إضاءة الروشة وأزمة انهيار الحزب!

مصطفى الترك

جاءت قصة إضاءة صخرة الروشة، بصور قادة الحزب الراحلين، بشكل استفزازي وغير مبرر لأهل بيروت، وفي تحدٍ واضح ووقح لقرار حكومة نواف سلام، التي وجدت نفسها في مواجهة منفردة مع حزب الله، بعد انكفاء العهد وقواه الأمنية عن تنفيذ قرار منع استخدام المعالم السياحية في خدمة دعـايـات سياسيـة وحزبيـة.
ويبدو أن هذه المسألة لم تكن مجرد تفصيل محلي، بل ارتبطت مباشرة بخلفيات تتصل بمحاولة تحدي جهود الحكومة في تطبيق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء، والحفاظ على الأمن والسلم الأهلي، بخاصة قراري الحكومة في 5 و7 آب، حول حصرية السلاح، وتطبيق كل القرارات الدولية ذات الصلة، في وقت لم يتوانَ فيه العدو الإسرائيلي عن توجيه التحذيرات عبر المبعوث الأميركي طوم برّاك، وعن الاستمرار في الاعتداءات على لبنان.
في هذا السياق، كشف نائب “حزب الله”، حسن فضل الله، عن تفاصيل اتفاق شفوي جرى بين الثنائي الشيعي، وقائد الجيش اللبناني يومها، العماد جوزف عون، عقب الدورة الأولى لانتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان. هذا الاتفاق لم يُوثق رسميًا، لكنه تضمّن بنودًا أساسية أبرزها:
1. تمثيل الثنائي الشيعي في الحكومة: اتفق الطرفان على تمثيل الثنائي بشكل كامل في الحكومات التي ستُشكَّل بعد تولي العماد جوزف عون سدة الرئاسة.
2. حصرية تطبيق القرار 1701 في جنوب الليطاني: بحيث يقتصر تنفيذ القرار على المنطقة الواقعة جنوب النهر، تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يعني منع أي وجود مسلح غير شرعي هناك.
3. العمل على استراتيجية دفاعية وطنية: عبر وضع إطار عام لاستراتيجية دفاع وطني، من دون الدخول في تفاصيل دقيقة.
هذه التفاهمات، حتى وإن بقيت في إطار شفوي وغير معلن، تُعدّ سابقة خطيرة لأنها تتجاوز النصوص الدستورية والقوانين اللبنانية وصيغة الوفاق الوطني، وتضع القرار الاستراتيجي للبنان في موقع الارتهان لاتفاقات ظرفية ومصالح حزبية ضيقة.
غير أن هذه التفاهمات سرعان ما سقطت بعد حرب الجنوب الأخيرة، حين أذعن الحزب عمليًا للشروط الإسرائيلية. فالمسألة تجاوزت العلاقة مع الرئيس جوزف عون، لتُصبح على طاولة اللاعبين الدوليين والإقليميين، ضمن شروط وقف إطلاق النار الذي وافق عليه الثنائي الشيعي، فيما لم يكن لرئيس الحكومة سوى دور تنفيذي في اتفاق أُنجز بين الثنائي، ممثلاً برئيس مجلس النواب نبيه بري، والعدو الصهيوني، برعاية المبعوث الأميركي هوكستين الذي تولى المفاوضات بين الجانبين، والذي تم في زمن سابق لتولي السيد نواف سلام رئاسة الحكومة.
من هنا، فإن تخوين الرئيس نواف سلام، وتحميله مسؤولية الأزمة بين الدولة وحزب الله، ليس سوى محاولة مكشوفة للتهرّب من الحقيقة: موافقة الثنائي الشيعي على اتفاق شبه استسلامي، مع تسعير الصراع داخل جبهة الحكم لإخفاء مسؤولياته الحقيقية.
الوقائع تُظهر بوضوح أن اللعبة لم تعد داخلية، بل صارت محكومة بالكامل من قبل اللاعب الإيراني والأميركي، فيما الدولة اللبنانية والشعب يقفون عاجزين أمام تبعات استهتار هذا الحزب بمصير البلاد، نتيجة التزامه بتعليمات الولي الفقيه وتجاوز أي اعتبار للسيادة اللبنانية والقوانين الوطنية
ويبقى السؤال إلى أي مدى ستصل عبثية الحزب بالمصير اللبناني؟!

المصدر: المدار نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى