“ذا هيل” تكشف كواليس أول زيارة للشرع إلى واشنطن ولقائه المغلق مع ترامب

ربى خدام الجامع

شهد البيت الأبيض يوم الإثنين زيارة تاريخية للرئيس السوري أحمد الشرع، في أول لقاء لرئيس سوري مع الإدارة الأميركية في واشنطن، وسط أجواء من السرية غير المألوفة بالنسبة لهذا النوع من الاجتماعات كما أوردت صحيفة ذا هيل الأميركية.
وتركّزت المحادثات على تعزيز العلاقات بين دمشق وواشنطن، ومناقشة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، بما فيها قانون قيصر، بالإضافة إلى بحث التعاون في مكافحة الإرهاب وملف الصحفيين الأميركيين المفقودين.
وأشاد الرئيس ترامب بالشرع واعتبره قائدًا قويًا قادمًا من خلفية صعبة، مؤكدًا استعداد الطرفين للعمل معًا من أجل نجاح سوريا الجديدة.
وفي الوقت نفسه، أثارت الزيارة جدلاً واسعًا بين النواب الأميركيين والجالية السورية في الولايات المتحدة حول مستقبل العلاقات الثنائية ومسارات إعادة الإعمار في سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
يعرض موقع تلفزيون سوريا هذه المادة التي نشرتها صحيفة ذا هيل الأميركية ضمن إطار ملف العلاقات السورية-الأميركية، وعودة سوريا إلى الساحة الدولية بعد سنوات الحرب، من دون أن يعتبر ذلك تبنياً لموقف الصحيفة أو لما جاء في هذه المادة.
وفيما يلي ترجمة موقع تلفزيون سوريا للمادة:
أبقى الرئيس ترامب الاجتماع التاريخي مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلف أبواب موصدة، في خطوة غير معهودة بالنسبة لرئيس من عادته أن يفتح أبواب المكتب البيضاوي في أغلب الأحيان أمام عدسات الكاميرات والصحفيين عند لقائه بقادة دول أخرى.
كانت تلك أول زيارة لرئيس سوري إلى البيت الأبيض، غير أن الشرع لم يقطع الطريق المخصص لكبار الشخصيات التي تزور هذا البيت، والذين يعبرون مدخل الجناح الغربي الممتد على الطريق الشمالي، بل شوهد وهو يجتاز مدخل الجناح التنفيذي الغربي، الذي يمنع على الصحفيين دخوله، وذلك كما أظهر مقطع فيديو التقط للرئيس السوري من خلف القضبان الفولاذية للسياج الفاصل.
لذا، فإن تسلسل تلك الأمور ألقى عباءة من السرية على تلك الزيارة رفيعة المستوى.
تعاون وانسجام
لعب ترامب دوراً مهماً في دعم الرغبة المعلنة للشرع، وهي تحويل سوريا إلى دولة صديقة بعد عقود من الحرب والإرهاب والاتجار بالمخدرات في ظل النظام المخلوع الذي ترأسه الديكتاتور بشار الأسد.
وفي مؤتمر صحفي منفصل أقيم في المكتب البيضاوي مساء يوم الإثنين، تحدث ترامب أمام الصحفيين عن الرئيس السوري قائلاً: “إنه قائد قوي جداً، أتى من مكان قاس جداً، وهو شاب صلب يعجبني.. ولقد انسجمت مع الرئيس، أي الرئيس الجديد لسوريا، ولهذا سيبذل كل منا قصارى جهده حتى تنجح سوريا”.

في حين نشر وزير الخارجية السوري صور الاجتماع في المكتب البيضاوي ظهر فيها ترامب والشرع وهما يبتسمان أثناء مصافحة أحدهما للآخر، وحولهما لفيف من كبار المسؤولين، على رأسهم ماركو روبيو وزير الخارجية، الذي يشغل أيضاً منصب مستشار الأمن القومي، ونائب الرئيس فانس، والمبعوث الخاص لترامب إلى سوريا والسفير الأميركي إلى تركيا، توماس براك.
وخلال لحظة من اللحظات، انضم وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، لهذا الاجتماع وتحدث عن مدى تعاون أنقرة الوثيق مع دمشق وواشنطن.
اجتماع ناجح
أعلن نائب من الكونغرس بأن جميع المؤشرات التي ظهرت خلال التحاور بين الوفد السوري والمسؤولين في الإدارة الأميركية، تدل على أن الاجتماع الذي تم في المكتب البيضاوي كان ناجحاً على الرغم من طبيعته المغلقة والسرية.
إذ خلف الكواليس، تناقش المسؤولون السوريون والأميركيون حول عدد من الأمور لتعميق العلاقات بين دمشق وواشنطن.
ملف رفع العقوبات
ومن أكبر العقبات التي ظهرت المسألة المعنية بمتابعة الكونغرس لرفع قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، أي ذلك القانون الذي منع تقريباً عقد أي صفقة دولية مع نظام الأسد، ولهذا يعتبره مؤيدو الشرع اليوم عقبة أمام إعادة إعمار سوريا وتأهيلها.
في اجتماع عقد في ساعة متأخرة من مساء يوم الأحد، التقى الشرع بأعضاء من الكونغرس، كان بينهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب الأميركي، النائب برايان ماست الذي لم يوافق بعد على رفع عقوبات قيصر بشكل كامل.
وذكر ماست في تصريح له بأنه أصبح بينه وبين الشرع “خبز وملح”، على الرغم من أن الشرع كان في السابق أحد القادة في تنظيم القاعدة والذي سبق للقوات الأميركية في العراق أن سجنته، وعلى الرغم من أن ماست من كبار المحاربين القدماء في الجيش الأميركي، وقد حصل على أوسمة كثيرة، فقد حارب في أفغانستان، وخسر ساقيه في انفجار عبوة ناسفة، وقد علق على الشرع بقوله: “أنا وهو عسكريان سابقان وعدوان سابقان”، ولدى سؤاله عن سبب سقوط تلك العداوة التي كانت بينهما رد ماست بأنه يتمنى للشرع أن: “يتحرر من الماضي وأن يسعى لتحقيق هدف نبيل من أجل شعبه وبلده، وأن يتحول إلى حليف مهم للولايات المتحدة الأميركية”.
غير أن مكتب ماست رفض التعليق عندما سئل عن إمكانية تأييده لرفع عقوبات قيصر.

أما النائب جو ويلسون، وهو الراعي لمشروع رفع عقوبات قيصر في مجلس النواب الأميركي، فقد أعلن بأنه يقدر ذلك الاجتماع كثيراً، وقال: “أقدر الحوار الجميل الذي أجراه برايان ماست، وهذا ما كشف رغبة الرئيس الشرع الكبيرة في التعاون مع الولايات المتحدة والتخلي عن ماضيه، أي أنه يدرك تماماً أهمية إقامة علاقة مع أميركا”.
ولكن من دون رفع كامل للعقوبات، لن يتمكن ترامب إلا من إلغاء العقوبات عن سوريا لمدة ستة أشهر فحسب، وقد سبق له أن قام بتلك الخطوة في أيار الماضي وكرر ذلك يوم الاثنين.
كما ألغى ترامب نظامين أشد صرامة للعقوبات المفروضة على سوريا، لكن هذين النظامين أقل تغلغلاً في الاقتصاد السوري مقارنة بقانون قيصر، وهذان النظامان هما: قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية، وقانون حقوق الإنسان في سوريا.
يذكر أن النائب جين شاهين، وهي عضو بارز في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، تقدمت بمشروع قانون يوم الاثنين يقضي بإلغاء هذين النظامين للعقوبات.
كما وجه الرئيس الأميركي لوزارة الخزانة والمالية والخارجية أمراً يقضي بإصدار توجيه للشركات التجارية والمستثمرين الأميركيين لطمأنتهم حيال إجراء أي تعامل تجاري أو مالي في سوريا، لأن ذلك سيتم من دون مخالفة القيود الأخرى، مثل منع التعامل المالي أو التجاري مع روسيا وإيران.
محاربة تنظيم الدولة
وأعلن ترامب يوم الإثنين أنه يتوقع أن يتم الإعلان عن انضمام سوريا للتحالف الدولي المعني بمحاربة تنظيم الدولة “داعش”، معتبراً ذلك خطوة مذهلة بالنسبة للشرع الذي سبق أن كلف ببناء بنية تحتية لهذا التنظيم في سوريا.
وفي تصريح لأحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، قال: “كانت تلك الزيارة تاريخية كونها تمثل النتائج الإيجابية لسعي القادة نحو تحقيق سياسات السلام مع التعهد بمنع انتشار الإرهاب”.
وأضاف: “ستنضم سوريا للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، وبذلك ستصبح سوريا الدولة العضو رقم تسعين في هذا التحالف، أي أنها ستدخل في شراكة مع الولايات المتحدة للقضاء على فلول تنظيم الدولة ولوقف تدفق المقاتلين الأجانب”.
يذكر أن الشرع سبق أن صُنف ضمن قائمة الإرهابيين على مستوى العالم، غير أن إدارة ترامب رفعت عنه هذا التصنيف خلال الأسبوع الماضي.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد مساء يوم الإثنين، قال ترامب: “يقول الناس بإن ماضيه قاس.. أما أنا فأرى وبكل صراحة بأنه إن لم يكن لك ماض قاس، فلن تكون أمامك أي فرصة”.

وللشرع مؤيدون رفيعو المستوى في مبنى الكابيتول أي مقر مجلس الشيوخ والنواب، وعلى رأسهم السيناتور جوني إرنست التي نظمت اجتماعاً في ساعة متأخرة من مساء يوم الأحد حضره نواب من الحزب الديمقراطي أيضاً، وهذه النائبة التي خدمت في الجيش الأميركي ضمن قوات الحرس الوطني أيام حرب العراق، كرست كل دعمها لرفع عقوبات قيصر بشكل كامل، وذكرت في تصريح لها بأنها تقدّر “فرصة استضافة الرئيس الشرع لإجراء حوار صريح وبنّاء حول مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا وذلك قبل الاجتماع المحدد له في البيت الأبيض”، وأضافت بأنها ترحب بمساعي ترامب لمشاركة سوريا بوصفها: “شريكاً في مكافحة الإرهاب، إلى جانب احتمال انضمامها للاتفاقيات الإبراهيمية” أي لاتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وتابعت بالقول: “تعتبر زيارة اليوم خطوة مهمة لبناء الثقة، ولتعزيز الحوار ولتوحيد الجماعات العرقية والدينية المتنوعة في سوريا”.
غير أن هذا لا يعني أن الجميع رحبوا بزيارة الشرع، فمن بين الرافضين ظهرت لورا لومر التي تفتخر بكونها تضمر رهاباً تجاه الإسلام على حد وصفها، والتي تعتبر من الأصوات المحرضة من اليمين المتطرف كونها أظهرت مدى تأثيرها الكبير على ترامب، فقد انتقدت لومر فريق ترامب لترتيبه الأمور من أجل هذه الزيارة، واتهمت الشرع بارتكاب عنف طائفي في سوريا.

وهنالك تحالف من النواب الأميركيين الذين ينتمون إلى كلا الحزبين، وهؤلاء يحذورن من مغبة رفع العقوبات بشكل كامل عن سوريا، وذلك لخوفهم من حدوث عنف طائفي فيها، فقد وقعت عدة أحداث عنيفة على أعلى المستويات في سوريا خلال هذا العام، غير أن مؤيدي فكرة رفع العقوبات يدحضون ذلك بالقول بأن ترامب يتمتع بالسلطة التنفيذية التي تخوله فرض عقوبات على الشرع في حال عدم التزامه بتعهداته المعنية بحماية الأقليات، وإقامة العدل، ومكافحة الإرهاب.
ولدى سؤال ويلسون عن رأيه بمنشورات لومر على وسائل التواصل الاجتماعي وهل تضر تلك المنشورات بالعلاقة بين الولايات المتحدة وسوريا أجاب: “أشعر بالأسف عند احتمال ظهور أي سوء تفاهم.. إذ قبل عام واحد فحسب، كان الرئيس الشرع محسوباً على تنظيم إرهابي وقد وضعت مكافأة على رأسه، ولكن يمكن للبشر أن يتغيروا حقاً.. ومن المذهل أيضاً رؤية الجالية السورية في أميركا وقد عادت لها الروح، وكذلك مشاهدة الناس وهم يدلون بصوتهم عبر التحرك الفعلي، فقد رجع مليون سوري وسورية إلى وطنهم”.
الوجود الأميركي في سوريا
وسعياً منه لكسب تأييد جمهور ترامب، شارك الشرع في مقابلة عبر أثير قناة فوكس نيوز مساء يوم الإثنين، ذكر فيها بأنه على استعداد لمناقشة الوجود العسكري الأميركي في سوريا الذي كان الهدف منه محاربة تنظيم الدولة، كما ذكر بأنه يعتمد على الولايات المتحدة في التوسط بينه وبين إسرائيل لإجراء محادثات بين الطرفين، وأبدى التزامه بالكشف عن معلومات حول الصحفي الأميركي المفقود أوستن تايس وغيره من الأميركيين المختفين قسرياً منذ أيام نظام الأسد.
وأعلن بأن ترامب لم يتطرق للحديث عن علاقاته السابقة بالإرهابيين، بل ركزا سوية على المستقبل وعلى الفرص الاقتصادية التي يمكن أن تقوم بين الولايات المتحدة وسوريا، وأضاف: “بعد سقوط النظام السابق، دخلت سوريا مرحلة جديدة، وهذه المرحلة ستبنى على استراتيجية جديدة، لاسيما مع الولايات المتحدة.. ثم إن سوريا لم تعد تمثل أي تهديد أمني، بل إنها تحولت لحليف جيوسياسي ولمكان يمكن للولايات المتحدة أن تقيم فيه استثمارات عظيمة، وخاصة في مجال التنقيب عن الغاز”.
المصدر: تلفزيون سوريا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى