فقدنا وفقدت الوطنية السورية، كما فقد التيار العروبي في سورية، رجلًا من أكثر الرجال تمسكًا بالمبادئ، وهو الذي نذر نفسه للعمل الوطني والعروبي، ولقضايا الوطن والأمة، لم يهن يومًا في مقارعة الاستبداد، ولم تلن عزيمته، كان الأخ والصديق، وكان المثقف العضوي، والأديب الشاعر، الذي فاضت قريحته وحتى آخر يوم في حياته، بالكثير من الأشعار التي تتغنى بالوطن والعروبة، كان أبو تمام / الأستاذ محمد علي الحايك مثالًا يحتذى للرجل الرجل، الذي يضحي من أجل الآخرين، ويقدم ما يمكنه من أجل قضية الحرية والديمقراطية والكرامة الوطنية، كان شفافًا رقيق القلب، كم وكم ذرفت الدموع من مقلتيه وهو يهاتفني، متشوقًا لعودة أبناء الوطن، حزينًا على ماحل بالوطن السوري، بعد أن هاجره خيرة أبنائه، جراء القهر الأسدي والتهجير القسري، وكم كان متفاعلا ومتأثرًا بعدما عرف باعتقالي، وما عانيت وقاسيت.
(أبو تمام) لم يكن مثله الكثير، شغفه الدائم لنصرة الأمة، ومجدها، وإقامة دولة العدل والحرية، كان همًا دائمًا له، وهو الذي كانت تقطر حروفه التي كتب ويكتب عبرها حبًا وعشقًا للوطن وللأمة، وهو الذي صدرت له الكثير من المجموعات الشعرية، في حب الوطن والأمة، من عناقيد بلون الحب، إلى سيدة المعاني، إلى حريتي وطني، إلى الكثير الكثير من شعره الذي لا ينضب ولا يموت.
بفقدان (أبو تمام) نكون قد خسرنا رجلًا شامخًا لا يعوض، وإنسانًا صادقًا حرًا، لا يوازيه أي إنسان، وأديبًا متمكنًا، لا يضاهيه في ذلك أحد. رحل (أبو تمام) وترك بلدته الوديعة (منين) تبكيه وهي تودع قامة وطنية قل مثيلها. فمن للشعر بعدك في منين يا أبا تمام، ومن للأناقة واللطافة والصداقة والإخلاص من بعدك يا أخي الغالي.
الأستاذ عبد الرحيم خليفة صديق الراحل يقول عنه: “عرفت الراحل الكبير مناضلًا في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، وعملنا سويًا، لعدة سنوات، في مكتبه الاعلامي برفقة أخوة مناضلين منهم من استشهد كالأخ محمد فليطاني (أبو عدنان) والأخ صفوان عاقل (أبو محمد) والمغيب رجاء الناصر (أبو طلال)، ومنهم من مات قهرًا وكمداً كالأخ محمد جبر المسالمة (أبو فادي)، وكثيراً ما تعلمنا واستفدنا من ملاحظاته وخصوصًا ما يتعلق منها بقواعد اللغة العربية التي أتقنها ببراعة.
راحلنا الأخ محمد علي حايك جمع بين السياسة والأدب، حيث كان كما هو معروف شاعراً متميزاً، فامتزجت في شخصيته صفات عديدة نبيلة، تتلخص في الوطنية والالتزام، الرقي الإنساني والتهذيب، ودماثة الأخلاق وحسن الطوية.
امتدت علاقتي به وتوطدت خلال السنوات التي أعقبت مغادرتي لسورية وحتى رحيله، على المستوى الشخصي والانساني، وخارج إطار العمل الحزبي، لطبيعة شخصيته الودودة والجاذبة والوفية. محمد علي الحايك، أبو تمام، رحمه الله، من الشخصيات التي تبقى في الذاكرة والوجدان، وعصية على النسيان.
برحيله نفقد أخًا وصديقًا وأديبًا ومناضلاً وطنيًا سعى طوال حياته لتحقيق الديمقراطية وقيم العدل والخير في مواجهة الاستبداد والظلم والتعسف والقبح. إلى جنان الخلد والنعيم مع شهدائنا وإخوتنا وكل من رحلوا وقد أضنتهم أحلامهم.”
الأستاذ محمد عمر كرداس / أبو محمود قال عن الراحل:” كان أخًا وصديقًا وشاعرًا قوميًا وكنا زملاء في إعلام الحزب. رحم الله أبا تمام كان من القابضين على الجمر، وقد انقطع ما بيننا بعد تشردنا”.
أما الأستاذ مروان غازي فقد قال:” أبو تمام محمد علي الحايك اسم كبير في عالم الوطنية والالتزام القومي وخاصة في مناصرته لقضية الأمة العربية المركزية فلسطين. وهو من المدافعين عن حق الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين كل فلسطين ومن أجلها كانت له اسهاماته الكثيرة شعرًا وقولاً وعملاً. له الكثير من القصائد الشعرية وكذلك في المقالة الصحفية التي تشرح الحق العربي في فلسطين وتدعو لمناصرة الإخوة الفلسطينيين في قضيتهم وقضيتنا في التراب الفلسطيني وخاصة القدس الشريف. ولم ينحصر نشاطه بدعم القضية الفلسطينية قولًا بل إنه كان من مؤسسي الجمعية الأهلية لمناهضة الصهيونية ونصرة شعب فلسطين. ولم يقتصر همه الوطني على فلسطين بل كان همه القومي على كل الساحات العربية ومتابعًا لكل الأحداث التي تمر بها بدءً من حصار العراق والغزو الأميركي له ومشاركته بكافة الفاعليات الوطنية التي تؤيد الشعب العراقي بمواجهة الغزو الغربي له تحت حجج واهية اثبتت الأيام كذب الادعاء والافتراء على العراق من أجل نهب خيراته وتدمير حضارته المشرفة، التي كاد أن يصل إلى ذروتها.
كان المرحوم أبو تمام عاشقًا للوحدة العربية ومن الملتزمين بالمنهج الناصري لإنجاز هذه الوحدة ومن هنا كان التزامه بالاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي الذي تأسس من أجل إعادة الجمهورية العربية المتحدة التي شكلت وما تزال الحلم الحي لكل الوطنيين العرب من الشرق إلى الغرب. من عرف أبو تمام عرف الرجل الهادئ ذو الفكر الناضج والكلمة المعبرة والصلابة بالموقف والتأني بالحوار والمخاطبة. تحية إلى روحك الطاهرة يا صديق الدرب، ونعاهدك على متابعة خطاك على الدعوة للوحدة طريقًا إلى تحرير فلسطين”.
الأديب السوري الأستاذ أسامة الحويج العمر قال:” عندما تعرفت إلى الشاعر والصديق محمد علي الحايك رحمه الله منذ سنوات عديدة، أثناء جلسة جمعتنا مع عدد من الأصدقاء الصحفيين والكتاب ، لفت نظري بدماثته البالغة وثقافته الواسعة في شتى مجالات الفكر، وبخاصة في مجال الشعر والأدب، كان ينضح أثناء حديثه بمشاعر العشق للوطن، والعشق للحرية وللكرامة الإنسانية، التي سلبت من المواطن السوري على مدى سنوات طويلة، لكنه وعلى الرغم من ذلك كان متفائلًا مؤمنًا إيمانًا راسخًا بأن الحرية التي يستحقها جميع الناس لابد أن تعود بخطوات قوية واثقة لتؤسس لنظام ديمقراطي تعددي يحترم الجميع ويضع القانون تاجًا رائعًا فوق الجميع، لتسود العدالة الاجتماعية ويختفي الظلم والطغيان، رحمك الله يا أيها الشاعر المبدع والإنسان الحق في زمن كثر فيه الشياطين الذين يتخفون بثياب الإنسانية المزيفة”.
أما الأخ يوسف الغوش / أبو عماد فقال عنه: ” في خبر محزن ومؤسف توفي أمس الأخ محمد علي الحايك أبو تمام الشاعر الحر.. المعارض المثابر.. الوطني بنضاله.. العروبي بانتمائه. رحل وقلبه المثخن بالحب والوجع لشعبه وأمته وهو بين آمال وآلام حيث أدرك نهوض الشعوب في ربيعها العربي وهروب بعض طغاتها وكأن ساعة التغيير دقت وأحلام نضال العمر أزفت.. إلا ان الآلام سرعان ما أضنت قلبك التعب.. استدرك عتات الطغيان إجرامهم والتفوا على الحلم فاصفر الربيع وتساقطت أزهاره في سورية ومصر وليبيا واليمن وغيرها وانتشرت برك الدماء وتمزقت البلاد وبقي ينخر فيها الفساد والاقصاء والظلم والتخلف والارهاب في وجوه وأهوال متجددة وتحلقت لافتراس الأمة وأجزائها.. ذئاب العالم.. رحمك الله أبا تمام رحلت وبقيت الشعوب وبقي حلمك وحلمنا بالحرية والعدالة والوحدة.. نتناقله جيلًا من بعد جيل حتى ينتصر الحق لأنه حق”.