أكد العقيد رياض الأسعد، أحد أوائل الضباط المنشقين عن جيش النظام السابق ومؤسس الجيش السوري الحر، أن زيارته الحالية إلى دمشق تأتي في إطار مهمة تهدف إلى متابعة التطورات على الأرض، والتباحث مع المسؤولين حول المرحلة المقبلة، مضيفاً أنه التقى بعدد من السياسيين والعسكريين، وقد دار النقاش حول مستقبل سوريا وسبل التعامل مع القضايا في المرحلة الحالية.
وأشار الأسعد، في لقاء مع تلفزيون سوريا، إلى أن العديد من التساؤلات تُطرح حول مصير البلاد، خاصة من المدنيين والعسكريين الذين انشقوا عن النظام. وقال: “الناس بدأت تتساءل عن المرحلة الانتقالية، وعن كيفية تحقيق الاستقرار بعد النصر، هناك أسئلة تتعلق بالاقتصاد، الوظائف، ومستقبل المهجرين، وهي قضايا تحتاج إلى إجابات واضحة”، وأوضح أن هناك شعوراً لدى البعض بغياب خطط ملموسة لمعالجة هذه القضايا”.
الضباط المنشقون ودورهم في المرحلة المقبلة
فيما يخص الضباط المنشقين، أوضح الأسعد أن عددهم يصل إلى نحو 6000 ضابط، منهم من انضم إلى الفصائل، ومنهم من لجأ إلى أوروبا نتيجة للظروف الصعبة، في حين اختار بعضهم الآخر البقاء على الحياد لرفضهم الارتباط بدول أو قبول دعم مشروط.
وأشار إلى أن الأولوية الحالية تتمثل في إعادة هيكلة الفصائل ودمجها ضمن الجيش، وناقش الأسعد ملف دمج الفصائل، مشيراً إلى العقبات الكبيرة التي تواجه هذا الملف، موضحاً أن بعض الفصائل تطالب بالمحاصصة أو مكاسب معينة، مما يعقّد عملية الدمج، بالتالي، حل هذه القضية يتطلب رؤية شاملة وجدولاً زمنياً واضحاً.
وشدد الأسعد على ضرورة وضع خطط واضحة وجداول زمنية لحل المشكلات الحالية. وأبدى عدم رضاه عن الإجابات العامة التي تُطرح، مشدداً على أهمية تقديم حلول عملية وواقعية تعكس تطلعات الشعب وتضمن الاستقرار في المرحلة المقبلة.
وكشف الأسعد عن تحديات تواجه الضباط المنشقين في المرحلة الحالية، مشيراً إلى وجود نوايا لاستثمار بعض الضباط الذين كانوا جزءاً من النظام السابق بسبب خبراتهم. وأكد أن تلك الخطط ليست محصورة بمجال الطيران، بل تمتد إلى مختلف المستويات والرتب، بما فيها الصغيرة، التي شارك أصحابها في انتهاكات وأعمال قمع خلال الحقبة السابقة.
الأوضاع المعيشية للضباط العائدين
تطرق الأسعد إلى الوضع المعيشي الصعب للضباط المنشقين العائدين إلى سوريا، مشيراً إلى أنهم يواجهون تحديات كبيرة، مثل تدمير منازلهم وعدم توفر دعم مالي أو حتى تقدير بسيط لجهودهم.
وأوضح أن هؤلاء الضباط يحتاجون إلى دعم مالي وإجراءات ملموسة تضمن عودتهم إلى حياتهم الطبيعية.
وأبدى العقيد الأسعد تخوفه من تكرار سيناريوهات التهميش التي وقعت في تجارب سابقة، مثل تأسيس حكومة الإنقاذ، إذ شعر المنشقون بالإقصاء. وشدد على ضرورة تقديم جدول زمني واضح للإصلاحات، مع خطط شاملة لإعادة دمج المنشقين في المؤسسات العسكرية والمدنية.
وأكد الأسعد أن قضية دمج الفصائل المسلحة في الجيش السوري الجديد تُعتبر من أكثر الملفات تعقيداً، مشيراً إلى أن الفصائل تضع شروطاً ومطالب تعيق عملية الدمج.
وأوضح أن الاجتماعات الجارية حتى الآن لم تسفر عن خطوات فعلية، وأن هناك حاجة ماسة لخطوات عملية تعزز الثقة وتضمن استقرار البلاد.
وأكد العقيد أن المرحلة الحالية تتطلب تعاوناً إيجابياً من الجميع مع الحكومة والقيادة الجديدة، مشيراً إلى أهمية المساندة بالكلمة والعمل لتحقيق الاستقرار وبناء الدولة. لكنه شدد على ضرورة الانتقال لاحقاً إلى مرحلة المطالبة بالحقوق، خاصة مع مواجهة المواطنين لمتطلبات حياتية ملحة.
وأوضح أن كثيراً من عناصر الفصائل لا يملكون موارد كافية لتأمين أساسيات الحياة، ما يجعل تأمين الدعم المالي أولوية ضرورية.
وشدد الأسعد على أن تشكيل الأجهزة الأمنية يجب أن يكون من أولويات المرحلة الحالية، مشيراً إلى أن الأمن والاستقرار لا يمكن تحقيقهما من دون شرطة مدربة قادرة على ضبط الأوضاع.
وأوضح أن الاعتماد على العناصر المنشقّة عن النظام، الذين يمتلكون خبرات أمنية واسعة، يمكن أن يسهم في سد الفجوة الحالية بدلاً من اللجوء إلى متطوعين يفتقرون إلى الخبرة.
ودعا الأسعد إلى وضع خارطة طريق واضحة تتضمن مراحل زمنية محددة لتحقيق الإصلاحات وإعادة بناء مؤسسات الدولة، لافتاً إلى أن الناس بحاجة إلى تطمينات ووعود واضحة لضمان استمرارية الدعم الشعبي للحكومة.
وانتقد الأسعد ترفيع شخصيات مدنية إلى رتب عسكرية عليا بشكل مباشر، في وقت تم فيه تجاهل ضباط ذوي خبرات واسعة لم تتم الاستفادة منهم حتى الآن، موضحاً أن هذا التمييز يثير تساؤلات حول آليات اتخاذ القرارات في المرحلة الحالية.
واختتم الأسعد حديثه برسالة للشعب السوري، حثّهم فيها على التكاتف والتعاون لعبور هذه المرحلة الحرجة، مشيراً إلى أن الصبر مطلوب لتحقيق الأمن والاستقرار، كما أعرب عن تفاؤله بأن الشعب السوري، الذي صبر طوال 14 عاماً، سيواصل نضاله لتحقيق أهدافه وبناء سوريا الجديدة.
المصدر: تلفزيون سوريا