أكد تحقيق أجراه المجلس السوري- البريطاني تورّط الاتحاد الوطني لطلبة سورية في مجمل عمليات القمع التي شنها النظام السوري ضد الاحتجاجات الشعبية المرافقة للثورة المطالبة بإسقاطه في ربيع عام 2011.
وجاء في التحقيق الذي نشره المجلس الأربعاء، أن اتحاد الطلبة التابع للنظام السوري قام بدور كبير في مراقبة وقمع الاحتجاجات الطلابية ضد النظام في مختلف الجامعات السورية الحكومية والخاصة، إلى جانب التعاون مع أجهزة الأمن التابعة للنظام، بما في ذلك ملاحقة واعتقال وتعذيب الطلبة، أو تسليمهم إلى قوات الأمن.
وقال المجلس الذي تأسس في بريطانيا عام 2019، بهدف مناصرة القضية السورية، أن تحقيقه الذي استمر أكثر من عام بين سبتمبر/أيلول 2022 ونوفمبر/تشرين الثاني 2023، اعتمد على مقابلات مع 20 شاهداً، بينهم طلاب سابقون وأعضاء في الهيئات التدريسية وأعضاء من الاتحاد الوطني لطلبة سورية، وركز على الفترة بين عامي 2011 و2013.
ويأتي نشر التحقيق قبل نحو شهر من انطلاق أولمبياد فرنسا التي تبدأ في 26 يوليو/تموز المقبل، ويمثل النظام السوري فيها وفد رياضي سوري برئاسة عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة سورية عمر العاروب، وهو أيضاً رئيس اللجنة الوطنية السورية للألعاب البارالمبية. وقد حضر العاروب العام الماضي إلى العاصمة باريس بدعوة من الجهة المنظمة للأولمبياد، وهو ما أثار احتجاجات منظمات سورية ودولية عدة باعتبار أن العاروب هو أيضاً نائب قائد مليشيا “كتائب البعث” المسلحة الموالية للنظام والتي تم إنشاؤها عام 2012 وعملت على قمع المحتجين.
مشاركة الاتحاد الوطني لطلبة سورية في قمع الطلاب
ووفق الشهادات الواردة في التحقيق، مُنح الناشطون في الاتحاد الوطني لطلبة سورية اعتباراً من العام 2011 صلاحيات واسعة لاعتقال الطلاب تعسفياً لمجرد الشك في ولائهم، وتعذيبهم في الحرم الجامعي عبر طرق مختلفة، مثل الضرب والصعق الكهربائي، والإساءات اللفظية، فضلاً عن الانتهاكات الجنسية. وأكدت الشهادات وجود تعاون وتنسيق كبيرين بين اتحاد الطلبة وأجهزة الأمن السورية.
ووفق التحقيق، فقد زودت السلطات اتحاد الطلبة بالعديد من الأسلحة كالهراوات الخشبية وعصي الصعق الكهربائي، وحتى المسدسات في بعض الحالات. ويشير التحقيق إلى أن النمط العام لهجمات أعضاء اتحاد الطلبة على التظاهرات الطلابية هو تطويق المحتجين وشتمهم بألفاظ نابية، ثم الهجوم عليهم باستخدام الهراوات والعصي، ومن ثم يجري اعتقال بعض الطلاب وضربهم وتعذيبهم داخل مكاتب الاتحاد، ويتم أحيانا تسليمهم إلى أجهزة الأمن. كما أن بعض الهجمات على المحتجين داخل الحرم الجامعي، كانت تتم أحياناً بمشاركة مباشرة من عناصر الأمن مع إحضار حافلات لنقل المعتقلين من الطلاب.
ويكشف التحقيق أن الاتحاد كان يسير دوريات مراقبة لباحات الجامعات وقاعات المحاضرات ويجري أعمال مراقبة لأنشطة الطلاب عبر الإنترنت، مع التدقيق في هويات الطلاب وتفتيش الحقائب.
ووثق التحقيق العديد من حالات التعذيب المفضي للموت لطلاب الجامعات على يد الاتحاد الوطني لطلبة سورية وأجهزة الأمن، منها حالة الطالب أيهم غزول، الذي كان آنذاك يحضر لدرجة الماجستير في كلية طب الأسنان في جامعة دمشق، حيث تعرض لتعذيب شديد في الحرم الجامعي على يد أعضاء في اتحاد الطلبة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2012، ومن ذلك ضربه بقضيب حديدي، واقتلاع أظافره، وسكب ماء مغلي على جسده، قبل أن ينقل إلى فرع المخابرات الجوية حيث فارق الحياة هناك بعد وصوله بوقت قصير.
اعتقال 35 ألف طالب
وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال أكثر من 35 ألف طالب وطالبة بين عامي 2011 و2013. ويقول التحقيق إن هذه الاعتقالات، وإن كانت لا تتم جميعها عبر الاتحاد الوطني لطلبة سورية، إلا أن أجهزة الأمن لم تكن تحضر إلى الجامعات إلا حين يتم استدعاؤها من اتحاد الطلبة لمساندته في قمع الاحتجاجات الطلابية. ويشير إلى أن طرق الاعتقال مختلفة، ولا تقتصر على لحظة قمع الاحتجاجات، بل غالباً ما تجري في وقت لاحق، خلال وجود الطالب في الكافتيريا أو باحة الجامعة، أو تُطلَب منه مراجعة مكتب الطلبة، وهناك يتم اعتقاله.
وقال المجلس السوري – البريطاني إنه سيقدم نسخة من هذا التقرير والمقابلات التي أجراها إلى الآلية الدولية المحايدة والمستقلة بشأن سورية وإلى مكاتب جرائم الحرب الوطنية في الدول ذات الصلة، ليصار بعد ذلك إلى استخدام استنتاجات التقرير من قبل السلطات الوطنية والدولية لتمكين القضاء من الوصول إلى نتائج وفق الوقائع والقوانين.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية فرضت عام 2020 عقوبات على شخصيات عسكرية وحزبية تابعة للنظام السوري، شملت الرئيس السابق للاتحاد الوطني لطلبة سورية محمد عمار ساعاتي، لقيادته “منظمة سهّلت انضمام طلاب الجامعات لمليشيات يدعمها (رئيس النظام السوري بشار) الأسد”. وبعد ذلك، بادر النظام السوري إلى تعيين دارين سليمان بدلاً من ساعاتي والتي ادعت أنها ستعمل على محاسبة كل من تحقق الاتحاد من ضلوعه في انتهاكات “فردية” ضد الطلاب.
وقد ساعد تعيينها بالفعل على عودة تدريجية للاتحاد الوطني لطلبة سورية إلى المحافل الدولية، خاصة أن دارين سليمان هي أيضاً عضو في اللجنة الدستورية السورية، من ضمن حصة النظام.
المصدر: العربي الجديد
أليس “الإتحاد الوطني لطلبة سورية” جهاز من أجهزة نظام طاغية الشام ؟ مارس ويمارس القمع وكم الأفواه منذ أن سيطر الطاغية على السلطة بعام 1970 ليحول كافة منظمات المجتمع المدني لجهاز مسخر له، تحقيق “المجلس السوري- البريطاني” يؤكد هذا الدور لإتحاد الطلبة بالقمع التي شنها نظام الطاغية ضد الاحتجاجات الشعبية المرافقة لثورة شعبنا بربيع عام 2011.