بعد مرور أكثر من أسبوع على بداية الكارثة، ألقت سلطات النظام القبض على عدد من الأشخاص بتهمة التسبب باندلاع الحرائق الأخيرة في المناطق الحرجية شمال غرب سوريا.
وأقرّت وزارة الزراعة بأن بعض الحرائق التي اندلعت في محمية صلنفة في ريف اللاذقية، ومنطقة الغاب، وكذلك حريق بيرة الجرد في منطقة ريف مصياف، كانت متعمدة. فيما قالت إن التحقيقات جارية لكشف ملابسات حريق منطقة عين حلاقيم بأقصى ريف مصياف الجنوبي.
وقال إن الحريق الذي اندلع في منطقة عين الكروم بريف حماه الغربي كان بفعل فاعل، مضيفة أن التحقيقات أسفرت عن توقيف ثلاثة أشخاص مشتبه بهم، كما تمت مصادرة خمس سيارات تنقل الأخشاب في الناحية كانت قادمة من مناطق أخرى وفيها سبعة أشخاص، تم تنظيم المخالفات بحقهم وتوقيفهم، والتحقيقات جارية معهم حتى الآن.
وبينما كانت الوزارة تسعى من خلال هذا الإعلان للتخفيف من حدة الغضب الشعبي الذي تفاقم بعد إعلان وزير الزراعة السبت أن الحرائق غير متعمدة، وأن سببها كلها قيام أحد المواطنين بحرق الأعشاب في حقله، رغم عدم اتصال المناطق التي اشتعلت فيها النيران، وبالتالي تزامن حرائق عديدة في لحظة واحدة، إلا أن اتهام مجموعة من الحطابين بالتسبب بالكارثة الأخيرة زاد من حدة ردود الفعل تجاه تقرير وزارة الزراعة.
وهاجم مؤيدو النظام ما خلص إليه البيان، بينما أكد آخرون أنه أمر كان متوقعاً بسبب عدم قدرة الوزارة أو أي سلطة أخرى في البلد على توجيه الاتهام للفاعلين والمستفيدين الحقيقيين من حرائق الغابات التي تتكرر في سوريا كل عام تقريباً.
وعادة ما تتردد أسماء عدد من أقارب رئيس النظام بشار الأسد وكبار ضباط المخابرات بين السوريين، في كل مرة تقع فيها مثل هذه الحوادث، لكن الشك بوجود مصلحة روسية في الحرائق الأخيرة كان حاضراً وبقوة، خاصة وأن النيران تركزت في المناطق المحيطة بقاعدتها الرئيسية في حميميم بريف اللاذقية، وهي منطقة سياحية بامتياز، ويقول البعض إنها ضمن أهداف شركات الاستثمار الروسية.
وبينما اكتفت وزارة الزراعة بالقول إن حريقاً واحداً فقط كان بفعل فاعل، ادعت أنه “في ما يخص حريق محمية الشوح بريف اللاذقية الشرقي، والذي انتقلت نيرانه إلى الجانب الآخر من السلسلة الجبلية، ووصلت إلى المنطقة الحرجية في سهل الغاب الشمالي، والتهمت مساحات شاسعة، فقد أظهرت التحقيقات أنه حدث نتيجة إهمال أحد المواطنين في منتزه المحمية، حيث قام بإشعال النار في حقله ولم يستطع السيطرة عليها”.
وبالنسبة للحريق الثالث في جبل الشيخ زيتون في ريف مصياف، قال البيان إن “التحقيقات أظهرت أن سببه قيام أحد المواطنين بحرق بقايا مخلفات زراعية في أرضه، ما تسبب بانتقال النار إلى الأحراج”.
وكانت سلسلة حرائق قد اندلعت في مناطق الغابات الحراجية في ريف اللاذقية وحماة وحمص شمال غرب سوريا منتصف الأسبوع الماضي، لكن السلطات لم تبدأ بالتحرك لتطويق هذه الحرائق حتى صباح السبت، ما أدى لالتهام النيران مساحة تجاوزت 15 هكتاراً من الغابات والمحميات الحرجية في هذه المناطق، حسب الحد الأدنى من التقديرات.
ووجه الكثيرون من السوريين الاتهام لحكومة النظام بالتقصير في مواجهة الكارثة ما أدى إلى توسعها، كما اتهموا القوات الروسية المتمركزة في المنطقة بتعمد تجاهل الحرائق التي كانت تلتهم المناطق المحيطة بقاعدتهم العسكرية في حميميم.
وكانت منظمة الدفاع المدني المعارضة (الخوذ البيضاء) قد أصدرت بياناً الثلاثاء، أعلن فيه استعداد فرقه للمساهمة في إطفاء الحرائق المندلعة في مناطق سيطرة النظام، مشترطاً تقديم ضمانات بالحفاظ على سلامة عناصر هذه الفرق، لكن النظام تجاهل العرض، بينما تباينت ردود فعل المعارضين حوله.
وبينما رأى فيه البعض أنه يمثل دعوة غير مباشرة للتطبيع مع النظام، ناهيك عن مد يد العون له من قبل مؤسسة معارضة، اعتبرت الغالبية أن الغابات الحرجية هي ثروة للسوريين وليست ملك النظام، وأن عرض “الخوذ البيضاء” يعبّر عن اهتمام المؤسسات المدنية الثورية بمصالح جميع السوريين بغض النظر عن مكان إقامتهم، كما أنه يسهم في إحراج النظام وحلفائه الذين لم يتحركوا لمواجهة الكارثة إلا في الأيام الثلاثة الأخيرة.
المصدر: المدن