عن دار كنعان صدرت رواية ذات الشعر الأحمر- السيرة الذاتية للسيدة امل خياط. للروائية ابتسام تريسي التي كنت قد قرأت أغلب رواياتها. وكتبت عنها.
ذات الشعر الأحمر – السيرة الذاتية للسيدة امل خياط. رواية تركز على سيرة حياة امل خياط المرأة الكويتية – العراقية وهي تحاول تتبعها بعد وفاة والدتها فيلم خياط.
تبدأ الرواية وأمل خياط بجوار والدتها في ايامها الأخيرة قبل وفاتها كل الوقت في المشفى في الكويت. والتاريخ في آب ١٩٩٠م. وهذا يعني أن ذلك حصل في ذات وقت احتلال العراق للكويت.
توفيت فيلم خياط والدة أمل. وقررت امل ان تذهب الى العراق حتى تلتقي بأخوتها هناك وتطلب منهم حصتها الارثية من أملاك امها.
غادرت امل باتجاه العراق متنقلة بين مدنها بدء من البصرة في الجنوب الى الموصل. وهناك التقت باخوتها. الذين تنكروا لها. واخبروها انها ليست اختهم. ولوحوا لها انها قد تكون ابنة حرام وأمهم قد تبنتها. لذلك جاءت كنيتها على كنية أمها وليست كنيتهم الصائغ وهم منسوبون لأبيهم.
احست امل ان الحياة تخبئ لها الكثير من الاسرار. وبدأت تتعقب حياة والدتها في الماضي وتعرف حقيقة وضعها.
استعانت امل بضابط عراقي كبير التقت به وتبين أنه يعرف والدتها. بالحقيقة كانت والدتها من رعته واهتمت به منذ ولادته حتى وصل الى ما وصل اليه.
لم تستطع أمل بمساعدة الضابط ومن أرسلهم لمساعدتها أن تجد أي وثيقة تثبت معموديتها في أي كنيسة في المدينة التي كانت تعيش بها امها. مما زاد تيقنها من أن هناك ما تجهله عن حياتها.
كانت فيلم والدة أمل مسيحية وكانت تعمل منذ أربعينات القرن الماضي قابلة قانونية. وعاشت متنقلة بين مدن العراق كلها. وكانت قد تزوجت أحدهم من عائلة الصائغ المسيحية. وانجبت منه عددا من الاولاد والبنات. واستمرت حياتهما. حتى توفي زوجها. وهي في عقدها الخامس. وتعرفت على احد العراقيين في إحدى مراجعاتها الحكومية. وكان مسلما ومتزوجا. احبها واحبته. وقررا الزواج سرا بعقد زواج عرفي. وذلك تحاشيا للصدام مع عائلته زوجته وأولاده الكبار. وهي كذلك لا تريد ان تسمي على نفسها انها هي المسيحية قد تزوجت من مسلم. ومع ذلك حاولت أن تحصل على وثيقة زواج من إحدى الكنائس.
كان شرط زوجها المسلم أن لا تحمل منه. لكن الأقدار كانت أقوى منهما. فحملت وأنجبت طفلتها أمل. وكان زوجها قد كشف حملها. وكشفت عائلته زواجه وطالبوه بتطليق فيلم. قرر اجهاض فيلم وتطليقها. لذلك هربت منه متنقلة بين مدن العراق. وكلما احست ان زوجها سيصل إليها تنتقل الى مدينة اخرى. وكانت مهنتها قابلة قانونية تجعلها قادرة على إيجاد إمكانيات العيش هي وطفلتها.
استمر تنقل فيلم وطفلتها امل لسنوات. حتى علمت بوفاة زوجها الذي كان يطاردها وعادت إلى حياتها الطبيعية. ونسبت ابنتها لها وتجاوزت مشكلتها.
كبرت امل بجوار أمها وفي احدى زياراتها مع امها لمصر تعرفت على حسن الشاب السوري الحلبي الرياضي. كان يدرس في معهد رياضة في مصر كان ذلك عام ١٩٦٠. أيام الوحدة المصرية السورية. وحصل بينهم مشاعر حب عميق. لكن لم يأخذ فرصته بالانتقال إلى زواج. لسببين الأول بُعد حسن عن امل هو حلبي ويدرس في مصر وهي عادت مع امها للعراق. والثاني أنه مسلم وهي مسيحية.
استمر حسن بمتابعة دراسته في مصر. وتزوج من فتاة مصرية وأنجب منها. لكنها لم تستطع ان تزيل امل من نفسه وعقله. وخاصة ان عيوبها في حياتها العائلية مع حسن كثيرة، خاصة بعد عودتهما الى حلب والعيش مع والدة حسن التي لم تتقبل الزوجة. واستمر التوتر والصراع بينهما ومع أمه حتى طلقها حسن وأعادها مع ابنها إلى مصر.
كان قد التقى حسن مع امل وقت كان متزوجا. وعادت امل لتكون أمانه وطموحه وأن يتزوجها. كما تطورت العلاقات العائلية بين عائلة حسن وفيلم ام أمل. وهكذا طلب حسن امل من امها. الام رفضت بالطبع. وكان السبب الأول اختلاف الدين. واحتمال انتقال امل الى حلب وبعدها عن أمها في العراق. ومع ذلك استمر حسن وعائلته بالإلحاح بطلب امل. واستمرت امل تطلب من أمها بأن ترضى بتزويجها لحسن. وأخيرا قبلت الأم وتزوجت امل من حسن. بشرط أن يتم عقد القران في كنيسة. وأن لا يجبرها حسن على اعتناق الإسلام. وحتى ان يكون الاولاد مسيحيين ويأخذهم للتعميد في الكنيسة. قبل حسن في كل ذلك.
تزوجوا وعاشت امل حياة هانئة مع حسن. وبدأت أمل بالتعايش مع عائلة حسن. وتطلع على عبادتهم الإسلامية. وتقرأ في القرآن وتسأل عن بعض ما تجهله عن الإسلام. وهكذا اكتشفت ميلها أن تسلم واعتنقت الإسلام طواعية. كان حسن سعيدا بذلك وأكد لامها على عدم إجبارها على ذلك. وعندما علمت أمها بذلك تقبلته بصدر رحب وقالت لتكن إرادة الله. وكأنها تومئ إلى أن دم امل يسحبها لتكون على دين والدها المسلم.
أقامت أمل مع زوجها حسن الى الكويت حيث حصل على إعارة للتعليم هناك. طلبت من زوجها أن تذهب بصحبته إلى الحج. مرة عنها ومرة عن أمها . كانت متشبعة نفسيا بذلك وتحس بتوهج روحي اقترن مع البكاء أحيانا.
حاول حسن ان يعيد تأكيد نسب امل الى والدها المسلم. طالما ان اخوتها المسيحيين رفضوا أن تكون اختهم. وبعد لقاء امل بامرأتين معمرتين اصدقاء لامها أعادوا سرد حكاية امها وحكايتها. و أنهما مستعدتان للشهادة أمام القضاء للثبات نسب امل لوالدها المسلم.
حصل ذلك عندما كانت بالعراق وبمعية الضابط استطاعت أن تجد وثيقة زواج مدني بين امها و خيري النائب والد أمل وحصلت على وثيقة الزواج تنتسب بموجبها لوالدها المسلم. وأخبرت زوجها حسن الذي تواصل مع اخو امل الطبيب الموجود في الكويت لكنه أنكر انتساب امل الى والده ورفض بالمطلق. ولأجل أن لا يحرج أمام القضاء رحل مهاجرا الى أمريكا. لعله هرب من اعطاء حصة ارثية لاخت له لا يريد أن يعترف بها…
تنتهي السيرة عندما حجّت امل عن والدتها. وزارت قبرها وهي تعاني من كتمان امها لحكايتها وعدم بوحها لها رغم عيشها معها كل عمرها تقريبا…
توفيت امل خياط عام ٢٠٢٢م.
هنا تنتهي السيرة.
في التعقيب عليها اقول:
اننا امام سيرة حقيقية وأن بعض فجواتها في المعلومات قامت الكاتبة إبتسام تريسي بتعويضها من خيالها الروائي…
يلفت النظر في هذه السيرة دوام مشكلة عدم وجود زواج مدني في أغلب بلادنا العربية. بحيث يتم تجاوز الاختلاف الديني والمذهبي في وقت أصبح ذلك ضرورة. وأن يترك الأمر للناس أنفسهم باختيار شركاء حياتهم دون الاضطرار الى السرية والإخفاء وحصول مشكلات مجتمعية بعد ذلك قد تهضم بعض الحقوق للمتزوجين وأولادهم من بعدهم.
موضوع بحاجة لحوار مجتمعي وحل منصف وانساني.
يلفت النظر بالسيرة اخلاصها لموضوعها. السيرة تحصل أحداثها المباشرة في ذات وقت احتلال العراق للكويت. ولا يتم التطرق للموضوع بجانبه العام مطلقا. رغم ان احتلال العراق للكويت كان حدثا مفصليا للعراق والكويت والمنطقة كلها.
لعل كاتبتنا ابتسام تريسي أرادت أن لا تضيع السيرة بمتابعتها الخاصة في سياق الحدث العام السياسي في العراق والكويت…
رواية : ذات الشعر الاحمر “السيرة الذاتية للسيدة امل خياط” للروائية السورية”ابتسام تريسي” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب “احمد العربي” الرواية سيرة الذاتية للسيدة امل خياط. المرأة الكويتية – العراقية وهي تحاول تتبعها بعد وفاة والدتها فيلم خياط ىمستشفى بالكويت آب ١٩٩٠م.