بعد ضربات موجعة بحقه في الميدان… تنظيم «الدولة الإسلامية» يهاجم إعلاميا

منهل باريش

 أعلنت القيادة المركزية الأمريكية «سنتكوم» أن قوات التحالف الدولي نفذت عملية مشتركة بالتنسيق مع وزارة الداخلية السورية استهدفت مخابئ أسلحة لتنظيم «الدولة الإسلامية» في جنوب سوريا وريف دمشق.
شنت افتتاحية صحيفة «النبأ»، الناطقة باسم تنظيم «الدولة الإسلامية»، هجوماً حاداً على الرئيس السوري أحمد الشرع، وقدمت قراءة دعائية للمشهد السوري تذهب إلى أن ما جرى لا يمثل «تحريراً» بالمعنى المتداول، بل «تحرراً من الشريعة» وفق مفردات التنظيم، مع اتهامات مباشرة للشرع بأنه ينسجم مع المصالح الأمريكية ويبتعد عن المرجعية الدينية. ويأتي الهجوم في ذكرى احتفال يوم النصر وهزيمة نظام الأسد والتنسيق العلني بين الحكومة السورية و«التحالف الدولي للقضاء على داعش».
وبدأت افتتاحية العدد 525 الصادر يوم الخميس الماضي، بالحديث عن تعميم أوسع على مسار الثورات العربية، معتبرة أنها تنتهي غالباً إلى النتيجة نفسها «كما لو أنها صورة طبق الأصل». فالحراك، بحسب النص، ينطلق كقتال قومي وطني متحمس ومرتجل «بلا وجهة منهجية»، ثم تلتف عليه قوى دولية لتوظيفه عبر مسارات احتواء وتدجين وتجنيد، قبل أن يُختم بإعلان «استقلال وتحرير»، تقول الصحيفة إن «الغزاة أنفسهم» سهلوا تمريره، مع تعديل في شكل الحكم أو صورة الحاكم.
وفي هذا السياق، تعمد الافتتاحية إلى التشكيك في المفاهيم السياسية المتداولة، معتبرة أن كلمات مثل «النصر» و«التحرير» و«الشرع» باتت تُطلق على أضدادها. وتقول إن إعادة تعريف النصر والتحرير جرت داخل إطار «الشرعية الدولية» والدساتير الوطنية، بعيداً عن «ظلال الشريعة»، وتستخدم هذا الاستنتاج للقول إن السلطة الجديدة في دمشق لا تقود مساراً للتحرير، بل مساراً للابتعاد عن الشريعة ومحاربتها. وتتابع الصحيفة هجومها عبر مهاجمة ما تصفه بـ«التباس المعايير» لدى قطاعات من السوريين والعرب.
وتربط «النبأ» أيضاً بين أجواء «ذكرى التحرير» وبين الحديث عن مستقبل قانون «قيصر» الأمريكي، معتبرة أن أي تخفيف أو إلغاء للعقوبات لا يُقرأ إلا بوصفه مكافأة للسلطة الجديدة.  وتستشهد بما تقول إنه شروط أمريكية لرفع العقوبات، يتصدرها بند يدعو الحكومة السورية إلى اتخاذ إجراءات «ملموسة وحقيقية» للقضاء على تهديد تنظيم «الدولة الإسلامية» ومنع عودته «بالشراكة مع أمريكا».
وتضيف الافتتاحية أن الشروط تتضمن كذلك «إزالة المقاتلين الأجانب» من المناصب العليا، و«احترام حرية العبادة والمعتقد» للأقليات الدينية، وعدم القيام بأعمال عسكرية «أحادية وغير مبررة» ضد دول الجوار، ومواصلة إحراز تقدم نحو «اتفاقيات الأمن الدولي». وفي قراءة تفسيرية، تلمّح الصحيفة إلى أن بعض هذه البنود يخدم، في نهاية المطاف، ترتيبات أمنية مرتبطة بإسرائيل، وتختصر مقصدها بعبارة من كلمتين: «أمن إسرائيل».
وعند العودة إلى مشاهد الاحتفال بـ«اليوم الوطني السوري»، تزعم الافتتاحية أن إسرائيل «لم تغب» عن المناسبة، وتتحدث عن حواجز إسرائيلية داخل مناطق تصفها بالمحررة، وتستخدم ذلك للطعن في معنى التحرير، معتبرة أن «كلمة السر» كانت إسقاط النفوذ الإيراني، وأن بقية التحولات جاءت تحصيلاً لتوازنات إقليمية، مع إشارات إلى الدور التركي.
وفي مقطع آخر، تقارن بين ما تصفه بكثافة الضربات الجوية في مرحلة قتال التنظيم، وبين ما تعتبره «صفاء» السماء خلال لحظة انتقال السلطة ودخول الشرع إلى دمشق، لتستنتج أن القوى الدولية تعاملت معه بصورة مختلفة، وسمحت له بالتحرك والظهور إعلامياً والحديث عن الدستور ودولة القانون، قبل أن تسأل باستنكار: «عن أي تحرير تتحدثون؟».
وفي الخاتمة، تؤكد «النبأ» أن سوريا «تحررت» من حكم الإسلام لا من الاستبداد، وتدعو أنصارها إلى العمل لإعادتها إلى «حضن الإسلام» وإلزامها بما تسميه العبودية لله وحده، وتستدعي بعداً غيبياً بالإشارة إلى نزول عيسى بن مريم عند «المنارة البيضاء»، قبل أن تلخص موقفها بالقول إن الثورة قد تصل حتى القصر، أما النصر فله ـ وفق تصورها ـ طريق آخر وأبطال وميادين.
الردود الرسمية
والعمليات الأمنية ضد التنظيم
وفي مقابلة تلفزيونية، قال وزير الداخلية السوري اللواء أنس خطاب إن الأجهزة الأمنية نفذت خلال العام الماضي عمليات ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، أسفرت عن توقيف عدد من قياداته، بينهم من وصفه بـ«والي حمص» في التنظيم، مؤكداً أن السلطات أحبطت «العديد من عمليات التنظيم» بعد أن غيّر أساليب عمله وبدأ يعتمد تكتيكات جديدة. وأوضح خطاب أن المواجهة مع التنظيم «قديمة» وتعود إلى عام 2013، مشيراً إلى تنفيذ عمليات أمنية في إدلب خلال السنوات الماضية.
ولفت إلى أن التنظيم بعد «التحرير» في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، انتقل من نمط كان يركّز فيه على ما سماه «النكاية» واستهداف المؤسسات الأمنية والعسكرية، وعمليات الانتقام من «تحرير الشام» وفصائل الجيش الوطني في ريف حلب الشمالي إلى خطط أكثر تعقيداً تستهدف مكونات اجتماعية وفتح جبهات توتر جديدة.
وبحسب الوزير، فقد «خطط التنظيم في الأيام الأولى» لما بعد سقوط النظام السابق لاستهداف المسيحيين أيام الأعياد، ثم حاول ـ بعد نحو عشرين يوماً من «التحرير» ـ تنفيذ عمليات، إلا أن الأجهزة الأمنية منعت ذلك «بالاستفادة من الخبرات القديمة».
وتحدث أيضاً عن محاولة لاستهداف الطائفة الشيعية بهدف «جر المنطقة إلى حرب طائفية»، إضافة إلى مساعٍ لتنفيذ أعمال في الجنوب السوري «لإدخال البلاد في صراعات أخرى»، على حد تعبيره.
وأشار خطاب إلى أن التنظيم حاول في مرحلة لاحقة إعادة الانتشار داخل المدن الكبرى مستغلاً «الظروف الأمنية» ومشكلة «نقص الوثائق»، قبل أن يعلن عن تنسيق مع أجهزة الاستخبارات لتنفيذ حملتين أمنيتين ضد التنظيم. وقال إن العمليات تركزت في دمشق وريفها والساحل وإدلب، وشملت أيضاً تحركات في حماة ودير الزور والبادية.
وفي تفاصيل الاعتقالات، قال الوزير إن الحملة أفضت إلى توقيف «عدد كبير من القيادات»، وبينهم مسؤول بارز وصفه بـ«والي حمص» يحمل الجنسية العراقية، قال إنه كان يتولى أيضاً مسؤوليات عسكرية تتصل بالمناطق الجنوبية في سوريا، بما فيها درعا والسويداء وريف دمشق.
وأضاف أن قوات الأمن اعتقلت معه ثلاثة أشخاص «انتحاريين» قدموا من مخيم الهول، وكانوا «مجهزين لعمليات انتحارية».
على صعيد العلاقة بين التحالف الدولي والحكومة السورية، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية «سنتكوم» أن قوات التحالف الدولي نفذت عملية مشتركة بالتنسيق مع وزارة الداخلية السورية خلال الفترة بين 24 و27 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، استهدفت ـ وفق البيان ـ مخابئ أسلحة لتنظيم «الدولة الإسلامية» في جنوب سوريا وريف دمشق.
وقالت سنتكوم إن العملية أسفرت عن تحديد وتدمير أكثر من 15 موقعاً كانت تُستخدم لتخزين أسلحة ومعدات للتنظيم، عبر ضربات جوية وتفجيرات ميدانية، بمشاركة عناصر من قوة المهام المشتركة ـ عملية العزم الصلب إلى جانب قوات سورية.
المصدر: القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى