرسل تسجيلات مصورة لوالدة الطفل، وسبب قتله هو خلاف مع والدته وهي طليقته على مصاغ من الذهب. وعثر على جثة الطفل بعد القبض على الأب بين قريتي خطاب والشير بريف حماة الشمالي.
وكان “تجمع أحرار حوران” وثق تفاصيل جريمة قتل وتعذيب الطفل محمد ذياب (12 عاما) في مدينة الصنمين من قبل والده، وذلك في فبراير/شباط، والطفل هو من ذوي الاحتياجات الخاصة، تعرض للضرب الشديد على بطنه ورأسه من قبل والده عبد الله ذياب، وذلك خلال حبسه لأيام داخل المنزل، وبعد وفاة الطفل، دفنه والده متسترا على الجريمة، وبعد ملاحظة الجيران آثار التعذيب التي تعرض لها الطفل، فضح أمر الأب الذي لاذ بالفرار”.
المصدر: العربي الجديد