هوشنك أوسي كاتب كردي سوري متميز، مستقر في مدينة أوستند – بليجكا. قرأت له اغلب اعماله الروائية وكتبت عنها.
روايته مبني للمجهول – نقطة من أول السطر الجديدة تعتمد أسلوب الكتابة على لسان الراوي و لسان أبطال الرواية المتعددين في متن الرواية الكثيفة والطويلة ٣٣٨ص…
تبدأ الرواية من ندوة أقامها الكاتب يان.. للاعلان عن الرواية وترويجها وتوزيعها في مدينة اوستن البلجيكية…
ثم ننتقل إلى متن الرواية وتحت عنوان:
وجوه: يتكلم بطل الرواية توم الشاب ابن مدينة أوستند الذي ينتمي إلى عائلة مؤلفة من عدة أبناء وبنات وهو آخر العنقود، كبر بينهم و أدرك مبكرا جسده من خلال التغيرات التي صاحبته عندما دخل المراهقة. وزاده معرفة مشاهدته اخته الاكبر منه في حالة جنسية مع صديقها. كما أدرك حاجته الجسدية للجنس لاحقا. شاهد افلام الجنس، مارس العادة السرية. ومن ثم أصبح له علاقاته النسائية الكثيرة. يدرك مدى تعلقه بالجنس وأنه يجد دائما الفتاة التي ترويه عند الحاجة…
توم يفكر انه يريد ان يكتب رواية متميزة. من واقع حياته ، رصده المقبرة ودار المسنين المجاورة للحي الذي يقطنه. قرر أن يكتب رواية من خلال رصد بعض المسنين واللقاء بهم وتحويل حياتهم لرواية …
تواصل مع ادارة دار المسنين واستجابت له ورحبت بطلبه ، باشر توم في الذهاب الى هناك ولقائه بعض المقيمين في الدار وتدوين قصصهم…
تبدأ زيارات توم الى نزل المسنين ويطل على حياة هؤلاء النزلاء الأغنياء الذين يدفعون هم او ذويهم التكاليف الباهظة لحياتهم هنا. المبنى كبير حوله حدائق واسعة في طبيعة جميلة…
تعرف توم بداية على ماريكا المرأة المسنّة المقعدة التي بادرت بالتعليق على زميل لها ومن ثم تعرفت على توم وأدركت مراده وقبلت ان تحدثه عن نفسها…
أخبرته أنها ابنة ضابط أو مسؤول بلجيكي من أصول كونغولية. حيث كان يخدم في الجيش البلجيكي أيام الاستعمار البلجيكي للكونغو منذ القرن التاسع عشر، واطلعنا على الفظائع التي قام بها المستعمر واستعباد أهل البلاد، واستغلالهم، هذا غير سرقة خيرات البلاد والتي منها اليورانيوم الذي سيستفيد منه الأمريكيون بعد ذلك لصناعة قنابلهم الذرية التي سيلقوها على اليابان في الحرب العالمية الثانية. كذلك تحويل الشعب إلى خدم لهم يستثمرونهم في كل صعيد…
وأن والدها المسؤول عن اعدام القائد الوطني الرئيس المنتخب للكونغو باتريس لومومبا الذي وقف ورفاقه ضد الاستعمار البلجيكي في ستينات القرن الماضي وتم القبض عليه وعلى بعض المسؤولين معه بالتآمر مع ضابط خائن لصالح المستعمر البلجيكي. وقرروا اعدامه ومن معه. ونفذوا حكم الإعدام عام ١٩٦١م.
ماريكا التي تتذكر ما فعل والدها هي الثلاثينات من عمرها في عام ١٩٩٥م. وان عليها واجب أن تذهب الى الكونغو حيث تمت عملية الإعدام وتقديم الندم والاعتذار لروح لومومبا ورفاقه. ولو بعد عقود…
قررت الذهاب هي وصديقها وأربعة من أصدقائهم بمثابة رحلة سياحية، يعيشون بها متعهم الجنسية ويطلون على الحال ويعودون.
ذهبوا إلى الكونغو وتوجهوا إلى مكان الإعدام وقدموا اعتذارهم . تبين لهم وهم في طريق العودة انهم بحالة صحية سيئة خاصة ماريكا وصديقها. والاخرين اقل منهم. تعالجوا بالمستشفى هناك وقرروا أن يعودوا لبلجيكا حتى يكملوا علاجهم. وبالفعل صعدوا الطائرة، تفاقم وضع صديق ماريكا ومات في الطائرة لقد تعرض للسعة بعوضة نقلت إليه حمى الضنك وهو لديه حساسية أودت بحياته. وهي أصيبت بذات المرض لكن جسمها قاوم ووصلت إلى بلجيكا وتابعت حالتها الصحية في المشفى. وتبين أنها مصابة بأمراض أخرى. منها التهاب الكبد الوبائي، ومنذ ذلك الوقت أصبحت حياتها تحت الخطر دوما. لم تعد تمارس الجنس و استأصلت رحمها. وبعد سنوات مات والدها و أورثها ما باعته ووضعته بالبنك الذي يدفع عنها تكاليف العيش في نزل المسنين هذا…
ثم التقى توم بالعجوز هيوا الذي يحمل ساعته ويكرر الرجوع إليها منتظرا صديقه آرام الذي لم يأتي. من آرام …
ارام والده فرهاد ابن إحدى قرى عفرين لديهم المئات من اشجار الزيتون. له أخ يكبره بسنوات. والده حي لكن الاخ الاكبر يستحوذ على المحصول دوما. ويعطي فرهاد اقل من حقه. كان ضحية ظلم واضطهاد أخيه. لذلك قرر فرهاد أن يتطوع بالجيش العثماني ليحصل على بندقية ليقتل أخاه ويرتاح من ظلمه. كان ذلك في بداية القرن العشرين، هرب فرهاد من بيت اهلها وتوجه الى حلب. تعب كثيرا في طريق ذهابه. وصل اخيرا. عمل عتالا في مستودع عن تاجر ذي أصول كردية في حلب، احتضنه التاجر. وجعله ينام في المستودع بداية. وهناك اكتشف أن عليه تعلم العربية حتى يتواصل مع الناس المحيطين به. وان يتعلم القراءة والكتابة والحساب. رصد موقع الثكنة العثمانية. وبعد مضي أشهر قرر الذهاب ليطلب التطوع عندهم. تعرض لاحتمال القتل من الحراس لكنهم قبلوا اخيرا بتطوعه عسكريا. كان ذو جسد ممشوق وقوي البنية. أعجب رؤسائه. وأتقن اطلاق النار والتصويب الدقيق. وبعد ذلك طمح أن يصبح من الخيالة. ليتمكن من العودة الى القرية بالحصان والبندقية لقتل اخيه. وبالفعل أصبح من الخيالة المتميزين. في حلب أدرك حاجات جسده الجنسية الملحة. وسرعان ما تعرف على أماكن الدعارة المرخصة “كرخانة”، وأصبح من روادها المداومين. اشبع جسده جنسيا واصبح يفكر كيف ينتقل الى المرحلة التالية. وهي العودة إلى قريته لينفذ خطته…
حدثت متغيرات قلبت أحوال فرهاد بالكامل، فقد جاءت الاوامر أن يتوجه جنود عثمانيين عام ١٩١٢م من حلب وغيرها الى السويداء وجبل لبنان لمواجهة عصيان هناك. كان فرهاد منهم وكان نصيبه أن يذهب إلى بيروت ليصبح الحارس الشخصي للحاكم هناك. وتمضي الايام ويتابع فرهاد بحثه عن بيوت المتعة في بيروت. وما أن تأتي الحرب العالمية الاولى سنة ١٩١٥م حتى يتم تعيين جمال باشا السفاح حاكم عسكري عثماني جديد في سورية ولبنان. يفتتح عهده بالاعدامات للوطنيين المناوئين للعثمانيين في لبنان وسوريا ويعدمون شنقا، وجوه اجتماعية ودينية ومجتمعية من كل الفئات كان فرهاد شاهدا عليها. لقد فكر مرارا بالهرب من الجيش لكنه يخاف من عقوبة القتل أن قبض عليه. كما حصل ان التقى في احدى شوارع بيروت ضابط تركي وعسكريين يحاولون خطف فتاة والاعتداء عليها. تدخل فرهاد واصطدم مع الضابط وأطلق عليه الرصاص وقتله. هرب الجنديان وهو انقذ الفتاة اسمها شيرين كانت من عائلة جنبلاط الدرزية المشهورة. اوصلها لاقربائها وادخلوه تحت حمايتهم. وأصبح مطلوب للعثمانيين. لكن تطورات الحرب العالمية الأولى وبداية هزيمة العثمانيين مع الألمان وبداية خروجهم من سورية حيث بدأت طلائع القوات الفرنسية بالحضور إلى موانئ بيروت في عام ١٩١٨م. ارتاح فرهاد من جهة العثمانيين. لكن قلبه تعلق بشيرين التي أنقذها و هي كذلك. لكنه كان حب مستحيل. الدروز لا يتزاوجون إلا فيما بينهم حسب معتقداتهم. المرأة التي تتزوج خارجهم تصبح مهدورة الدم . مع ذلك غامر فرهاد وشيرين بعد خروج العثمانيين ودخول الفرنسيين الى سورية ولبنان. و بغطاء ودعم من بعض وجوه الدروز، بالتعاون مع قسيس مسيحي روم ارثوذكس في كنيسة على طريق انتقالهم من بيروت إلى حلب. وحيث عقدوا قرانهم واعطاهم شهادة زواج لتسهيل انتقالهم بصحبة أحد الرهبان الذي تحدث لهم عن قصته ايضا وأصوله المسيحية في تركيا وقبر اهله هناك. واستطاع فرهاد وشيرين الوصول إلى حلب واستئجار بيت هناك. وبعد ذلك أخذ زوجته وعاد إلى قريته. واكتشف أن أخاه قد تزوج امرأة اخرى ولم ينجب من الأولى ولا الثانية. وأن والده توفي. وطلب من اخاه حصته من الأرض وشجر الزيتون. حيث كان أخوه قد توسع بملكية الأرض واستعان بأقرباء زوجته الجديدة. لم يقبل الأخ الكبير الا ان يعطيه حصة من الزيت يرساها له سنويا الى حلب. قبل فرهاد على مضض. وعاد الى حلب كانت زوجته قد حملت بطفلها آرام الذي أنجبته عام ١٩٢١م. ارام الذي كبر في حلب ودرس وأصبح في سن الشباب. راقب القوات الفرنسية في حلب وتمنى أن يتطوع في الجيش الفرنسي وحصل، وبعد فترة أصبح ضابطا. وكان مثل كثير من الفئات الاخرى السورية التي التحقت بالقوات الفرنسية.
كان لحصول الحرب العالمية الثانية و انهزام فرنسا واحتلالها من قبل الألمان. وانقسام الحكم في فرنسا الى حكومة فيشي التابعة للألمان و حكومة فرنسا الحرة التابعة للجنرال ديغول في انكلترا. لقد أصبح آرام واحدا من قوات فرنسا الحرة التي عملت مع الانكليز على طرد قوات فيشي والسيطرة على لبنان وسورية لصالح حكومة ديغول. لكن ذلك لم يستمر فسرعان ما غادر الجنود والضباط الفرنسيين عندما تحررت سوريا ولبنان عام ١٩٤٦م إلى فرنسا وكان آرام معهم حيث لم يستطع تحمل وصمة بالخيانة وأنه كان ضابطا عند المستعمر. غادر حلب وترك في قلب أمه شيرين وابيه فرهاد غصة. وصل إلى ميناء مرسيليا. وهناك بدأ حياته من جديد لم يستطع التكيف مع الهاربين من سورية ولبنان بحماية الفرنسيين و بدؤوا يعودون الى أصولهم وتصنيفاتهم. لم يتأقلم معهم آرام. واطلع من جريدة على كاتب بلجيكي من اوستند اعجبته أفكاره. واقتنى كتبه. وقرأها واعجبته فلسفة الكاتب. وزار اوستند لعدة مرات. تعرف في آخرها على روزالينا التي اعجبت به واحبته واحبها وهكذا استقر في اوستند وتعرف هناك على هيوا وتعرفت زوجاتهم باولا و روزالينا على بعضهم ونشأت بينهم صداقة رائعة.
على مستوى آخر سيعلن الشيخ محمود البرزنجي دولة كردية في السليمانية شمال العراق عام ١٩٢٠. لكن الإنجليز الذين احتلوا العراق وفق اتفاقيات سايكس بيكو قضوا عليه. وجاءت لجنة دولية وتقرر تقسيم المناطق الكردية بين تركيا والعراق. أما محمد الهماوندي البائع المتجول في السليمانية الضائع بين أنصار الطريقة القادرية والنقشبندية، فقد انجبت له زوجته طفلا اسماه هيوا كان ثالث اولاده. لم تعد عربة الخضار قادرة على إشباع أسرته. لذلك عمل في شركة النفط العراقية الانكليزية بمعاش مجزي. وبعد ذلك التحق به ولداه وعملا بالشركة ايضا. أما هيوا فقد تابع دراسته. وكان طموحه أن يصبح طيارا عسكريا. وتحقق طموحه فعلا. واصبح طيارا وتم ارساله طيارا متميزا الى بريطانيا ليكون طيارا مشاركا في الحرب العالمية الثانية ١٩٤٥م التي كانت على الأبواب.
شارك هيوا في كل المعارك الجوية ضد الألمان والطليان واصبح مشهورا سقطت طائرته أكثر من مرة وعاد للطيران مجددا. كان آخر سقوط لطائرته حيث لم تفتح مظلته في بلجيكا اوستند حيث كان يدعم القوات الكندية جويا. سقط واغمي عليه. وجدته باولا فتاة من أوستند كانت بصحبة كلبها. انقذته وأخبرت الشرطة وعولج بالمشفى. واخبروا الانكليز ليستلموه فهو منهم. لكن حب باولا كان قد استحوذ عليه. وهي كذلك. اعتنت به ايام علاجه. واعطته كتابا فتح أمامه أفق الحياة. ومن ثم عاد الى بريطانيا وهناك استقال من الجيش وعاد إلى أوستند بعد سنة والتقى باولا وتزوجا وعاشا حياة رائعه سوية حتى وفاتها اول الالفية الجديدة. انجب اولادا كان وزوجته سعداء بهم ومعهم كثيرا…
وهكذا بعدما التقى هيوا وارام في أوستند وتوطدت العلاقة بين زوجاتهم وأسرهم. و استمرت لعقود حتى توفي آرام ٢٠١٤م وتوفيت روزالينا ٢٠١٦م وكانت باولا قد توفيت عام ٢٠٠١م. وبذلك عاش هيوا حياة الوحدة منذ سنوات وها هو ينتظر صديقه آرام ان يأتي كل يوم…
هنا ينتهي حديث هيوا مع توم…
ثم ينتقل توم ليتحدث عن العجوز ماتياس الذي صرح أنه مراسل حربي خدم أربعين عاما في متابعة الحروب في العالم لصالح مجلة اليوم الثامن البلجيكية. بدء من ١٩٥٨م ورصد حرب فيتنام إلى ١٩٩٦م ورصد حرب يوغسلافيا . تابع حياة الجنود البلجيك المفقودين في كوريا ١٩٥٣م. وكذلك لقائه مع عبد الكريم قاسم قائد الانقلاب على الملكية في العراق عام ١٩٦٣م. وكيف انتقل الى كمبوديا ومنها الى فيتنام التابعة للامريكان. وذهب والتقى مصطفى البرزاني الذي قام ضد حكم عبد الكريم قاسم بعد توافق في البداية. لقد عانى كثيرا وتعرض للمخاطر. وعلم أن الصراع بين مصطفى البارزاني وعبد الكريم قاسم سببه فقدان الثقة. البارزاني يريد حقوق الأكراد ضمن العراق الواحد. وقاسم يتهم البارزاني بنزعته الانفصالية الكردية.
كما تابع انقلاب العسكر في تركيا عام ١٩٦١ على عدنان مندريس واعدامه واستلام الحكم من قبل عصمت إينونو.
وتابع بتقرير صحفي الحرب الأمريكية ضد الفيتناميين. ووصل الى اللقاء الجنرال جياب قائد القوات الفيتنامية وكذلك الزعيم الفيتنامي هوشي منه. حيث استمرت الحرب الفيتنامية الأمريكية لسنوات. والتقى هناك كثيرين من أنصار الفيتناميين من جميع دول العالم. منهم ذلك القائد العسكري الجزائري.
وأجرى مقابلات صحفية مع وزير الدفاع الأمريكي روبرت مكنمارا الذي برر الحرب على فيتنام. وتابع نهاية المستبدين شاوشيسكو وصدام حسين والقذافي .
كما تحدث عن متابعة خطف الطائرة الاسرائيلية من قبل منظمة أيلول الأسود. وقبلها رصد الصراع بين الفدائيين الفلسطينيين والأردنيين في الاردن…
لقد تابع ماتياس كصحفي كل الأحداث المهمة في العالم عبر أربعة عقود…
كان اهمها متابعة حزب العمال الكردستاني ب ك ك. الذي رصده ورصد قائده عبد الله أوجلان وكذلك تم لقاء معه و مع أحد قادته في ديار بكر وكان حوارا ساخنا. لقد عاد ماتياس الى كون عبد الله اوجلان شخصية موتورة وشرسة تشبه ستالين. وأنه يطرح مشروع اقرب لحرب اهلية داخل تركيا. وانه لن يستطيع تبرئة نفسه وحزبه أنه حين اعلن تشكيل حزبه وعمله العسكري من سورية وتحت سلطة الاسد الاب منذ ثمانينات القرن الماضي كان يعرف انه يخدم أجندة النظام السوري على حساب الدم الكردي. فقد حدث صراع أهلي كردي كردي في مناطق الأكراد في تركيا بعضهم مع ال ب ك ك وبعضهم ضدها ويصل الصراع للعمل المسلح. هذا غير وقوعهم تحت نار الدولة التركية التي صنفتهم إرهابيين وانفصاليين. وان ال ب ك ك قدمت للاتراك الادلة على نيتها بالاعمال العسكرية ضد المدنيين بطريقة وحشية. مما انعكس على الأكراد في المناطق الكردية في تركيا بمزيد من المظلومية…
ثم يتحدث توم مع القس الذي يفسر عدم تدينه والذي شكك بشهادات كل من تحدث مع توم. وانهم كلهم كاذبين. وهكذا أعاد توم الى نقطة الصفر…
تنتهي الرواية بإصدار رواية توم …
في التعقيب على الرواية اقول :
لا استطيع الا ان اهنئ صديقي هوشنك اوسي على إبداعاته الروائية عموما وهذه الرواية أيضا. بحيث يجعلنا كقراء نعوم في بحر من المعلومات. نحن أمام تحفة روائية موسوعية بامتياز…
هذا غير الغوص العميق في حياة الأفراد والمجتمعات والسياسات. بحيث يعيد عن جدارة ومقدرة خلق الحياة وجعلها متاحة أمامنا لتصل إلينا المعلومة والرسالة والمتعة والفائدة…
اقول انني تعرفت على تاريخ يصل الى قرن يطال كل أحداث العالم في القرن العشرين تقريبا، دون مبالغة. ليست معلومات جامدة. بل حياة مجسدة بأبطال يبدعهم هوشنك اوسي، الحاضرين دوما في كل ميدان.
هناك ايضا اضاءة لكثير مما لم نعرفه او نعرفه بشكل مشوّه. في القرن الاخير.
ليس سرا أن نقول إن القضية الكردية بصفتها بشر وارض وشعب وتاريخ ومسار حاضرة في عمق الرواية كلها. والكاتب هنا يقدم شهادته. يجد من يقف مع رأيه ومن يقف ضده. لكنه عندما يقول رأيه يجعله مقرونا بالدلائل وعقلانيا منتميا للحقيقة و أرومته المجتمعية الكردية. من باب التنوير بشكل أساسي…
الإنسان بكل ما يعيشه فردا وجماعة ذاتا وعقلا وعواطف وغرائز وحب وشهوة وإشباع الرغبات المجنونة في رواية هوشنك كل ذلك موجود، وهو سيد اللعبة الروائية…
كذلك التفلسف بمعنى التعاطي مع الوجود بصفته موضوع يحتاج التفكر كل الوقت.
هناك مراجعات للعقائد والأديان والأفكار والتساؤلات هي الأصل و الشك طريق اليقين العقلاني. .
هوشنك مثقف كبير يعيد طرح ثقافته الموسوعية روائيا فيجعلها شمسا تنير و طاقة تحفز …
دمت مبدعا صديقي هوشنك أوسي.