مازلنا نتابع قراءة كتاب حسين جلبي: روجآفا سقوط الخديعة – قراءة في محطات السقوط الجزء الثالث والاخير .
الفصل السابع: إنشاء منطقة تركية آمنة في منطقة شرق الفرات السورية.
في هذا الفصل يعيد الكاتب حسين جلبي التحدث عن الموقف التركي من حزب العمال الكردستاني ب ك ك وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي الـ ب ي د . حيث اعتبرهم أهم تهديد استراتيجي ضد الأمن القومي التركي. مع داعش التي اندثرت تقريبا. وبدأ معركته ضد الحزبين وما تشكل من مسميات جديدة تحاول إخفاء هويتهم: قوات سورية الديمقراطية. وواجهتها المدنية مجلس سورية الديمقراطية. وبدأت حملتها ضدهم على جبهات عدة حيث اوصلت للامريكان شركائها في حلف الناتو عدائهم المطلق للحزبين وان وجودهم على خط الحدود السورية التركية مرفوض. وان مشروع المنطقة الامنة على عمق حوالي ٣٠كم في الأراضي السورية هو حل مطلوب .
حصل تجاوب من الامريكان مع مطالب تركيا. خاصة بعد أن انتهت مهمة قوات سورية الديمقراطية تقريبا بعد القضاء على داعش. وان تواجد هذه القوات في الداخل السوري لحماية سجن و مخيم الهول الذي يتواجد به بقايا داعش وعائلاتهم. كذلك حماية آبار النفط والغاز السوريين. المتواجدة في تلك المناطق …
لذلك استجابت أمريكا لمطلب تركيا حول المنطقة الآمنة وأن تتمدد داخل الأراضي السورية مع الجيش السوري الحر. لتنهي بالمطلق تواجد وفعالية ال ب ك ك ، وال ب ي د . ومسمياتها الجديدة قوات سورية الديمقراطية ومجلس سورية الديمقراطية…
كما استطاعت أن تحصل تركيا على موافقة روسيا الفاعلة في الأراضي السورية. حيث وصلت روسيا والنظام وحلفاؤه الى نتيجة حول دور الـ ب ك ك، وال ب ي د وانهم لم يعودوا يحققون مصلحة النظام السوري. بعد أن أصبحوا أدوات بيد أمريكا في تنفيذ أجندتها ضد داعش وفي الاستقرار شرق الفرات السوري. لذلك لم يمنعوا عمليات محدودة للسيطرة على مناطق تواجد حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي على الحدود السورية التركية…
وهكذا حصلت تركيا على ضوء أخضر روسي امريكي بالدخول الى العمق السوري لتحويل المنطقة الآمنة إلى أمر واقع…
الفصل الثامن :
العملية العسكرية التركية في منطقة شرق الفرات السورية.
وهكذا أدى الاتفاق التركي الأمريكي والاتفاق التركي الروسي. على حق تركيا في منطقة آمنة عملت عبر مراحل ثلاث لإنشائها : درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام التي سيطرت تركيا بموجبها على ريف حلب الشمالي و عفرين ورأس العين وتل أبيض، حصل ذلك بالتعاون بين الجيش التركي وفصائل الجيش الحر السوري ، وجعل حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي ينكفئون إلى كانتون الجزيرة المتبقي لهم ليحموا النفط و مخيم الهول وداعش…
وهكذا أصبح قادة قوات سورية الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ومجلس سورية الديمقراطية. وكل هذه المسميات تعبر عن حال واحد. اصبحوا امام مأزق إلغاء دورهم ومعنى وجودهم. وبالتالي قرروا إعادة تفعيل علاقاتهم مع النظام السوري. الغاضب منهم ومن تعاونهم مع أمريكا. ورغم تدخل الروس كوسطاء مع النظام السوري. فقد كان مطلب النظام أن يعيدوا مناطق نفوذهم للنظام. خوفا من تمدد الأتراك فيه. كما حصل في عفرين ورأس العين وتل أبيض. لذلك سارعت قوات سورية الديمقراطية لتسليم عين العرب كوباني للنظام السوري. ولم يكن لدى الأتراك مانع أن تعود المناطق السورية لسيطرة النظام. المهم بالنسبة لتركيا ان تخرج من سيطرة حزب الـ ب ك ك، وال ب ي د وقوات سورية الديمقراطية. وتبعد عن الحدود السورية التركية…
لقد كان لحصول المنطقة الآمنة في سورية وتمدد القوات التركية مع الجيش السوري الحر في عفرين ورأس العين وتل ابيض وريف حلب الشمالي وما جاورهم الى نزوح اعداد كبيرة من أكراد المنطقة. بسبب المعارك والصراع. وتوجهوا الى اقليم كردستان العراق. التي كانت تراقب ما يحصل. ورغم دعمها لأكراد سورية ببعض قوات بيشمركة كردية سورية. لكن موقف حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي المعادي لأي دور من اقليم كردستان العراق. لذلك جعل دوره محدودا او لنقل معدوما في التأثير على واقع الأكراد السوريين. باستثناء استقبال اللاجئين حيث بنوا لهم المخيمات وأمنوا لهم أسباب العيش البسيطة.
وهكذا بدأت قيادة حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي بمسمياته الجديدة قوات سورية الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطي. العودة للتقارب مع النظام السوري وأن يعيد وصل الود و تأكيدهم على أنهم جزء من أجندة النظام. وأن ما حصل منهم مع الأمريكان يعتبر مرحلة يجب تجاوزها. لكن النظام لم يتجاوب مع مطالبهم لعودة الود والتعاون. وطلب النظام منهم عبر الوسطاء الروس تسليم مناطق سيطرتهم للنظام السوري.
وهنا لا بد من الوقوف عند محاولة القوى السياسية الكردية السورية أن تستفيد من الظرف السوري الثورة وتبعاتها بحيث تحصل على مكتسبات قومية وثقافية ومجتمعية لهم أكراد سوريين. وحاولت قيادة إقليم كردستان العراق ان تجمعهم: حزب الاتحاد الديمقراطي وال ب ك ك ضمنا مع أحزاب المجلس الوطني الكردي منذ سنوات الثورة السورية الاولى. وتوصلوا الى اتفاق مبدئي برعاية اقليم كردستان العراق. لكن حزب الاتحاد الديمقراطي الـ ب ي د لم يلتزم بهذا الاتفاق واعتمدت على إلغاء التواجد العياني لأحزاب المجلس الوطني الكردي و قاموا باعتقال كوادرها وتصفية البعض والتعدي على مقراتهم والعبث فيها. لكن واقع حال ما وصل إليه حزب الاتحاد الديمقراطي ال ب ي د من انهزام أمام تركيا وقوى الثورة السورية. وعدم تجاوب النظام السوري معهم. وعدم إعطاء مشروعهم أي اهتمام من الامريكان. عادوا مجددا خاصة في عهد الرئيس الأمريكي ترامب إلى موضوع توحيد التمثيل السياسي للكرد السوريين. وعاد إقليم كردستان العراق لاحتضان هذه اللقاءات ودعم الاتفاقات الناتجة عنه لكن حزب الاتحاد الديمقراطي الـ ب ي د سرعان ما يعود عن التوافقات وينقضها عمليا، ويعمل لمصلحته و لتحقيق أجندته فقط…
لذلك عاد حزب الاتحاد الديمقراطي الـ ب ي د للقيام بالدور الأمريكي الوحيد المنوط به اخيرا. حماية النفط والغاز السوري. مع حماية ورعاية مخيم الهول وبقايا داعش وعائلاتهم. طبعا تحت مسمى فضفاض قوات سورية الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطي مع بعض المجموعات المسلحة الغير كردية التابعة للامريكان والكل تحت المظلة الامريكية…
الفصل التاسع:
استعادة نظام الأسد معظم المناطق الخارجة عن سيطرته.
لقد خسر حزب العمال الكردستاني ب ك ك وفرعه السوري الاتحاد الديمقراطي ب ي د. أغلب مناطق تواجدها من خلال التمدد التركي مع الجيش الحر. حيث لم تعد هناك مناطق فراغ بين التواجد التركي مع الجيش الحر وبين النظام في أغلب الشمال السوري. وحصول شبه توافق دولي على اعادة مناطق سيطرة الثورة السورية للنظام في بقية سورية . عبر استلام وتسليم ومصالحات حصل في اغلب سورية. وجد حزب الاتحاد الديمقراطي الـ ب ي د نفسه أمام مأزق وجودي وعمل على عدة جبهات كما ذكرنا سابقا. فقد اعاد احياء توحيد القوى السياسية المعبرة عن الأكراد السوريين. كما حاول أن يعيد الود والتقارب مع النظام السوري. واستمر في الهيمنة الميدانية في المناطق التي بقيت تحت سيطرته في الجزيرة السورية حيث يرعى المطالب الامريكية في حماية النفط والغاز السوري وحماية من تبقى من داعش وعائلاتهم في مخيم الهول…
الفصل العاشر:
مصير المناطق الكردية السورية.
في هذا الفصل الختامي يجمل الكاتب حسين جلبي مآلات واقع الأكراد السوريين بعد مضي عشر سنوات على الثورة السورية.
اولها: نزيف بشري كردي وفقدان مناطق واسعة. نعم النزيف البشري الكردي حصل من خلال النزوح واللجوء للكرد السوريين خاصة من مناطق التمدد التركي مع الجيش الحر. حيث ترك هؤلاء بيوتهم وأرزاقهم وخرجوا حفاظا على حياتهم…
من النتائج المترتبة على التوسع التركي في المناطق الكردية السورية الى لجوء الكثير من الكرد. وإحلال مكانهم الكثير من السوريين الهاربين من مناطق سيطرة النظام من بطشه وظلمه وحفاظا على الحياة أيضا. مما يعني خوفا كرديا من تغييرات ديمغرافية. وهذا صحيح ليس فقط بحق الكرد السوريين. بل بحق كل مكونات الشعب السوري. وفي كل مناطق سورية. حيث لجأ ونزح داخل وخارج سورية الملايين من السوريين. وعمل الإيرانيين وامتدادهم الطائفي ان يملئ الفراغ في عمل ممنهج لتغيير ديمغرافي في سورية.
يؤكد الكاتب أن الثورة السورية قدمت مكتسبات للأكراد السوريين في المطالبة بحقوقهم القومية والثقافية لكن الأحداث والدور المخرب لحزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي أضاع هذه المكتسبات وادى للكثير من الخسارات للقضية الكردية السورية خصوصا والسورية عموما.
لم تستطع قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الـ ب ي د التي وصلت الى ١١٠ ألف مقاتل حسب ادعائهم ان تحمي الكرد او تحصل لهم اي من حقوقهم. ولم يمنع هذا الحزب ومن خلفه حزب العمال الكردستاني أن يحقق أي نصر بل راكم الهزائم وكان في احسن احواله بندقية للإيجار و سلاحا موجها ضد الشعب السوري وثورته و ضد الكرد السوريين أولا وآخرا.
لقد لعب حزب الاتحاد الديمقراطي ب ي د ورقة توحيد القوى الحزبية الكردية من خلال لقاءات مع أحزاب المجلس الوطني الكردي. لكنها بقيت كلها دون نتائج حقيقية مفيدة للكرد السوريين على الأرض وفي الواقع…
هنا ينتهي الكتاب.
في التعقيب عليه اقول:
أننا أمام كتاب روجآفا سقوط الخديعة، مهم وتوثيقي مضافا لكتاب روجآفا خديعة الاسد الكبرى المعتبر الجزء الأول من الكتاب. يطال واقع حال الكرد السوريين. في سنوات الثورة السورية. وما قبلها لعقود سلفت. متناولا كل المفاصل والتطورات. الداخلية التي عاشوها. والخارجية التي انعكست عليهم بخصوصية أكراد سوريين هم ومناطق تواجدهم. ضمن التدافعات والصراعات والمصالح الإقليمية والدولية.
الفاعلين في القضية الكردية السورية كان النظام أهمهم عبر استدعاء حزب العمال الكردستاني من جبال قنديل ودعم فرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي الـ ب ي د ، وتسليمهم سلطة الأمر الواقع مع السلاح اللازم في مناطق تواجد الأكراد السوريين. وتطورات الحالة حيث تحول حزب الاتحاد الديمقراطي الـ ب ي د الى قوة بطش واعتقال وخطف وتجنيد للقصر للأكراد وإدخالهم في معارك ليست معاركهم. راح ضحيتها الآلاف من الأكراد من غير وجه حق. بحيث كانوا واجهة الصراع في مناطقهم وفي العمق التركي ضد تركيا التي سرعان ما اعتبرتهم العدو الاستراتيجي. وحاربتهم بكل قوة ودخلت مع الجيش الحر الى اغلب مناطق تواجدهم.
وكان لحزب الاتحاد الديمقراطي الـ ب ي د دور مع الأمريكان ضد داعش عاشوا شهر عسل اعتقدوا أنه سيدوم. لكن الأمريكان تخلوا عنهم ولم يتبنوا أي مطلب ذي طابع قومي لهم. وعند انحسار داعش لم تحميهم بل جعلتهم بمثابة مخفر متقدم لحماية النفط والغاز لصالح الأمريكان. وحراسة مخيم الهول وبقايا داعش في السجون عندهم.
لكن الأسوأ بالنسبة لهم كان أن خسروا مناطق نفوذهم في عفرين ورأس العين وتل أبيض وجوارهم. وذلك كان ايجابيا لصالح الثورة السورية حيث توسع نفوذ الجيش الحر وقوى المعارضة السورية في اغلب الشمال السوري مع ادلب وريف حلب الشمالي. جعل مناطق محررة من سيطرة النظام ومدعومة من الأتراك. مع امل ان تكون نواة سورية المحررة الديمقراطية العادلة لكل السوريين ولو بعد حين.
بكل الأحوال تكاد نقاط الاختلاف بيني وبين الكاتب أن تكون معدومة. وهذا له علاقة بعقلانية التحليل والنظر للحدث السوري العام بمنطق مصلحة الشعب السوري كله بكل مكوناته الذي قام بثورته. لأجل الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية والمواطنة المتساوية وتحقيق مصالح الشعب السوري كاملا…
مازالت أهداف الثورة السورية مشروعة ومطلوبة وملحة. رغم كل التدخلات والانتكاسات. لكنها كلها تراكمات على طريق انتصار الشعب السوري وتحقيق مطالبه المشروعة…
كتاب “روجآفا سقوط الخديعة” للكاتب السوري الكردي “حسين جلبي” بالقسم الثالث من قراءة الكتاب “محطات السقوط” من الكاتب “احمد العربي” الفصل السابع: إنشاء منطقة تركية آمنة في منطقة شرق الفرات السورية، وفي الفصل الثامن: العملية العسكرية التركية في منطقة شرق الفرات السورية، وفي الفصل التاسع: استعادة نظام الأسد معظم المناطق الخارجة عن سيطرته. وفي الفصل العاشر: مصير المناطق الكردية السورية.وتعقيب موضوعي على الكتاب.