نشرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية، تقريرا قالت فيه إن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتبع ذات الأساليب التي جربها في حربه ضد السوريين”.
وأشارت الصحيفة البريطانية في تقريرها الذي ترجمته “عربي21“، إلى أن “الأساليب الوحشية التي استخدمها بوتين في أوكرانيا خلقت الصدمة لدى الغرب، لكنها كانت معروفة ومألوفة لدى السوريين الذين لم يبدوا أي استغراب لما يحصل”.
وأوضح كاتب التقرير ريتش هول، أن روسيا عندما شنت غزوها الشامل ضد أوكرانيا في شباط/ فبراير الماضي، شعرت العواصم الغربية بالصدمة، أولا من الجرأة وثانيا من الوحشية التي استخدمت من قبل الجيش الروسي.
وأضاف: “لم يمض وقت طويل حتى بدأت القوات الروسية بقصف المدن الأوكرانية للسيطرة على مناطق في شرق وشمال- شرق البلاد”، مشيرا إلى أن “مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة سجلت مقتل 3.455 مدنيا في الشهر الأول من الحرب، معظمهم ماتوا جراء القصف المدفعي والصواريخ والغارات الجوية”.
ولفت إلى أن “فلاديمير بوتين تحول من شريك على المسرح العالمي إلى منبوذ في عيون الحكومات الأوروبية بعد غزوه لأوكرانيا”.
وأشار إلى أن “السوريين لم يبدوا أي استغراب من الأحداث التي ظهرت أمام ناظريهم في أوكرانيا”، منوها إلى أنهم “شاهدوا هذا النوع من الوحشية من قبل وفي بلدهم”.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن المدرس السوري عبد الكافي الحمدو، قوله إنه “شعر بالاستغراب والاستياء من صدمة العالم لما يجري في أوكرانيا”، مضيفا: “لماذا انصدموا؟ هل لأن البلد أوروبي”.
وأضاف الحمدو: “كانت سوريا مختبراً لكل هذه الأساليب، واليوم يستخدمونها في أوكرانيا”.
ونوه إلى أنه كان شاهدا على وحشية الهجمات الروسية عندما كانت عائلته تتلقى الضربات أثناء الحصار الروسي- السوري في مدينة حلب.
ولفت إلى أن مشاهدة الهجوم الروسي ضد أوكرانيا “مثل مشاهدة فيلم مرة أخرى”، مضيفا أن العيش تحت رحمة الجيش الروسي يعني العيش “في خوف دائم” و”التفكير الدائم بالتشرد والموت”.
وتابع: “في الحقيقة العيش في ظل القصف الروسي يعني أنه كلما فكرت أن المكان آمن كلما كان خطيرا جدا”.
وأوضح كاتب التقرير ريتش هول، أن الكثير من السوريين تحدثوا على مدى الأشهر الماضية حول التشابه بين الأساليب الروسية في أوكرانيا والتدخل بسوريا عام 2015.
وتدخلت روسيا في سوريا لدعم الديكتاتور بشار الأسد، وأسهمت في كسر الجمود لصالحه عبر استخدام القوة الجوية المدمرة في كل أنحاء البلاد.
وقالت منظمة “إيرورز” التي تحقق في الغارات الجوية على المدنيين في سوريا، إن “القصف الروسي خلال السنوات الست الماضية أدى لمقتل ما يقرب من 6.398 مدنيا”.
ويقول هول إن الوحشية الروسية في غزو أوكرانيا لم تكن السبب الرئيسي الذي أدى للمقارنة مع سوريا، بل أساليب بعينها استخدمها الروس، مثل التدمير الشامل لمناطق المدنيين واستهداف المنشآت الطبية والعاملين فيها، وأساليب الحصار والهجوم على الممرات الإنسانية، وكلها أساليب استخدمت في سوريا.
وتقول الولايات المتحدة، إن روسيا عينت الجنرال ألكسندر دوفرنيكوف لقيادة القوات الروسية في أوكرانيا، وهو نفسه الذي قاد القوات الروسية في العام الأول من التدخل في سوريا، ما بين أيلول/ سبتمبر 2015، وحزيران/ يونيو 2016.
من جانبه، قال المتطوع السابق في قوات الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، مجد خلف، إنه “شاهد العديد من الإشارات عن استخدام موسكو نفس الأساليب التي تبنتها في سوريا”.
وأشار إلى أنه عندما كان يتجول في تويتر قبل أيام، شاهد مسعفين يعالجون ضحية غارة جوية وحصلت غارة أخرى على نفس المكان، قائلا: “لقد شاهدت ضربة مزدوجة في أوكرانيا وذكرتني بما حدث في سوريا”.
وأضاف: “كانت هذه تعرف في سوريا بالضربة المزدوجة وأصبحت علامات على الغارات الجوية الروسية”.
ولفت إلى أنه حاول إيصال الفكرة للشعب الأوكراني لكي يحمي نفسه، حيث غرد قائلا: “يستهدفون المكان ثم ينتظرون حتى يأتي أول المسعفين لمساعدة المدنيين ثم تحضر مقاتلة إلى نفس المكان وتستهدفه مرة ثانية، لذلك يرجى منكم الحذر”.
وأردف: “اقتضى منا وقتا طويلا حتى نفهم هذه الأساليب”، مشيرا إلى أن دخول روسيا للحرب في سوريا ترك آثارا عميقة على المدنيين السوريين.
وأكد أنه “منذ غزو روسيا لسوريا تغير كل شيء، وكان للناس خياران، مثل ما يحدث في ماريوبول تماما، إما الموت في المدينة أو التهجير القسري”، منوها إلى أن “ما يفعله الروس في ماريوبول فعلوه في حلب”.
وفي 2020، قال محققو الأمم المتحدة، إن القوات الروسية شنت هجمات مزدوجة على سوق في 22 تموز/يوليو 2019 ما أدى لمقتل 43 مدنيا.
ونوه كاتب التقرير إلى أن “الطبيب السوري- الأمريكي زاهر سحلول، من بين القلة التي شاهدت أثر القصف الروسي على السوريين والأوكرانيين، وقام بزيارات لكل أنحاء سوريا ودرب أطباء محليين، وهو يفعل نفس الشيء في أوكرانيا”.
وبين أن “جزءا من التدريب الذي أجراه الطبيب في أوكرانيا، كان تعليم 200 طبيب أوكراني كيفية الرد على هجوم كيماوي، وهو أمر لم يحدث بعد في أوكرانيا لكنه حدث مئات المرات في سوريا”.
وزار سحلول في سوريا العيادات الطبية المقامة في المغاور تجنبا للغارات الروسية والحكومة السورية، حيث وثقت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، 244 هجوما كهذا في سوريا.
وفي عام 2019، كشف تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز” أن المقاتلات الروسية قصفت مستشفيات في 12 ساعة في أيار/مايو من ذلك العام.
وفي هذا الشهر، قالت منظمة الصحة العالمية إن هناك 70 شخصا قتلوا و53 جرحوا بسبب القصف الروسي لمنشآت طبية في أوكرانيا منذ الغزو.
وأكدت المنظمة أنها تأكدت من وقوع حوالي 147 هجوما على المنشآت الطبية بما فيها مستشفى بماريوبول.
من جانبه، قال الطبيب الأمريكي زاهر سحلول: “هذا مشابه لما حدث في سوريا، قصف المستشفيات واستهداف الأشخاص الذين يقدمون الرعاية الصحية والبنى التحتية” والهدف كما يقول هو إجبار المدنيين على النزوح وبأعداد كبيرة.
وأضاف: “حاصرت القوات الروسية ماريوبول في جنوب أوكرانيا عدة أسابيع، ولم تسمح للمدنيين بالمغادرة إلا في الفترة الماضية”.
ونوه إلى أن “الحصار يتسبب بمشاكل نفسية كثيرة ونقص في الطعام والمغذيات، كما لا يتمكن المرضى بأمراض غير مزمنة من شراء أدويتهم، والنساء الحوامل لا يستطعن الذهاب للمستشفيات ويعرضون حياتهم للخطر”.
وأردف: “نرى أن هذا يحدث في ماريوبول، وهذا بالطبع جريمة ضد الإنسانية عندما تعاقب السكان للسيطرة عليهم”.
وخلص كاتب المقال إلى أن “الفرق الوحيد الواضح بين سوريا وأوكرانيا، هو أن أوروبا وأمريكا حشدت العالم ضد بوتين عندما غزا أوكرانيا وفرضوا عليه عقوبات ولم يفعلوا نفس الشيء مع سوريا”.
المصدر: عربي21