من المواطن إلى الدولة المستقلة

 عبد الحفيظ الحافظ

 “في البدء كان الكلمة ” . ” وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم ” . لم يعد الوطن يعني الأرض والحمى والكلأ والماء والجغرافيا، الوطن يعني اليوم حرية المواطن وكرامته، فالوطن يعني المجتمع المدني والحق والمواطن المحمي بالقانون وفصل السلطات وتداول السلطة والمسؤولية، وشرط المواطنة المساواة الكاملةٍ أمام القانون والحقوق والواجبات، والفرد في قطيع ليس مواطنا ويفقد الوطن أسمى معانيه السامية . المواطن بأبسط معانيه يعني الفرد الحر الكريم ” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ” من أجل هذا تقوم الثورات ، ويسقط الشهداء. إن التجمع المدني يضع على جدول أعمال المواطنين مهاماً و واجبات، وعلى قوى الثورة أن تترجم هذا إلى عمل على الأرض: من حماية المستهلك إلى حماية حقوق الإنسان ومن حماية البيئة إلى حماية الآثار لأن فيها الذاكرة والتاريخ، وحماية الأملاك الخاصة والعامة، وتحرر تعبيرات المجتمع المدني من قبضة الدولة والسلطة .. الدولة المدنية الديمقراطية التعددية تعني المواطنة المتساوية للمواطنين كافةً، بدولة حديثة، تلتزم بالحق والقانون، وتحترم حقوق الإنسان، ولا تعني بأي حال شكل الدولة، فالرأسمالية تعني شكل الدولة الرأسمالية والاستبداد والشمولية…الدولة الحديثة ولا تتضمن نظاماً اقتصادياً ولا نظاماً ملكياً ولا جمهورياً، لكنها تعني بنية الدولة التي تقوم على المؤسسات وفصل السلطات وتداول السلطة والمسؤولية وحكم القانون، الذي يسري على الجميع، الدولة الحديثة هي ضد وبديل الطغم الحاكمة والأنظمة المؤبدة و المنفلتة من أي عقال و وضد التوريث… الدولة المستقلة أو المحايدة هي الدولة التي لا تمثل قطعة جغرافيةً من الوطن ولا تحابيها، ولا تمثل ولا تحابي ديناً ولا طبقة ولا طائفةً ولا تقصي أحداً، ولا تتعصب لقومية و لإثنية ولا لفئةً من المجتمع، وليس في دستورها المكتوب ولا في دستور ذاكرة مواطنيها حزبٌ قائدٌ للدولة والمجتمع، ولا تطوِّب الوطن لعائلةٍ تسمي الوطن باسمها . الدولة المستقلة هي تعبيرات المجتمع المدني من جمعيات وتجمعات ونقابات وأحزاب وإعلام حر يمثل السلطة الرابعة والرأي العام، هي المجتمع المدني، الذي يقف بالمرصاد لتغول الدولة والسلطة على المجتمع، وكذلك تغول الأفراد وطغيانهم واعتبار أنفسهم أرباباً ، وهذا يتعارض مع الإيمان برب واحد عادل . ” فمن ليس عنده مطلق يحول نسبيه إلى مطلق، وهذا يمهد الطريق لتفكك المجتمع وللطغاة وللعدوان وللظلم وللاحتلال والتشظي…” . الثورة على الاستبداد الشمولي التي لا تحول الجيش والأمن إلى مؤسسة تابعة وخاضعة لسلطة الدولة المدنية وللحكومة، لا تكون قد أنجزت هدفها الأساس.

حمص29/4/2014

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى