سورية بين الدعم الخارجي والتحديات الداخلية

زياد المنجد

يعيش معظم السوريون لحظة فرح غابت عنهم طويلاً، فسورية اليوم ليست كسورية الأمس، ويحسب للإدارة السورية الجديدة إعادة سورية الى المجتمع الدولي في هذه الفترة القصيرة التي لا تتعدى عاماً كاملاً، وهو أمر يدعو الى التفاؤل بمستقبل واعد للدولة السورية.
إن اتباع الحكومة السورية لسياسة صفر مشاكل مع المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي، سياسة صحيحة من اجل التفرغ لبناء سورية المدمرة، وهذه السياسة تحتاج الى حنكة سياسية لم يكن يتوقعها الكثيرون من الإدارة السورية الجديدة.
ورغم ان هذا النهج مطمئن لدول الإقليم والمجتمع الدولي بحيث لا تكون سورية مصدر تهديد على كل الأصعدة سواءً العسكرية، أو الاجتماعية، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يحقق الاستقرار لسورية، إلا إذا كانت الأطراف الأخرى التي تتحكم بالسياسة الإقليمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية صادقة في دعمها المعلن للإدارة السورية، وقادرة على كبح جماح الكيان الصهيوني الطرف الأساسي الذي يحاول النيل من وحدة سورية.
فالكيان الصهيوني لديه مخطط نادى به بن غوريون يقضي بتقسيم المنطقة الى دويلات، ولن يتخلى عن دعم أي طرف انفصالي في سورية، والولايات المتحدة الأمريكية رغم ما نراه من دعم معلن للإدارة السورية الجديدة، إلا أنها تتحكم بمفاتيح تحريك الفئات الراغبة بالانسلاخ عن الوطن السوري، ولولا الدعم الأمريكي سواء المباشر لقسد، والغير مباشر للهجريين عن طريق الكيان الصهيوني، لما تمادى هؤلاء بمواقفهم الرافضة لسلطة الإدارة السورية.
هذا أمر يجب أن تدركه الإدارة السورية الجديدة، فالدعم الخارجي وصدق نوايا الخارج بالتعامل معنا لا يمكنه بناء الدولة السورية إلا إذا اقترن بتعزيز الوحدة الوطنية لتأخذ الإدارة الجديدة شرعيتها من الداخل السوري وهذا يتم عبر تطبيق العدالة الانتقالية، وكبح جماح الطائفية التي ظهرت بشكل واضح بعد سقوط نظام الطغيان الأسدي، وإيجاد حلول لمئات ألاف الأسر التي فقدت دخلها نتيجة استغناء الدولة عن جزء كبير من الموظفين ورجال الجيش السابق.
الوضع الداخلي السوري ليس سهلاً، ويحتاج الى كثير من الجهد لترميم الوضع الاجتماعي، والاقتصادي، والعمراني، ونأمل من الحكومة أن تستخدم كل طاقتها لتجاوز هذه العقبات لتكون بداية لميلاد الدولة السورية الجديدة.

المصدر: كل العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى