استلم القيادة العامة لـ”حركة أحرار الشام” في سوريا سبعة أشخاص منذ تأسيسها في 2011، خمسة منهم كانوا معتقلين سابقين في سجن صيدنايا العسكري بريف العاصمة دمشق، والذي يحتجز فيه سياسيون وإسلاميون معارضون للنظام السوري.
وأعلنت “الحركة” أمس، السبت 9 من كانون الثاني، عبر موقعها الرسمي تعيين عامر الشيخ، الملقب بـ”أبو عبيدة قطنا” قائدًا عامًا، بعد خلافات داخلية شهدتها الحركة منذ تشرين الأول الماضي، ليكون الشيخ القائد العام السابع للحركة.
وذكر بيان “الحركة” أن الشيخ من مواليد دمشق 1985، درس في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية في جامعة دمشق، وكان سابقًا من “المجتهدين في تحصيل العلوم الشرعية”.
واعتقل في 2004 واستمر في السجن لسبع سنوات، التقى خلالها بمعظم قيادات ومؤسسي الحركة، الذين قتل معظمهم في تفجير رام حمدان بريف إدلب في 9 من أيلول 2014.
وكان الشيخ من مؤسسي كتائب “أحرار الشام” في دمشق وريفها، والتي انضمت لاحقًا إلى الحركة.
وتولى قيادة قطاع الغوطة الغربية للحركة بريف دمشق، ثم قائدًا لدرعا في 1 من كانون الثاني 2015، لينتقل إلى الشمال السوري لاحقًا ويعين قائدًا عامًا لمنطقة عفرين (عمليات غصن الزيتون)، وأخيرًا قائدًا عامًا للحركة.
أربعة قادة خرجوا من صيدنايا
قاد “حركة أحرار الشام” منذ تأسيسها حسان عبود 2011 حتى أيلول 2014، وهو من المؤسسين الأوائل ومعتقل سابق في صيدنايا.
ثم خلفه هاشم الشيخ، المعروف بـ”أبو جابر”، من أيلول 2014 حتى أيلول 2015، وهو معتقل سابق في صيدنايا.
واستلم مهند المصري (أبو يحيى الغاب/ أبو يحيى الحموي)، في أيلول 2014 وهو من معتقلي صيدنايا، وانتهت فترة ولايته بتوترات وانقسام ضمن الحركة، ليستلم علي العمر في تشرين الثاني 2016 حتى مطلع 2017.
ثم جاء حسن صوفان، المعتقل السابق في صيدنايا، وانتهت ولايته بتقديم الاستقالة، ليخلفه جابر علي باشا، ثم عمار الشيخ.
يعتبر صوفان آخر الخارجين من سجن صيدنايا من بين قادة الحركة، إذ فرج عنه بصفقة تبادل أواخر 2016، فيما خرج حسان عبود وهاشم الشيخ والمصري وعامر الشيخ من السجن بمرسوم عفو أصدره رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بعد بداية الثورة في 2011.
وخرج حينها عشرات المعتقلين السياسيين والأمنيين من السجن، ويعتقد أن أسباب ذلك القرار يقين النظام بأنهم سيجدون طريقهم إلى قيادة الحراك الشعبي بخلفيات متشددة، ما سيسهل عليه محاربتهم بذريعة الإرهاب والتطرف.
قائدان في الحركة ليسا معتقلين سابقين في صيدنايا
في تشرين الثاني 2016، تولى قيادة الحركة المهندس علي العمر، وهو رابع قائد للحركة، بعد حسان عبود وهاشم الشيخ ومهند المصري، والأول الذي لم يكن من معتقلي صيدنايا.
عاش العمر حياته في العراق بعد نزوحه لها في أحداث “الإخوان المسلمين” في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وعمل في صفوف المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي في عام 2003، ثم انتقل مع عائلته إلى اليمن، وانضم هناك إلى تنظيم “القاعدة”، قبل العودة إلى سوريا، إذ التحق بفصيل “صقور الشام” في الشمال السوري عام 2013.
وجاء تعيين جابر علي باشا في 16 من آب 2018، وهو القائد الثاني غير المعتقل سابقًا في صيدنايا، والذي شغل منصب نائب علي العمر في فترة توليه للقيادة، إلى جانب القيادي أنس نجيب.
ينحدر جابر علي باشا من مدينة بنش عام 1984، ويحمل الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق.
وشهدت أواخر فترة ولايته انقسامًا داخليًا في الحركة، نتيجة خلاف القيادة العامة برئاسته والقيادة العسكرية التي مثلها لاحقًا حسن صوفان.
سجن صيدنايا “المسلخ البشري”
ووثقت منظمة العفو الدولية، في تقرير تحت عنوان “المسلخ البشري”، نشرته في شباط 2017، إعدامات جماعية بطرق مختلفة نفذها النظام السوري بحق 13 ألف معتقل في سجن “صيدنايا”، أغلبيتهم من المدنيين المعارضين، بين عامي 2011 و2015.
وأوضحت المنظمة أن الإعدامات جرت أسبوعيًا أو ربما مرتين في الأسبوع، بشكل سري، واقتيدت خلالها مجموعات تضم أحيانًا 50 شخصًا إلى خارج زنزاناتهم، وشُنقوا حتى الموت.
واستند تقرير المنظمة، الذي جاء في 52 صفحة، إلى تحقيق معمّق أجرته على مدار عام كامل، وتضمن مقابلات وشهادات لـ84 شخصًا، بينهم حراس سابقون في السجن، ومسؤولون ومعتقلون وقضاة ومحامون، إضافة إلى خبراء محليين ودوليين.
ووجهت المنظمة الاتهام إلى النظام واصفة سجن “صيدنايا” العسكري بأنه “المكان الذي تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء”.
كما اعتبرت في تقريرها أن الممارسات السابقة “ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، مؤكدة أنها “مستمرة على الأرجح في السجون داخل سوريا”.
يتبع سجن صيدنايا لوزارة الدفاع، وتديره الشرطة العسكرية تحت إشراف مباشر، والاسم الرسمي له “السجن العسكري الأول”، استقبل أول معتقليه في أيلول 1987، حسب “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”.
وتتولى حراسة السجن شعبة الاستخبارات العسكرية، ومن الخارج سرية من “الفرقة الخامسة- ميكا”، مصحوبة بدبابات وناقلات جند وبعض الأسلحة المتوسطة، ومن الداخل سرية من الشرطة العسكرية.
المصدر: عنب بلدي