أعلنت لجنة مُربي الدواجن في سورية انخفاض إنتاج القطاع الخاص من الفروج والبيض خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بنسبة 35 إلى 70 في المئة. ورغم عدم كشفها عن الأسباب إلا أن تهريب العلف إلى لبنان وارتفاع أسعاره في السوق السوداء، بالإضافة إلى عوامل أخرى، أدى إلى إغلاق الكثير من منشآت إنتاج اللحوم البيضاء والحمراء في سورية.
الانخفاض الأخير لا يمثل سوى موجة جديدة من تضرر سوق تربية المواشي والدواجن في البلاد، والتي تعرضّت إلى ضربات كبيرة أتت على أكثر من سبعين في المئة من المنشآت خلال السنوات التسع الماضية، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار اللحوم، وفتح باب سيطرة المنتجات المستوردة، سواءً من تركيا أو إيران، ليأتي انفجار ميناء بيروت بمثابة القشة التي قصمت ظهير البعير.
فقد أدى تعطل المرفأ اللبناني إلى تضاعف الطلب على العلف السوري. ازدادت عمليات التهريب بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية، وبالتالي انخفاض انتاج البيض بنسبة 70 في المئة، مع تضاعف سعره.
وحسب تصريحات عضو لجنة مربي الدواجن في سوريا حكمت حداد، فإن إنتاج القطاع الخاص من الفروج حالياً يقارب 230 ألف فروج يومياً، في حين كان نحو 350 ألف فروج يومياً قبل 3 أشهر، أي تراجع بنسبة تقارب 35 في المئة.
محاولات إنقاذ قاصرة
وتختلف المعوقات التي تؤثر على استمرارية عمل قطاع صناعة الدواجن بين منطقة وأخرى في سوريا، لكن ما هو ثابت استمرار تدهوره ووصوله الى مستوى غير مسبوق يهدد بانقراضه.
وفي سبيل إنقاذ القطاع، أقرّت حكومة النظام في شهر حزيران/يونيو الماضي، تقديم دعم مالي مباشر لصغار المربين. إلا أن أول القرارات صدر في منتصف آب/أغسطس، من قبل المؤسسة العامة للأعلاف، بمضاعفة المقنن العلفي المباع بسعر مدعوم، بنسبة تتراوح بين 25 في المئة إلى مئة في المئة، بحسب نوعية المادة.
التهريب إلى لبنان
وتشكل الأعلاف التكلفة الأساسية في تربية الدواجن، وقد ساهم ارتفاع سعرها الذي تخطى حاجز المليون ومئة ألف ليرة للطن الواحد، بارتفاع أسعار منتجاتها ومشتقاتها، ما يزيد من الخسائر التي يتعرض لها المربون جراء نفوق الحيوانات، بسبب سوء جودة الأعلاف وعدم خضوعها للبحث المخبري.
كما أدّت عمليات التهريب المستمرة إلى لبنان عن طريق معابر العريضة قرب طرطوس والدبوسية والمشيرفية بريف حمص، ونقاط عبور غير شرعية تسيطر عليها مليشيات سورية ولبنانية مرتبطة ب “حزب الله” قرب باديتي القصير وتلكلخ، إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد العلفية في السوق السورية قاربت ال50 في المئة، وذلك نتيجة زيادة الطلب عليها من قبل التجار اللبنانيين بعد انفجار المرفأ.
ارتفاع الأسعار
ويشرح محمد محسن، وهو مربي دواجن في ريف حماة، ل”المدن” معاناة القطاع قائلاً: “مشكلة الدواجن مستمرة منذ سنوات، لكنها انفجرت خلال الشهر الحالي بعد ارتفاع الأسعار نتيجة التهريب واحتكار تجار محددين على ارتباط بالنظام العقود الصادرة عن المؤسسة العامة للأعلاف، عبر شرائها بسعر مدعوم أو استيرادها وفق سعر صرف الدولار في البنك المركزي وبيعها في السوق السوداء بأسعار السوق”.
ويضيف “لم تؤدِّ زيادة المقنن العلفي الى تغيير الواقع الجديد الذي تضرر منه كذلك مربو المواشي، الذين لم يجدوا بداً من الاعتماد على الأعلاف المستوردة التي ارتفع سعرها بنسبة 200 في المئة، ما أدى إلى تضاعف سعر اللحوم في السوق بمناطق سيطرة النظام”.
وفي محاولة التخفيف من حجم الخسائر، بدأ المربون بتهريب المواشي والمشتقات الحيوانية إلى مناطق سيطرة المعارضة حيث تُباع بسعر أعلى، عبر معابر تجارية غير رسمية، بعد دفع أتاوات تصل إلى 10 آلاف ليرة على كل رأس غنم يتم نقله من مناطق سيطرة النظام.
مداجن جديدة خارج الخدمة
مشروع حكومة النظام الأخير الذي يهدف إلى زيادة الكمية الإنتاجية، وإعادة تفعيل أكثر من 5000 مركز تدجين، من خلال تشجيع المربين الذين اضطروا للتوقف عن العمل خلال السنوات الماضية على استئناف الإنتاج، يتجاهل مكمن المشكلة المتمثل بارتفاع التكاليف وانخفاض الاستهلاك بسبب عدم قدرة المواطن على شراء مادة اللحم، وزيادة صعوبات التصدير بسبب العقوبات المفروضة على النظام.
ويتهم مربو الدواجن النظام بافتعال المشاكل التي يمرون بها، نتيجة منعه عملية التصدير إلى مناطق المعارضة في الشمال السوري ومنطقة الجزيرة السورية التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية الكردية، إضافة إلى قيام شخصيات نافذة باستيراد اللحوم المجمدة، خاصة من إيران، وضخّها في الأسواق بأسعار أقل بكثير من سعر المنتج المحلي.
المصدر: المدن