
ليس قليلا ذلك الهجوم الذي حصل على الأحياء العلوية في حمص تسببه مجرم أراد أن يبعد الشبهة عن نفسه بوضع عبارات طائفية كتبها بدم الضحيتين، ليس قليلا الهجوم في ما فعل من ترويع لسكان آمنين منهم نساء وأطفال وتكسير لسياراتهم وممتلكاتهم وإصابة عدد بجروح متفاوتة.
وليس قليلا في دلالته أيضا.
أصبحنا في سورية بسبب الشحن الطائفي مستعدين للانتقال للعنف لدى أي حادث مهما كان فرديا وملتبسا , هكذا أصبح تفجير صراعات طائفية مسألة سهلة يمكن أن يخطط لها أي عقل سياسي داخلي أو خارجي إجرامي .
هذا وضع لايمكن قبوله في دولة جديدة ناشئة على أنقاض حرب مدمرة امتدت أطول من مجموع الحربين العالميتين الأولى والثانية وخلفت من القتلى والمفقودين عددا يقارب المليون .
معنى ذلك أننا نعيش في المخلفات النفسية للمرحلة السابقة .
بعد سنة من سقوط النظام كان ينبغي للسوريين أن يكونوا قد وضعوا الماضي وراء ظهورهم والتفتوا مجتمعين لاعمار سورية .
لماذا مازلنا نعيش المخلفات النفسية للمرحلة السابقة ؟
أولا : بسبب المماطلة في تطبيق العدالة الانتقالية .
ثانيا : بسبب الخطاب الطائفي الموروث من المرحلة السابقة لدى بعض أطراف السلطة في عدة مستويات .
ثالثا : بسبب تمفصل الخطاب الطائفي مع مصلحة فلول النظام البائد ومصلحة تيار الهجري ودعمه من قبل قسد كوسيلة لتقسيم سورية .
رابعا : بسبب تخاذل النخب السورية وعجزها عن بلورة خطاب وطني ديمقراطي واقعي قريب من روح الشعب .
خامسا : وبالتحديد بسبب ذلك التيار من المعارضين الذين تمتلئ بهم وسائط التواصل من اليمين واليسار الذين يعارضون العهد الجديد بغرض اسقاطه ضمن نزعة عداء مطلق إما بسبب الايديولوجيا أو بسبب أنانيتهم وقصر نظرهم أو بسبب الحقد والكراهية لكونهم لم يجدوا في العهد الجديد مناصب وأدوارا لهم أو من خلفية طائفية .
سادسا: وقوع الحكم بأخطاء متتابعة كما في الساحل والسويداء دون أن تكون المراجعة والمحاسبة واضحة وكافية وكذلك بقاء حالات الانفلات الأمني هنا وهناك.
ما سبق يستوجب على السلطة إجراء مراجعة عميقة وشاملة للمسار السياسي ويستوجب على النخب السورية أيضا فعل مثل ذلك والتفكير في كيف يمكن بلورة خطاب وطني ديمقراطي جامع والانتقال من حالة التشتت واللا فعالية إلى حالة الانخراط في المجتمع والعمل لتصويب المسار السياسي بالأدوات السلمية الديمقراطية والحوار الوطني.






