أنهت الوفود التقنية التركية والروسية اجتماعات استمرت ليومين احتضنتها العاصمة أنقرة، بهدف نقاش المسائل الخلافية التي اعترضت الطرفين مؤخراً في الملفين السوري والليبي.
وكشفت المعلومات التي رشحت عن لقاء الجانبين عن توجه روسي للدمج بين الملفات المتعددة، بهدف تحصيل أعلى قدر ممكن من المكاسب، في ظل مساعٍ تركية للفصل بين الملفات المشتركة.
أبرز نقاط الخلاف
تتمسك تركيا بالعودة إلى اتفاق “سوتشي” الذي جرى توقيعه بين الجانبين الروسي والتركي في أواخر عام 2018، وهذا يقتضي أنه على قوات النظام الانسحاب من مناطق عديدة دخلتها بعد توقيع الاتفاق عن طريق العمليات العسكرية، وتمتد من بلدة “مورك” شمال حماة، حتى منطقة سراقب شمال شرقي إدلب، في حين أن روسيا تدفع باتجاه تثبيت أمر واقع والتحول إلى نقاش مستقبل المنطقة التي لا تزال تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية.
بل ذهبت روسيا أبعد من ذلك وباتت تطالب تركيا بتخفيض حجم قواتها في شمال غربي سوريا، والمطالبة بخفض حجم القوات التي دخلت بقرار تركي دون توافق بين الجانبين.
وتعارض أنقرة استكمال فتح الطريقين الدوليين حلب – اللاذقية M4 وحلب – دمشق M5 ، إلا في حال التوصل إلى تفاهم شامل بما فيه اعتماد “سوتشي” ومخرجاته ومناطقه الجغرافية كمرجعية للعمل.
وطلبت أنقرة من موسكو الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بمنطقة شمال شرقي سوريا بما يخص إبعاد “التنظيمات الإرهابية” عن الشريط الحدودي مع تركيا، بمنطقتي “منبج” و “تل رفعت” الواقعتين فعلياً تحت النفوذ الروسي.
عرض روسي لتركيا
أفادت مصادر مطلعة على المباحثات لموقع “تلفزيون سوريا” أن الوفد الروسي عرض على نظيره التركي سحب القوات التركية المتمركزة ضمن المنطقة الممتدة من “مورك” بريف حماة إلى “سراقب” بريف إدلب، وكذلك النقاط العسكرية المنتشرة جنوب طريق M4، مقابل تقاسم النفوذ مع تركيا في حوض سرت الليبي.
وتحدثت وسائل إعلام تركية عن رفض تركي لهذا العرض، والتأكيد على ضرورة نقاش كل ملف من الملفات بشكل منفصل، مبررة طلبها بأن ذلك سيسهل الوصول إلى توافقات.
وتعمل روسيا على استغلال الاهتمام التركي الكبير بمنطقة “حوض سرت” الغنية بالثروات الباطنية، والتي تدخل ضمن الاتفاق الذي عقدته تركيا مع حكومة الوفاق الليبية حول ترسيم الحدود البحرية.
وتنتشر ميليشيات “فاغنر” المرتبطة بوزارة الدفاع الروسية في كل من “حوض سرت” ومنطقة “الجفرة” والهلال النفطي الليبي، حيث نصبت الميليشيا هناك منظومات دفاع جوي من طراز “بانتسير1” و “إس 300″، الأمر الذي أعاق تقدم حكومة الوفاق الليبية بدعم تركيا، بعد أن أصبحت على مشارف مدينة سرت.
واستقدمت روسيا في وقت سابق أكثر من 15 طائرة حربية من طرازات مختلفة ونشرتها في قاعدة “الجفرة” الليبية وسط البلاد، في خطوة تهدف إلى تعزيز النفوذ الروسي.
الخيارات التركية
من غير المرجح أن تقبل تركيا بفكرة سحب كامل قواتها إلى المنطقة الواقعة شمال طريق M4 في محافظة إدلب، لأن من شأن ذلك أن يضعف التأثير التركي في المشهد السوري، فالموافقة على مثل هذا المقترح سيعني حصر انتشار القوات التركية في شمال غربي سوريا بحزام يصل عمقه إلى 35 كيلومتراً فقط.
ومن المحتمل أن توافق تركيا على المطلب الروسي بشكل جزئي، وذلك من خلال انسحاب النقاط المتمركزة في المنطقة الممتدة من “مورك” إلى “سراقب”، كاستجابة لفكرة تثبيت الأمر الواقع، لكن دون التفريط بمناطق النفوذ الأخرى الممتدة من جبل الزاوية جنوب إدلب حتى شمال المحافظة.
وتدرك أنقرة تماماً أن ملف “حوض سرت” لم يعد بيد روسيا فقط بسبب تعدد اللاعبين الدوليين والإقليميين المؤثرين في تلك البقعة الجغرافية وعلى رأسها مصر، بالتالي فمن غير المؤكد أن تستطيع روسيا تلبية المطالب التركية في سرت.
واتجهت أنقرة مؤخراً إلى جانب لاعبين دوليين آخرين لدعم الحوار بين الأطراف الليبية المتمثلة ببرلمان طبرق وحكومة الوفاق، بهدف حل النزاع القائم وصولاً إلى حكومة ليبية موحدة، ومن غير المتوقع أن تعود للتحرك بنهج ثنائي بينها وبين روسيا فقط، خاصة أنها أبدت موافقتها على الوساطة الألمانية التي تقترح جعل “سرت” منطقة منزوعة السلاح، إذ إن الوساطة الألمانية تمتد إلى المنطقة البحرية المتنازع عليها مع اليونان أيضاً.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا