
لاشيء في منطقتنا يجري بإرادتنا، وعندما نمتلك الإرادة لتحقيق المصلحة الوطنية تتدخل القوى الدولية لفرض ارادتها ان كانت مصلحتنا تتعارض مع مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني.
هكذا هو الحال منذ ان نالت الدول العربية استقلالها ،ومنذ ان خلقت قوى الاستعمار دولة الكيان الصهيوني.
لايوجد نظام في محيطنا العربي إلا ووصل إلى السلطة بترتيب من الدول الكبرى المتحكمة في منطقتنا، واستمراره بالحكم مرهون بمايقدمه من خدمات ولو على حساب مصلحة بلده.
هكذا كان نظام الاسد ،أتى بإرادة دولية وانتهى بإرادة دولية، بعد ان أوصل سورية كما هو مرسوم له إلى هذه النقطة، التي تقترب فيها إلى التشظي والانقسام.
وحتى نقرب الصورة اكثر لفعل القوى الخارجية في مسيرة بلداننا اقول: ان الثورة السورية استمرّت 14 عاما وكادت ان تنتصر بأعوامها الأولى، إلا ان الإرادة الدولية حالت دون انتصارها ،رغم وجود قرارات اممية لحل المسألة، ووجود كيان معارض خلقته الارادة الدولية يعترف به العالم (رغم تفاهته)ممثلاً للمعارضة السورية،وبعد 14 عاماً وبشكل مفاجئ تصل إلى دمشق طلائع مقاتلة كانت مصنفة دولياً بالارهاب وتنهي نظام الأسد، وتحكم دمشق ويعترف بها العالم.
ورغم اعتزازنا بحكام دمشق الجدد وإيماننا بوطنيّتهم، إلا اننا لايمكن ان نتجاهل ان للإرادة الدولية دور في وصولهم الى دمشق، لأنهم القوة الأكثر تنظيماً بالمعارضة المسلحة، ولأن الكيان المعارض المعترف به دولياً غير كفء لاستبداله بنظام الأسد، ووصوله الى السلطة لايحقق مايرسمه المجتمع الدولي لسورية والمنطقة.
لقد هيأت الدول الفاعلة بالمنطقة الظروف لوصول تيار وطني مؤدلج الى السلطة، أيديولوجيته لاتتوافق مع فئات من الشعب السوري حتى يبقى الصراع الداخلي مستمراً، وهذا مانراه من موقف البعض من الطائفة الدرزية الرافضين لسلطة دمشق ، وموقف الأكراد الذي وقع قادته العسكريون اتفاقاً مع سلطات دمشق، الا ان التيار السياسي الكردي يرفض هذا الاتفاق.
اضافة الى ماتشكله من تحدٍ للنظام الجديد بقايا النظام البائد،الذين يحلمون بعودة نظامهم وسيعملون مابوسعهم لتعطيل مسيرة النظام الجديد.
من خلال مايجري سورية لن تكون في مأمن من الصراعات التي قد تعصف بالوحدة الوطنية ،وتجعل سورية ان استفحلت هذه الصراعات على طريق التقسيم وهو حلم الكيان الصهيوني الكبير.
امام هذه التحديات ماذا علينا ان نفعل للحفاظ على بلدنا؟
واجبنا جميعاً تفويت الفرصة على اعداء سورية، وتوحيد جهودنا لضمان وحدتها، وأولى هذه المسؤوليات تقع على الحكام الجدد بمشاركتهم جميع السوريين بالحكم، والانفتاح على كل فئات المجتمع،وعلى باقي اطياف الشعب السوري مسؤولية كبرى بتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الطائفية والعرقية.
ان لم ننتبه الى التحديات التي تواجهنا فلن نكون بخير .
ودعاؤنا لله ان يحمي سورية وشعبها.
المصدر : كل العرب