تواجه سورية اليوم استحقاق المرحلة الانتقالية واستحقاق انتخابات الجمعية التأسيسية ووضع دستور دائم للبلاد بعد أن أسقطت الثورة السورية العظيمة وأبناؤها الأبرار حكم الطغيان والفساد والإجرام والذي لم يسبق لسورية أن واجهت مايماثله في الوحشية والعداء للشعب في كل تاريخها الحديث .
وفي هذا السياق لابد للنخب السورية الوطنية من المشاركة في تدعيم العهد الجديد وترشيده لإرساء أسس الديمقراطية والسير إلى الأمام نحو دولة المواطنة والقانون , دولة العدالة والحرية , والتي تضمن أن تكون السلطة السياسية قائمة على أساس عقد اجتماعي بين الحاكم والشعب يعين فيه الشعب حكامه لفترة زمنية محدودة وفقا للدستور , ويكون له الحق في عزلهم , والطريق السلمي الديمقراطي لذلك العزل عبر المؤسسات الدستورية كالبرلمان والقضاء المستقل , كي لاتشهد سورية بعد اليوم من ينصب نفسه حاكما أبديا كما فعل المقبور حافظ الأسد وابنه الطاغية الهارب من العدالة .
تتطلب المرحلة الانتقالية شرعية دستورية يمكن أن تستمد من إعلان دستوري مؤقت يستند لمرجعية دستور عام 1950 وقد تردد اللجوء لمثل ذلك الإجراء في فترات طويلة من تاريخ سورية الحديث خلال الخمسينات والستينات إبان الانقلابات التي كانت تحدث وخلال الفترات الإنتقالية التي تعقبها .
ولابد أن تستمرالمرحلة الإنتقالية بعد الإعلان الدستوري المؤقت في حالة سورية اليوم وبعد خروجها من حكم الأسد الأب والأسد الإبن الذي استمر زهاء 54 عاما وشهد تصحرا سياسيا لوقت مناسب للعودة للحياة السياسية ودخول الشباب إليها وظهور نخبهم السياسية , وذلك في غاية الأهمية حين نأخذ بالأعتبار أن النخب السورية الحالية أصبحت في غالبيتها العظمى في سن الشيخوخة بينما يحتاج الأمر إلى نخب سياسية شابة أكثر انسجاما مع حقائق العصر .
بعد ذلك يمكن إجراء انتخابات ديمقراطية عامة لجمعية تأسيسية تكون أول مهامها وضع الدستور الدائم للبلاد وإقراره بعد عرضه للاستفتاء .
بالنسبة للدعوة لعقد مؤتمر وطني الآن فنحن نجدها سابقة لأوانها وبالنظر لوضع المعارضة السابق والانقسامات والخلافات التي ميزتها , وحالة العجز السياسي التي رافقت عملها , فإن الاستعجال بعقد مؤتمر وطني عام لن يحقق الفائدة المرجوة منه وربما سيعمق الخلافات القديمة . خاصة أنه لن يتمتع بشرعية دستورية طالما أنه لم يتم على أساس التمثيل الديمقراطي المنبثق عن الانتخاب .
ونشدد على أن وضع الدستور الدائم للبلاد هو مهمة حصرية للجمعية التأسيسية المنتخبة ديمقراطيا وليس مقبولا الالتفاف حول المهمة الحصرية لتلك المؤسسة الدستورية ولا مصادرة ذلك الحق بأية صورة من
الصور .
إن أهداف الحركة الوطنية السورية أصبحت واضحة منذ فترة طويلة وتتمثل في دولة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع وتحترم فيها كل الأديان والمذاهب والأعراق ويعامل فيها السوري على أساس المواطنة و تكون فيها الحريات العامة والخاصة مصانة، ويسود فيها القانون وحقوق الانسان . وما هو جدير اليوم بالتركيز عليه هو الطريق الصحيح للوصول لتلك الأهداف وتجنب الأخطاء على ذلك الطريق.
لقد قام الثوار السوريون الأبطال بإتمام المهمة التي بدأتها الثورة السورية منذ العام 2011 وقد برهن شعبنا العظيم صلابته وقوته في مصارعة أعتى الأنظمة الاستبدادية المتوحشة والمجرمة ولم ينحن ولم يلين رغم هول الخسائر التي منيت بها سورية وعذابات السجون والقتل والتهجير، وبمثل تلك العزيمة والوعي سيكمل المشوار حتى تحقيق أهدافه في بناء دولة الحرية والكرامة لكل السوريين بلا استثناء متطلعا للمستقبل ومتخذا العبرة من الماضي الذي لن يعود أبدا.
تحية للمقاتلين الشرفاء الذين صنعوا بدمهم وسواعدهم هذا الانتصار الكبير.
الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى.
على النخب السورية الوطنية المشاركة في تدعيم العهد الجديد وترشيده لإرساء أسس الديمقراطية والسير إلى الأمام نحو دولة المواطنة والقانون, دولة العدالة والحرية, سلطة سياسية قائمة على أساس عقد اجتماعي بين الحاكم والشعب، وإعتماد دستور 1950 كمرجعية لحين إنتخاب الجمعية التأسيسية المنتخبة ديمقراطيا لتدوين الدستور.