دخل الاتفاق المبدئي الجديد بين قوات سوريا الديموقراطية (قسد) والنظام السوري في محافظتي الحسكة وحلب حيز التنفيذ ليل الأحد ، بعدما أزيلت آخر الحواجز الأمنية وفتحت الطرق في محيط مطار القامشلي ومربعات النظام الأمنية.
عودة الأمور لسابق عهدها
ومن المفترض أن تشهد كل من القامشلي والحسكة عودة طبيعية للموظفين بعد انقطاع دام لأكثر من أسبوع، وفي المقابل خفضت الفرقة الرابعة من انتشارها في محيط مناطق “ٌقسد” بحلب، وسمحت بدخول شحنات متنوعة من الأغذية والمحروقات إلى المناطق المحاصرة.
وقالت مصادر في القامشلي ل”المدن”، إن “قسد أزالت الحواجز والكتل الإسمنتية على المداخل الرئيسية المؤدية إلى المربع الأمني ودوار السبع بحرات ومجمع الأجهزة الأمنية وشارعي القوتلي ومعهد هانزا وصولاً إلى حي السياحي وسط مدينة القامشلي، وعادت الحركة المرورية خلال ساعات الليل إلى ما كانت عليه قبل التوتر”.
وأوضحت المصادر أن “قسد اتخذت إجراءات أمنية لخفض التوتر بموجب الاتفاق، وهي إنهاء حالة التأهب الأمني لقوى الأمن الداخلي، وفتح جميع الطرق المؤدية إلى مطار القامشلي الذي يضم أكبر قاعدة تمركز للقوات الروسية في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا”. كما أوعزت قسد لجميع حواجزها المنتشرة على الطرق الواصلة بمنطقة الحقول النفطية بتسهيل حركة مرور صهاريج القاطرجي التي تنقل المحروقات إلى مناطق النظام.
وأضافت المصادر أن “الدوائر الحكومية التابعة للنظام في القامشلي فتحت أبوابها للعمل مجدداً صباح الاثنين، وعاد عناصر الفروع الأمنية إلى مقراتهم وثكناتهم التي انسحبوا منها قبل أيام لصالح قسد، ومن المفترض أن يستقبل فرن البعث وباقي المخابز التي كنت قسد قد منعت العمل فيها، كميات جيدة من الطحين لتستأنف عملها مجدداً”.
الفرقة الرابعة باقية
أما في حلب فقد سمحت الفرقة الرابعة بدخول شحنات من الطحين والمحروقات إلى مناطق سيطرة “قسد” في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، كما سمحت بمرور شحنات مشابهة نقلها الهلال الأحمر الكردي إلى مناطق الشهباء في ريف حلب الشمالي. كما خفضت الرابعة من الإجراءات الأمنية المشددة التي كانت تفرضها على المداخل الرئيسية، وخفضت مستوى انتشارها العسكري.
ويبدو أن القوات الروسية نجحت بالفعل بالضغط على “قسد” وأرغمتها على القبول بالاتفاق مع النظام والتخلي عن شروطها ومطالبها التي رفعتها خلال جلسة المفاوضات الأولى في 13 نيسان/أبريل، وعلى رأسها إقالة محافظ الحسكة اللواء غسان خليل.
وفي الجولة الثانية التي عقدت في مطار القامشلي مؤخراً ونتج عنها الاتفاق الأخير، والتي كانت بإشراف مباشر من قائد القوات الروسية في قاعدة “حميميم”، تخلت “قسد” عن معظم مطالبها وقدمت مطلباً آخر، وهو سحب قوات الفرقة الرابعة من محيط مناطق سيطرتها في حلب واستبدالها بتشكيلات أخرى من قوات النظام، وهو البند الذي رفضه النظام لكن وعد بتنفيذه قائد حميميم وذلك على مراحل خلال النصف الثاني من العام 2022.
عودة التصعبد واردة
وقال المتحدث الرسمي باسم تيار “المستقبل” الكردي في سوريا علي تمي إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين “قسد” والنظام ما زال هشاً ولم تطبق جميع بنوده حتى الآن. وأضاف أنه برغم الدور الروسي البارز في الاتفاق الأخير إلا أن احتمالات عودة التوتر والتصعيد بين الطرفين واردة جداً.
وأوضحت تمي ل”المدن”، أن “قسد رضخت مكرهة وقبلت بالاتفاق بسبب التهديدات الروسية المباشرة، والتي تلخصت في التهديد بانسحاب القوات الروسية من منطقة التماس مع المعارضة، والطريق إم-4 شمال شرقي سوريا، ومن منطقة تل رفعت شمالي حلب، وهددت بوقف العمل بمقررات اتفاق سوتشي مع تركيا الذي جرى توقيعه بعد العملية العسكرية التركية “نبع السلام” في العام 2019، ومنح الأخيرة والفصائل المعارضة المتحالفة معها ضوءاً أخضر لكي تتقدم نحو منطقتي تل تمر في الحسكة وعين عيسى شمال الرقة”.
وأشار إلى أن “المعطيات الميدانية والسياسية تشير إلى أن هناك تفاهماً روسياً تركياً يلوح بالأفق في مناطق سيطرة قسد، وبموجب التفاهم المفترض قد يتقدم الجيش التركي والمعارضة نحو مناطق جديدة على حساب قسد، وكما نرى أن هناك جاهزية من جانب المعارضة وتركيا لاقتناص فرصة كهذه، ويبدو أن قسد تعول على دور أميركي يمنع مثل هذا السيناريو”.
وقال تمي إن “النظام وروسيا يخشيان من تقارب أميركي-تركي بعد تسريب معلومات عن عرض أميركي لدمج مناطق قسد والمعارضة في منطقة إدارية موحدة، أو على الأقل عزلها عن النظام وجعلها منطقة شبه موحدة بحدود مفتوحة”. وأضاف أن “التحركات الروسية الاخيرة في شرق الفرات ومساعيها في إنهاء التوتر بين النظام وقسد توحي بأنها على علم بهذا العرض ولا تريد له أن يتحقق”. وتابع: “على الأقل لا تريد روسيا لمناطق شمال غرب سوريا أن تُفتح على شرقها في الوقت الحالي”.
المصدر: المدن