مرت دول العالم بنزاعات عديدة خلال مراحل تكوينها، منها كان لأسباب توسعية ، دينية ، طمعاً بثروات الغير ، وأحدثها الطاقة والبترول التي مازالت مستمرة ليومنا ونعيش اليوم كابوسها الذي قد يدخل العالم بحرب طاحنة نجهل الأسلحة التي سيتم استعمالها وقوة فتكها , أما في السنوات القادمة ، سنرى الحروب لأسباب تعود ربما لأكثر من خمسة آلاف سنة كما كان يحدث بالجزيرة العربية وبعض الدول الأخرى ، الصراع والقتال على الآبار والينابيع ، علما أن موضوع المياه يبقى حيوي اكثر من المسببات الأخرى لما حدث عبر التاريخ ، كون المياه موضوعها موضوع حياة أو موت ، وهنا يؤكد لنا الاسلام ذلك ( وخلقنا من الماء كل شيء حي ) مما يعني انها عاملا اساسيا لنشوب الحروب فيما اذا شحت منابعها وقلت الأمطار ، وبالواقع هذا ما يحدث بالعالم ، أو بمعنى آخر قسم كبير من دول العالم عرضة لجفاف كامل لينابيعها ومصادر مياهها ، وزيادة في التصحر ، نلحظ أن التسارع الديموغرافي لا يتماشى مع التحكم وتطوير وترشيد استهلاك المياه .
وضحت مؤسّسة الاستشارات الدوليّة (برايس ووتر هاوس ) أن هناك 11 دولة قد تشكّل موضع خلاف على المياه قابل لأن يتحوّل إلى نزاع عسكري ، من بينها 4 مناطق في الشرق الأوسط هي منطقة تركيا – سوريا – العراق، بسبب السدود التركيّة التي تتحكّم في نهري دجلة والفرات، ومنطقة إيران – العراق اللتين تتنافسان على شطّ العرب ملتقى دجلة والفرات، إلى جانب مصر – السودان – أثيوبيا حول مياه النيل .
يأتي ذلك في الوقت الذي ما زالت جامعة الدول العربيّة تعمل على إعداد الاتّفاقية العربيّة الجديدة لاستخدامات المياه والتي بدأ الحديث عنها عام 2008، والتي من المفروض أن تضع ضوابط للتعامل مع أزمة مناطق الصراع العربيّ على المياه، بينما ما زالت مسوّدتها النهائيّة تحت المراجعة لعدم التوافق عليها لليوم.
المنطقة العربيّة تحتوي على أقلّ من 7% من مخزون المياه العالميّ، وعلى أقلّ من 1% من نسبة المياه الجارية، وأنّ الأمطار التي تتساقط عليها لا تتجاوز 2% من المعدّل العالميّ.
هناك تهديد كبير للمياه العربيّة، وهو الأمر الذي ينذر باستفحال قضيّة الصراع على المياه، لأنّ المصادر المائيّة العذبة محدودة، بل سينتج عنها فجوة غذائيّة تتزايد مع تزايد التعداد السكّانيّ، بما ينذر بمجاعة ما لم تتضافر الجهود لتخطيط صحيح باستثمار مصادر المياه وترشيد استهلاكها إضافة الى ترشيد وتطوير الثروات الغذائية لمواجهة التضخم الديموغرافي.
أصبح اليوم موضوع المياه سلاح فتاك يستعمل كأي سلاح، إذا نظرنا الى تنظيم الدولة الاسلامية داعش كيف تمددت وتمركزت في مناطق الموارد المائيّة في سوريا والعراق، ومن الواضح جدّاً أنّها كانت تسعى إلى امتلاك مناطق مصادر المياه العربيّة، وباعتبار أنّ المياه تمثّل الحياة، فالاستيلاء عليها ومنعها عن المستخدمين في الدول العربيّة شيء خطير ويمثّل وسيلة ضغط غير إنسانيّة.
أما إذا خرجنا من منطقة الشرق الاوسط ونظرنا بعين مجردة على مواضيع مماثلة فسنجد:
– زمبيا – بوتسانا والموزنبيق يتنافسوا على نهر السنغال
– الهند والباكستان على نهر الأندوس
– الهند وبنانغلادش على نهر الغانج
– اوزبكستان، كازخستان وطاجيكستان على نهر امو داريا وسير داريا والأورال
– المجر وسلوفاكيا على محطة توليد نهر الدانوب.
وتحذر التقارير المختصة بهذا الشأن بأن العالم يسير نحو كارثة رهيبة إذا لم يتم اعادة توازن موضوع مصادر المياه والحد من التلوث والتوسع العشوائي للمدن، لأنها على هذه الخطى ستقود العالم الى حرب مياه ونرى شبحها يظهر بمنطقة الشرق الأوسط قبل غيرها ، وأن فقراء دول هذه المنطقة من سيدفع ثمن الصراع ، الايام القادمة سيدفعون حياتهم ثمن المياه وستطول الجميع دون استثناء كونها معركة حياة أو موت لتضاف الى معركة البترول التي ندفع اليوم ثمنها .
وفق دراسة فرنسية حول التعطش تشير المذكرة أن مليار انسان في العالم يفتقرون الى المياه الصالحة للشرب، وأن اربعة مليارات انسان لا يتمتعون حتى بالبنى التحتية التي يمكن الاعتماد عليها في تنقية المياه، وقد اعتبرت المياه العامل الأول في وفيات للأطفال حيث ثلاثة ملاين طفل يموتون سنويا بسبب نقص المياه، فما بالكم في السنوات القادمة،حيث الشح يسير بتسارع أكبر من تحسين المصادر أو الترشيد وبناء السدود بشكلها المنطقي المتوازن مع دول الجوار حتى لا تنحرم شعوب على حساب شعوب أخرى .
إذا تركنا الأمور دون أي اجراء تضامني وتكافلي سنجد أنفسسنا تحت سلطة البنك الدولي للمياه المزعوم إنشائه كالصندوق النقد الدولي ، وتهيمن على فكرته عائلة ( روتشيلد ) عبر مصارفها المتوزعة بأنحاء العالم ، وشركاتها العابرة للقارات ، علما أنها وبواسطة تلك المصارف والشركات التي ستعمل على أساس أنها تطور الثروة المائية ستحصل على عقود بحصص ثابتة لكمية المياه اينما وضعت استثماراتها , مما يعني كلما انخفضت كمية المياه المنتجة ،تبقى حصتها ثابتة لا تراجع بها لتصل الى مرحلة تكون مياه تلك المناطق التي تتواجد بها تلك العائلة ملكها بالكامل .