دعوة لاخراج السياسة من عباءة التاريخ

معقل زهور عدي

منذ أن هبط الخميني من الطائرة التي أقلته من باريس الى مطار طهران في الأول من شباط عام 1979 انفتح عصر جديد في المنطقة عصر انبعاث الصراع التاريخي بين السنة والشيعة .

رحم الله ابن عمي عبد الكريم زهور عدي حين تأمل تفاؤلنا الطفولي وقتها قبيل انتصار الثورة الاسلامية ونظر إلينا خلف دخان سيكارته قائلا بهدوء شديد : فقط ادعوا الله أن يسقط الشاه ولاينتصرالخميني .

نبشت ثورة الخميني التاريخ , واستحضرت راية الحسين وأدخلت المنطقة العربية بعصر ايراني بامتياز , عصر أزاح الفكر القومي والاشتراكي والبس الصراعات السياسية ثوبا مذهبيا , وكان آخر هداياه لسورية القمع الوحشي للثورة السورية منذ بدايتها , ألم يقل حسن نصر الله بلسانه إن إمامه الخامنئي كان شديد القلق من امكانية حصول ثورة في سورية بعد ثورة مصر وتونس واليمن وليبيا وأنهم تدارسوا معا هذا الاحتمال ووضعوا الخطط لاجهاض أي تحرك شعبي قبل أن يشتد وينتشر .

سقط نظام بشار الذي تحول إلى دمية بيد ايران وظن مخطئا أن ذلك كاف لبقائه في السلطة لكن آثار تلك الحقبة الايرانية مازالت تثقل كاهلنا حتى اليوم .

فردا على استحضار راية الحسين استحضرنا راية الأمويين , وردا على التشيع أصبحنا نعي أنفسنا كسنة وليس كمسلمين , أما الوعي الوطني فتمت إزاحته للمرتبة الثانية ليظل القفلة البلاغية التي ننهي بها الحديث كما كنا نفعل بشعار الوحدة زمن البعث .

ليست دعوة لنبذ التاريخ والتراث فذلك غير ممكن , لكنها دعوة لاخراج السياسة من عباءة التاريخ فنحن لسنا أمويين في السياسة مثلما أننا لم نكن نواصب في العصر الايراني كما كان يصرخ بوجهنا حزب الله وهو يحرق القصير .

نحن أبناء القرن الحادي والعشرين الذين تخلفنا كثيرا عن ركب الحضارة العالمية , وأبناء سورية المدمرة التي هاجرها نصف أهلها .

لقد حان الوقت لنرمي مخلفات العصر الايراني وندفنها بعيدا , ولن نتمكن من ذلك طالما بقينا خاضعين لرد الفعل وليس للفعل العاقل الذي ينظر للمستقبل ولا يلتفت للماضي سوى من أجل المعرفة وليس لزجه في حقل السياسة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى