
دخل التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل فجر الخميس مرحلة شديدة الخطورة، مع تبادل ضربات جوية وصاروخية استهدفت مواقع حيوية في كلا البلدين، وتهديدات غير مسبوقة من تل أبيب باغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي. في حين أبقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم في حيرة بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى إسرائيل في حربها.
وشهدت طهران ومحيطها موجة من القصف الإسرائيلي استهدفت منشآت عسكرية ومواقع نووية، فيما واصلت إيران هجماتها الصاروخية على مواقع داخل إسرائيل، ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية لدى كلا الطرفين.
وترافق التصعيد مع ضغوط متزايدة على واشنطن لاتخاذ موقف حاسم من احتمال توجيه ضربة مباشرة لإيران وسط انقسام في إدارة ترامب، في وقت تتحرك فيه دول أوروبية لاحتواء المواجهة. وأفاد دبلوماسيون أوروبيون أن وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي سيعقدون اجتماعًا مع وزير الخارجية الإيراني في جنيف الجمعة، لبحث إمكانية استئناف المحادثات النووية.
وتزامن التحرك الدبلوماسي مع تصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قال فيها إن “الهدف هو تدمير البرنامج النووي والصاروخي الإيراني”، مهددًا بشكل مباشر باغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي حمّله مسؤولية إطلاق الصواريخ على العمق الإسرائيلي.
خسائر إسرائيلية كبيرة إثر القصف الإيراني
كشفت “القناة 12” الإسرائيلية أن مدينة بات يام جنوبي تل أبيب شهدت دماراً واسعاً جراء صاروخ إيراني، ما أدى إلى تشريد أكثر من 1500 مستوطن، و أحصت وسائل إعلام إسرائيلية مقتل 24 وإصابة و838 ىخرين وإجلاء 5 آلاف شخص من منازلهم من جراء صواريخ إيران منذ بدء الحرب.
وأعلنت بلدية تل أبيب هدم 20 مبنى بشكل فوري، مع تخصيص 600 غرفة فندقية لإيواء المتضررين.
من جانبها، أكدت صحيفة “معاريف” أن 6 مواقع في تل أبيب وضواحيها تعرضت لضربات مباشرة، فيما تستمر عمليات الإنقاذ للبحث عن 7 مفقودين.
وأكدت الصحيفة أن صاروخاً من طراز “خرمشهر” برأس متفجر كبير قد يكون وراء الدمار في بات يام.
كما أفادت “القناة 14” العبرية بأن الحكومة الإسرائيلية عقدت اجتماعاً عن بعد، وُزّع خلاله الوزراء على عدة مدن، بينما اجتمع نتنياهو والمجلس الأمني المصغر في قبو محصّن خشية هجوم صاروخي مباشر من إيران.
وانتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي واتهم الوكالة بالمشاركة في “حرب عدوان ظالمة” تشنها إسرائيل على بلاده.
وفي منشور على إكس، رد بقائي على مقابلة أجرتها (سي.إن.إن) مع جروسي وقال فيها إنه لا يوجد دليل على وجود مساعي إيرانية ممنهجة لصنع أسلحة نووية.
وقال بقائي “جاء ذلك متأخرا جدا يا سيد جروسي”. وأضاف أن قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الإعلان أن إيران تنتهك التزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية استخدمته إسرائيل ذريعة لشن هجومها على إيران.
صاروخ يلحق أضرارا بمشفى سوروكا في تل أبيب
أصابت عدة صواريخ إيرانية صباح اليوم الخميس مناطق مأهولة بالسكان في إسرائيل، بما في ذلك مشفى في الجنوب.
وبحسب وسائل إعلام إيرانية، أعلن الحرس الثوري الإيراني استهداف مقر للقيادة والسيطرة تابع للجيش الإسرائيلي ومعسكر مخابرات تابع للجيش يقع بالقرب من مركز سوروكا الطبي في مدينة بئر السبع جنوب إسرائيل.
وقالت وزارة الصحة الإسرائيلية إن عددا من الأشخاص لحقت بهم إصابات طفيفة، وأن أضرارا محدودة تعرضت لها غرفة الطوارئ في المشفى والمباني الأخرى التي لم تؤثر على قدرة المشفى على العمل.
وجاءت هذه الضربة بعد أربعة أيام من ضربة صاروخية إسرائيلية ألحقت أضرارا بمستشفى في محافظة كرمانشاه غرب إيران.
مشاركة أميركية في اعتراض الصواريخ الإيرانية
وذكرت “القناة 12” العبرية أن منظومات دفاع جوي أميركية شاركت في اعتراض الصواريخ الإيرانية الأخيرة، بينما دوّت صفارات الإنذار مجدداً في شمال إسرائيل بسبب طائرات مسيّرة.
ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن مسؤولين إسرائيليين أن انضمام الجيش الأميركي للهجوم غير مضمون، لكن إسرائيل مستعدة للعمل منفردة.
هجمات إسرائيلية على إيران وتحركات دفاعية متبادلة
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء موجة هجمات على طهران وكرج، بينما أفادت رويترز بتفعيل الدفاعات الجوية في قلب العاصمة الإيرانية.
وذكرت وكالة أنباء “فارس” أن إيران أطلقت دفعة من الصواريخ الثقيلة، ما أدى إلى حرائق في مدينة الرملة الإسرائيلية بعد سقوط شظايا من الاعتراضات.
وأعلن التلفزيون الإيراني بدء الموجة 13 من عمليات “الوعد الصادق 3” باستخدام صواريخ بعيدة المدى، في حين أنذرت إسرائيل سكان أراك–خنداب بإخلاء المنطقة تمهيداً لضربات وشيكة على بنى تحتية عسكرية.
إيران تعتقل خلية تجسس وتلوّح بتهديدات إقليمية
في السياق، أعلنت وكالة أنباء “فارس” اعتقال 18 عميلاً لإسرائيل في مدينة مشهد بتهمة تصنيع طائرات مسيّرة هجومية وتجسسية.
في الوقت نفسه، قالت وكالة تسنيم إن 10 قواعد أميركية في الشرق الأوسط تقع ضمن مرمى الصواريخ الإيرانية في حال توسع المواجهة.
تردّد أميركي وتحضيرات لعمل عسكري
من الجانب الآخر، أفادت شبكة “CBS” الأميركية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقد اجتماعاً ثالثاً في غرفة العمليات، بينما أكدت وكالة “بلومبرغ” أن وكالات فدرالية بدأت استعدادات فعلية لضربة محتملة على إيران، قد تُنفّذ نهاية الأسبوع.
ونقلت “أكسيوس” عن مسؤولين أن ترامب يدرس استخدام قنابل خارقة للتحصينات من طراز MOP لضرب منشأة “فوردو”، ويشترط أن تكون الضربة ضرورية ولا تؤدي إلى حرب طويلة الأمد.
في الوقت نفسه، قال مسؤول إيراني لصحيفة “نيويورك تايمز” إن طهران مستعدة للقاء ترامب ومناقشة وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
انقسام داخل الكونغرس ومخاوف دولية
على الصعيد الداخلي الأميركي، أصدر خمسة أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ بياناً يرفض أي تدخل عسكري من دون تفويض الكونغرس، محذرين من تعريض الولايات المتحدة للخطر. فيما دعا السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إلى استهداف منشأة “فوردو” المحصنة.
وأظهر استطلاع فوكس نيوز أن 59% من الأميركيين يرون أن الضربات الإسرائيلية على إيران تجعل العالم أكثر خطورة، بينما 46% يعارضون شن إسرائيل هجمات على المنشآت النووية.
دولياً، نقلت صحيفة “التلغراف” عن المدعي العام البريطاني أنه حذر رئيس الوزراء، كير ستارمر، من أن أي تدخل عسكري يتجاوز الدفاع عن الحلفاء قد يكون غير قانوني بموجب القانون الدولي.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية: لا أدلة على تصنيع سلاح نووي إيراني
في السياق، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إنه لا توجد مؤشرات تؤكد سعي إيران لصنع سلاح نووي، لكن هناك عناصر تثير القلق، محذراً من خطر كارثي في حال استهداف مواقع نووية.
المصدر: تلفزيون سوريا