لبنان مضغوط من كل الجهات: إحكام القبضة الأميركية السورية؟

تتزايد مؤشرات التصعيد تجاه لبنان. سياسياً، من خلال الضغط الديبلوماسي المستمر الذي يطالب بضرورة الإسراع في العمل على استكمال مسار سحب السلاح. اقتصادياً، من خلال ربط أي مساعدات سيحصل عليها لبنان إما بتحقيق تقدّم سياسي وإصلاحي، وإما بالمضي قدماً في سحب السلاح شمال نهر الليطاني. أما عسكرياً وأمنياً، فإن المخاطر الإسرائيلية لا تزال قائمة وسط تخوف لبناني من استمرار إسرائيل بتنفيذ ضربات واستهدافات لمواقع لحزب الله، بما فيها الضاحية الجنوبية لبيروت، خصوصاً أنه يومياً يتم الطلب من قبل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار بإبلاغ الجيش بضرورة الكشف على مواقع مختلفة في الضاحية الجنوبية لبيروت.

التفاوض الأميركي- الإيراني

لا تنفصل هذه المشاهد المعقدة عن التعقيدات القائمة في الإقليم، لا سيما في إسرائيل التي تشهد تجاذبات كبيرة سياسياً وعسكرياً، بالإضافة إلى السعي الإسرائيلي لتخريب مسار المفاوضات الأميركية الإيرانية. هذه المفاوضات التي تتضارب المعلومات بشأنها في ظل الكلام الإيجابي الذي يطلقه المسؤولون الإيرانيون مقابل المؤشرات السلبية التي يبرزها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي يعتبر أن إيران أصبحت أكثر حدة في التفاوض.
وقد يكون تصعيد ترامب هذا مرتبطاً بدفع طهران إلى المزيد من التنازلات.
لبنانياً، هناك انتظار لما ستؤول إليه المفاوضات الإيرانية الأميركية، خصوصاً أن القناعة اللبنانية تشير إلى أن مصير هذه المفاوضات سيكون له انعكاس مباشر على الوضع اللبناني وخصوصاً في موضوع سلاح الحزب.

الإيقاع السوري

في هذا السياق، لا تزال الضبابية قائمة بشأن الجهة التي ستتولى الملف اللبناني أميركياً، وسط معلومات تشير إلى تقدم حظوظ وفرص المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك، والذي يفترض أن يجري زيارة قريبة إلى لبنان، في إطار تسلمه لهذا الملف، قبل أن يتم تعيين السفير الأميركي الجديد في بيروت.
تولي باراك للملف اللبناني سيكون له أبعاده وانعكاساته، ولا بد لأي تداعيات سورية أن تنعكس عليه.

بناء عليه فإن الإيقاع السوري سيكون ذات تأثير أكبر على المسارات اللبنانية في المرحلة اللاحقة، وسط ترقب وانتظار لزيارة يفترض أن يجريها وفد سوري إلى لبنان خلال الشهر الجاري برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني.
ملفات كثيرة عالقة وستكون مطروحة، من بينها مواصلة اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لضبط الحدود، ومنع التهريب، خصوصاً أن دمشق لا تزال تبدي قلقاً وتخوفاً من أن تكون الأراضي اللبنانية منطلقاً لأي عمليات تستهدف الداخل السوري. كما أن سوريا تطالب بالعمل على معالجة سريعة للموقوفين السوريين في السجون اللبنانية.

العلاقة مع العرب

في الصورة الأعم فإن تسلم المبعوث الأميركي إلى سوريا لملف لبنان، يعني إصراراً أميركياً على جعل لبنان في الخانة الأميركية، وعدم تركه يغرّد بعيداً، خصوصاً في ظل الاهتمام الأميركي والسعودي والقطري الكبير بسوريا، ولبنان ضمناً، لا سيما أن كل المعلومات تؤكد التنسيق المتكامل بين هذه الدول الثلاث تجاه البلدين.
هنا، لا يمكن فصل هذه الوقائع عن الزيارة التي أجراها رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى الأردن والتي تندرج في خانة الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع كل الدول العربية، لا سيما بعد زيارته إلى العراق. فالزيارة إلى الأردن ترتبط بالكثير من الملفات المشتركة، منها ما يتصل بالعلاقة مع سوريا. وذلك لا ينفصل عن حرص لبنان على تعزيز العلاقة أكثر فاكثر مع دول الخليج، ولا سيما مع السعودية.

اليونيفيل.. التحدي الأبرز

التحدي الأبرز الذي يواجهه لبنان أيضاً، هو مسألة التمديد لقوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل). فرنسا تبدي كل الاستعداد للمساعدة في سبيل تجديد ولاية هذه القوات. وهو ما أبلغه الموفد الفرنسي جان إيف لودريان للمسؤولين، والذي أكد أن باريس تدعم لبنان في خيار التمديد. ولكن يفترض توقع حصول الكثير من الضغوط لتعديل وتوسيع صلاحيات هذه القوات. كما أن لبنان تلقى رسائل كثيرة بضرورة أن يكون جاهزاً لكل السيناريوهات.

من الواضح أن إسرائيل تضغط لعدم التجديد لقوات اليونيفيل، علماً أن الأسباب غير واضحة. فإما أنها لا تريد أي شاهد دولي على اعتداءاتها وخروقاتها، وإما أنها تسعى إلى حصر العمل في الجنوب اللبناني ليكون خاضعاً لها وللولايات المتحدة الأميركية.
في هذا السياق يبدو واضحاً أن المقاربة الإسرائيلية تجاه جنوب سوريا لا تختلف عن المقاربة تجاه جنوب لبنان، خصوصاً بما يتصل بالهدف الأساسي، وهو عدم وجود أي قوات عسكرية لديها جهوزية لشن عمليات عسكرية ضد إسرائيل، أو أي قوة عسكرية غير مضبوطة أو خاضعة للدولة اللبنانية أو الدولة السورية. ومن من هنا يأتي الإصرار الإسرائيلي على توسيع العمليات العسكرية في جنوب لبنان، وشن ضربات تشكل أحزمة نارية في مناطق مختلفة، سواء في محيط النبطية، أو في محيط منطقة إقليم التفاح، وهو ما يشبه إلى حد بعيد حجم الضربات التي نفذها الإسرائيليون في جنوب سوريا، أو حجم التوغل البري، وتجاوز اتفاقية فض الاشتباك وعدم القبول بالعودة إليها، وفتح مسار تفاوضي جديد في سوريا كما في لبنان.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ماتزال عربدة الكيان الصه,يوني مستمرة بالمنطقة مع فائض القوة التي تملكها من دعم أنظمة أوروبية الإدارة الأمريكية، تضغط لعدم تمديد اليونيفيل في جنوب لبنا لتجعلها ضمن سيطرتها للتحكم بمقدراته مع الإدارة الأمريكة كما تطلبه بالجنوب السوري، هل أصبح هذا الكيان يملك السيطرة كقوة وحيدة بالمنطقة ضمن الصمت العربي والإقليمي؟؟!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى