أعلن مجلس سورية الديموقراطية (مسد) وحزب “الإرادة الشعبية” برئاسة قدري جميل رئيس منصة موسكو توقيع مذكرة تفاهم الاثنين في موسكو، اعتبرت أزمة سوريا “أزمة بنيوية أضيفت إليها تعقيدات التدخل الخارجي”، ورأت أن “جميع الخيارات الأمنية والعسكرية، كان مصيرها الفشل”.
وجاء في المذكرة أن “سوريا الجديدة، هي سوريا موحدة أرضاً وشعباً. ودولة ديموقراطية تحقق المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، وتفتخر بكل مكوناتها”. ورأت أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الأزمة السورية، وهو الحل الذي يستند إلى سيادة شعبها بكل مكوناته وحقه في تقرير مصيره بنفسه، عبر الحوار، مؤكدة دعم والعمل على تنفيذ القرار 2254 كاملاً بما في ذلك تنفيذ بيان جنيف وضم منصات المعارضة الأخرى إلى العملية السياسية السورية، بما في ذلك “مسد”.
واعتبرت المذكرة أن “الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية العامة التي ينحصر بها حمل السلاح ولا تتدخل بالسياسة. وينبغي أن تكون قوات سوريا الديموقراطية منخرطة ضمن هذه المؤسسة على أساس صيغ وآليات يتم التوافق عليها”.
وأعاد وصول الوفد الكردي إلى روسيا التكهنات بوجود انقسام بين القيادات المسيطرة على الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، بعد أسابيع من توقيع عقد استثمار النفط في المنطقة التي تسيطر عليها الإدارة مع شركة أميركية، الأمر الذي أثار حفيظة موسكو.
وضم الوفد الكردي كلاً من رئيسة الهيئة التنفيذية ل”مسد” إلهام أحمد، ونائبها حكمت الحبيب، وسنحريب برصوم رئيس الاتحاد السرياني في المجلس، إضافة إلى سيهانوك ديبو.
وقال ديبو في تصريح لوكالة “هاوار” الكردية، إنه سيتم التوقيع الاثنين على مذكرة تفاهم مع “حزب الإرادة الشعبية”، معتبراً أن هذه المذكرة “تصلح كي تكون خريطة طريق أو نص لمبادئ أساسية لعقد اجتماعي سوري جديد، يقطع الطريق أمام أي محاولة تنال من سوريا، إن كان في احتلالها أو تقسيمها، أو إعادة انتاج أي نظام استبدادي مركزي”.
لكن اللافت أن زيارة الوفد إلى موسكو تأتي بالتزامن مع تطورات عديدة على صعيد علاقة الإدارة الذاتية الكردية مع مختلف الأطراف المؤثرة في الصراع السوري، بما في ذلك قوات التحالف الدولي وتركيا، بالإضافة إلى روسيا والنظام، حيث تزايدت الأحاديث مؤخراً عن وجود أقطاب تدفع بعضها باتجاه روسيا والنظام، بينما تصر أخرى على استمرار التحالف الكامل مع الولايات المتحدة.
ويرى الكاتب هوشنك أوسي في تصريح ل”المدن”، أنه “رغم رجحان كفة علاقات حزب الاتحاد الديموقراطي مع الأميركيين، إلا أن صلاته مع الروس، لم تنقطع”.
وأضاف “أعتقد أن الهدف من هذه الزيارة الضغط على تركيا، لاستخدامها والفصائل التابعة لها، الماء كسلاح ضد أهالي المنطقة التي تديرها الإدارة الذاتية”. وتابع أن “السبب الآخر هو محاولة إرضاء الروس والتأكيد على أن المنطقة مفتوحة لهم أيضاً، لجهة الاستثمارات والخدمات والبنى التحتية”.
ورأى أوسي أن الزيارة فيها أيضاً “رسالة إلى نظام الأسد الذي يبدو أنه يحاول الضغط على قوات سوريا الديموقراطية وجناحها السياسي مسد عبر حزب العمال الكردستاني، إذ أشارت بعض الأنباء إلى وجود القيادي في الحزب جميل بايك في دمشق للتنسيق مع نظام الأسد بهدف الإطاحة بمظلوم عبدي ورفاقه، الذين باتوا يرفضون سيطرة العمال على المنطقة”.
وكان الرئيس المشترك ل”منظومة المجتمع الكردستاني” في حزب “العمال” جميل بايك، والذي يُنظر إليه على أنه القائد الفعلي للحزب حالياً، قد عبّر في وقت سابق عن رفضه للاتفاق النفطي الذي وقعته الإدارة الذاتية الكردية مع شركة “دلتا كريسنت إنرجي” الأميركية لتطوير حقول النفط في مناطق سيطرتها.
جاء ذلك في مقابلة أجراها بايك قبل أيام مع فضائية “ستيرك”، التابعة لحزب “العمال” الكردستاني، ما اعتُبر مؤشراً على قلق قيادة الحزب من سياسة واشنطن في المنطقة التي يرى فيها قادته خطراً على نفوذهم في سوريا.
ويعتقد الكثيرون أن هناك انقساماً حاداً داخل “الاتحاد الديموقراطي” الذي طالما اعتبر الجناح السوري ل”العمال” الكردستاني، مع توجه قادة الحزب في سوريا، وعلى رأسهم مظلوم عبدي، القائد العسكري ل”قسد” إلى فك ارتباطه مع “العمال” بدعم أميركي.
وكانت أولى بوادر هذا التوجه ما تم الكشف عنه الشهر الماضي، حول طلب عبدي من قادة “العمال” الموجودين في سوريا بمغادرة مناطق الإدارة الذاتية، والانخراط في مفاوضات ترعاها الولايات المتحدة مع المجلس الوطني الكردي “من أجل توحيد الخطاب والموقف السياسي لأكراد سوريا، بما يقطع مع النظام” الذي تُتهم قيادة حزب “العمال” بالتنسيق المستمر معه.
لكن القيادي في الحزب “الديموقراطي الكردستاني” إحدى قوى “المجلس الوطني الكردي” علي مسلم، اعتبر أن “الولايات المتحدة تسعى لقيام إدارة ذاتية جديدة على أنقاض الإدارة الحالية في شمال شرق سوريا، تكون سورية بحت وتكون قوات سوريا الديموقراطية جزءاً أساسياً منها” وليست المهيمن عليها.
وأضاف مسلم في تصريح لموقع “باسنيوز” الكردي أن “الغاية من هذا الأمر هو الدفع نحو الاستقرار”، معتبراً “أن الإدارة الأميركية حريصة على أن لا ترتقي هذه الإدارة الكردية إلى مستوى الإقليم، مثل كردستان العراق، كما تحاول طمأنة تركيا بأنها لا تشكل أية خطورة على الأمن القومي التركي مستقبلاً”.
لكن هوشنك أوسي، الخبير في الشؤون الكردية والتركية، رأى أن “الهدف من هذا التصريح هو الإشارة إلى الموقف الأميركي من الحوار الكردي-الكردي، والتنبيه إلى أنه في حال لم يتوصل الطرفان الى نتيجة، فإن أميركا ربما تسلم منطقة شرق الفرات بكاملها إلى تركيا، مع وضع اليد على نفط وغاز المنطقة”.
وأضاف “أعتقد أيضاً أن الهدف من هذا التصريح هو التلميح الى الدور السلبي لحزب العمال الكردستاني وزعيمه الحالي جميل بايك، وأن واشنطن ترفض سيطرة الحزب على المنطقة”.
لا تريح التحركات الأميركية الأخيرة منذ نهاية العام الماضي القيادات التقليدية لحزب “العمال الكردستاني” التي تخشى إلى تقويض هيمنتها على حزب “الاتحاد الديموقراطي” وإخراجه من سوريا بشكل نهائي، وعليه يبدو منطقياً الحديث عن رفع مستوى تنسيقه مع النظام في دمشق وتوسيع قنوات اتصالاته مع موسكو، خاصة وأن بعض أعضاء الوفد الكردي الذي يتواجد فيها حالياً من المحسوبين على “جماعة قنديل” في حزب “العمال” ومن المناوئين لمظلوم عبدي المقرب من واشنطن.
المصدر: المدن