
تتجه الحرب التجارية ما بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا نحو التصعيد، حيث اقترحت المفوضية الأوروبية فرض رسوم جمركية مضادة بنسبة 25% على مجموعة من السلع الأميركية مثل فول الصويا والمكسرات والنقانق، لكنها تستبعد سلعا أخرى مثل الويسكي من القائمة، وفقا لوثيقة اطلعت عليها “رويترز”.
قال مسؤولون إنهم مستعدون للتفاوض على اتفاق “صفر مقابل صفر” مع إدارة ترامب. وقال مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي ماروش شفتشوفيتش في مؤتمر صحافي: “عاجلا أم آجلا، سنجلس إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة ونتوصل إلى تسوية مقبولة للطرفين”.
يُعاني الاتحاد الأوروبي، المؤلف من 27 دولة، من الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات والمعادن. ويواجه رسوما جمركية تبلغ 20% على منتجات أخرى تسري غدا الأربعاء. كما هدد ترامب بفرض رسوم جمركية على المشروبات الكحولية المُستوردة من الاتحاد الأوروبي.
ويواجه المستثمرون والقادة السياسيون صعوبة في تحديد ما إذا كانت رسوم ترامب الجمركية دائمة أم أنها مجرد أسلوب ضغط للحصول على تنازلات من دول أخرى.
رسوم تهبط بقيمة السوق الأميركية
وقال ستيفان بوجناه، الرئيس التنفيذي لبورصة يورونكست، يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة بدأت تشبه الأسواق الناشئة أكثر من كونها دولة متقدمة، في ظل استمرار تقلب الأسواق المالية بعد فرض رسوم جمركية أميركية واسعة النطاق.
وشرح بوجناه في مقابلة مع إذاعة “فرانس إنتر”: “الخوف موجود في كل مكان. الدولة (الولايات المتحدة) لم تعد تُعرف، ونحن نعيش في فترة انتقالية. هناك شكل من أشكال الحداد، لأن الولايات المتحدة التي كنا نعرفها في معظم الأوقات كأمة مهيمنة كانت تشبه القيم والمؤسسات الأوروبية، أما الآن فهي تشبه أكثر الأسواق الناشئة”.
وأشار بوجناه إلى أن الأسواق المالية العالمية تعيد توزيع الأصول وتحاول التكيّف مع الولايات المتحدة، التي لم تعد مألوفة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على الواردات إلى البلاد.
وقال ترامب إن هذه الرسوم الجمركية – بنسبة لا تقل عن 10% على جميع الواردات الأميركية، مع نسب مستهدفة تصل إلى 50% – ستساعد الولايات المتحدة في استعادة قاعدة صناعية تراجعت على مدى عقود من تحرير التجارة.
وأضاف بوجناه أن هناك بعض الأخبار الإيجابية، منها انخفاض أسعار النفط وأسعار الفائدة على المدى الطويل، بالإضافة إلى تدفقات مالية تغادر الولايات المتحدة ليُعاد استثمارها في أوروبا.
ووجّه رئيس وزراء نيوزيلندا، كريستوفر لوكسون، انتقادات قوية للرسوم الجمركية الأميركية، واصفا إياها بأنها تمثل “انحرافا عن قواعد متفق عليها” للتجارة، ومحذرا من خطر “العودة إلى حرب تجارية عالمية”.
وقال لوكسون للصحافيين في ولنغتون اليوم الثلاثاء: “الحرب التجارية لا تصب في مصلحة أي طرف. إنها ستبطئ النمو العالمي، وتضر بوظائف الناس، وتقلل من الأموال في محافظهم”.
وأوضح أن نيوزيلندا، التي من المقرر أن تخضع لمعدل رسوم جمركية أساسي بنسبة 10% على السلع المصدّرة إلى الولايات المتحدة، لن تفرض رسومًا انتقامية على واشنطن.
يُذكر أن الولايات المتحدة تجاوزت أستراليا في يناير/كانون الثاني لتصبح ثاني أكبر شريك تصديري لنيوزيلندا بعد الصين، وتشمل صادرات نيوزيلندا إلى أميركا بشكل أساسي اللحوم ومنتجات الألبان والنبيذ والآلات الزراعية.
نظرة مختلفة
ورغم التصعيد الوشيك للنزاع التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ترى الخبيرة المتخصصة في السياسات التجارية الأميركية لورا فون دانيلز أنه ما زالت هناك فرصة للوصول إلى حل تفاوضي للنزاع.
وقالت لورا فون دانيلز عالمة السياسة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ببرلين لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) اليوم الثلاثاء “ما زالت هناك ثغرات محددة في إعلانات ترامب للرسوم، هناك مساحة للمناورة سواء إيجابيا أو سلبيا”.
ورغم أنه من غير المحتمل التراجع عن فرض رسوم بحد أدنى 10% على الواردات الأميركية من جميع دول العالم، تعتقد فون دانيلز أنه يمكن التفاوض بشأن الرسوم الزائدة عن هذا الحد على دول محددة والتي ستدخل حيز التطبيق غدا الأربعاء.
وبالنسبة للواردات من الاتحاد الأوروبي أعلن ترامب فرض رسوم عليها بنسبة 20%، فيما يقول الاتحاد إنه يريد اتفاقا للتجارة الحرة بالنسبة للسلع الصناعية. لكن فون دانيلز تحذر من احتمال تدهور الموقف أيضا.
ويمكن أن يفرض ترامب رسوما إضافية على بعض المنتجات مثل الأدوية في محاولة لمنع الشركات الأوروبية من تصدير تقنيات محددة إلى الصين.
وقالت فون دانيلز: “يمكن أن يؤدي ذلك إلى انهيار قطاع أعمال آخر”، مضيفة أن الأمن الأوروبي يعتمد بدرجة كبيرة على الولايات المتحدة وهو ما يحد من خيارات الإجراءات المضادة أمام الاتحاد الأوروبي، مثل التحركات الأوروبية ضد شركات التكنولوجيا الرقمية الأميركية الكبرى.
وشرحت فون دانيلز الموقف بالقول: “ترامب يربط السياسة التجارية بالسياسة الأمنية. وهو يربط التهديد بالرسوم الجمركية بمطالبه بزيادة الإنفاق العسكري للدول الأوروبية”.
وأشارت إلى أنه من الممكن أن يستخدم ترامب عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو الضمانات الأمنية الأميركية لأوروبا وسيلة ضغط.
وقد يعتمد مدى إصرار ترامب على مواصلة هذا المسار ومدى استمراره فيه على ما إذا كانت الاحتجاجات عليه ستنتشر في الولايات المتحدة على نطاق أوسع، أو ما إذا كانت قاعدته الانتخابية ستتحول ضده.
ووفقًا لفون دانيلز، تُظهر النماذج الأولية أن الرسوم الجمركية قد تُكلف الأسرة الأميركية المتوسطة بين 3000 و5000 دولار سنويًا.
وقالت: “ترامب يُلحق الضرر بجزء كبير من مؤيديه”، مضيفة أنه من المحتمل أيضًا أن ينأى ترامب بنفسه قريبًا عن مستشاره الحكومي إيلون ماسك، كخطوة رمزية لتهدئة قاعدته الانتخابية.
وتابعت أن ترامب يمكن أن يقول لناخبيه “أنا أسمع ثم أتحرك”. كما بدأ الرئيس الأميركي يدرك أن عمليات التسريح الواسعة للموظفين في مؤسسات الحكومة الاتحادية وتخفيضات الميزانية التي يقوم بها ماسك لا تحظى برضا قاعدة ترامب الانتخابية، لقد ابتعد بشكل متزايد عن موقف ماسك في المناسبات الأخيرة.
المصدر: العربي الجديد
رئيس الإدارة الأمريكية “ترامب” بدأ عهده الجديد بالإدارة بحرب تجارية من خلال فرض الرسوم الجمركية لتصل الى 145% على بعض المنتجات الصينية، إنه خبطة إقتصادية إرتداداتها ستنعكس على أمريكا وأوروبا والعالم، هل قدر العالم برئاسة أميركية مجنونة أو نائمة؟