ما هي أبعاد إعلان تركيا استعدادها للتعاون مع النظام ضد قسد؟|| وهل ما تزال قادرة على إطلاق عملية في الشمال السوري؟

ندّد نواب فرنسيون بالعملية التي تنوي تركيا إطلاقها ضدّ قسد، في ريف حلب بشمال سوريا، داعين الدول الغربية إلى ردعها عسكريا، فيما دار سجال بين وزير الخارجية التركي ونظيرته اﻷلمانية، حيث تعترض برلين بشدّة أيضا على العملية، وذلك بالتزامن مع حديث موقع روسي عن “تدريبات مشتركة” لقوات النظام مع قسد تحت قيادة القوات الروسية.

حدثت كل تلك التطورات خلال اﻷيام الثلاثة الماضية، سبقها موقف روسي – إيراني مزدوج عارض أية تحركات عسكرية ﻷنقرة في سوريا، بينما يستمر نظام اﻷسد بإرسال تعزيزات عسكرية إلى قرب خطوط التماس بضوء أخضر من موسكو.

وفي خضم كل تلك التطورات برز موقف “مفاجئ” من تركيا التي أعلنت استعدادها لدعم نظام اﻷسد “سياسيا” إذا كان اﻷمر يتعلق بالحرب على قسد، رغم تأكيدها الإصرار على خوض عمليتها التي “ستأتي فجأة”.

وفي بيان مشترك اعتبر نحو 100 برلماني فرنسي أن الرئيس التركي يخطط في ظل الانفعال العالمي، لشن هجوم  آخر شمال سوريا، بينما تضاعف روسيا بقيادة فلاديمير بوتين جرائم الحرب في أوكرانيا.

وشارك في البيان أعضاء مجلس الشيوخ من الشيوعيين، ومن حزب “لا فرانس إنسوميز” اليساري الراديكالي، ومن الاشتراكيين، والبيئيين، ومن اليمينيين الجمهوريين، ومن حزب الرئيس إيمانويل ماكرون.

وطالب البيان فرنسا بحث مجلس الأمن الدولي على فرض منطقة حظر طيران في شمال سوريا، ووضع قسد تحت “حماية دولية”، وحصول الإدارة الذاتية على اعتراف دولي.

واعتبر الكاتب والصحفي السوري، رئيس تحرير صحيفة إشراق، أحمد مظهر سعدو، في إفادته لموقع “حلب اليوم”، أن الحظر الجوي الذي يتم الحديث عنه فرنسياً هو بالأصل مطلب لقسد، لكنه حقيقة غير ممكن وغير واقعي، مضيفا بالقول: “لو كان من الممكن أن يحصل لحصل ماهو أسهل منه وأكثر ضرورة وفائدة؛ وهو مطالبة الشعب السوري الثائر بحظر جوي يمنع قصف السوريين بالبراميل والصواريخ والكيماوي وهو مالم يحدث”.

ووضع البيان في إطار إعلامي سياسي، تنتهجه فرنسا التي “تبتغي الضغط على الأتراك ليس إلا”، حيث أنها وبعض دول الغرب يصرّون على “دعم قسد وتوابعها كاستمرار واستطالة للموقف الأميركي تحت ذريعة حماية الأقليات والحد من الحروب المفترضة ضد الأكراد، وهي سياسات غربية تعبر عن كل مايجول في الخفاء والعلن أحيانا في مواجهة السياسات التركية التي لاتندرج في سياقات الغرب وأجنداته”.

ونوّه الكاتب بأن ما ترفضه فرنسا في الحقيقية، هو أن تأخذ تركيا لنفسها “طابعاً مختلفاً ومستقلا”.

وحول ما إذا كان باستطاعة تركيا أن تخوض معركة تل رفعت والشمال السوري ضد قسد بعد كلّ هذه الاعتراضات؛ رأى مظهر سعدو أنها ما تزال قادرة على ذلك “لكن السياسة التركية حريصة على إقناع الحلفاء بالوقوف معها أو على الأقل الموافقة على ماتريد فعله”.

وفيما يتعلّق بإعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو منذ أيام، أن بلاده ستدعم نظام اﻷسد سياسيا في مواجهته لقسد، إذا اختار ذلك، فقد وضع الكاتب السوري هذا التصريح في سياق “الاشتغال سياسيا لمنع قيام علاقة توافقية تحالفية بين قسد والنظام”.

وكانت قوات اﻷسد قد أرسلت مئات من عناصرها وآليات ثقيلة، إلى مواقع بالقرب من خطوط التماس في تل رفعت ومنبج وعين العرب، بموجب تفاهمات ميدانية، ونفت “اﻹدارة الذاتية” في بيان، منذ يومين، أن تكون تلك التفاهمات قد أخذت طابعا سياسيا حتى اﻵن.

ويرى مظهر سعدو أنه من الممكن أن يكون الموقف التركي قد جاء “بنصيحة إيرانية”، حيث طالما حرصت طهران على وصل ما انقطع بين الدولة التركية ونظام الأسد، وعلى العموم فإن هذا التصريح “كان متعجلا ولن يؤتي أي أكل حيث لايمكن الاستعانة على المجرم بمجرم آخر بل أشد إجراما وإرهابا وأكثر بشاعة في سياساته الأمنية العسكرية ضد السوريين”.

وكان “المجلس اﻹسلامي السوري” قد أصدر في السابع والعشرين من الشهر الماضي، بيانا بعنوان “لا إرهاب يفوق إرهاب عصابة الأسد”، دعا فيه المشايخ من الخطباء والوّعاظ والمفتين في الشمال المحرر، إلى التأكيد على أولوية محاربة “إرهاب نظام اﻷسد”، في ردّ غير مباشر على التصريح التركي، حيث أشار إلى أن “قسد وPKK و PYD عصابات إرهابيّة، وهي من أدوات النظام الإرهابيّ المجرم في حربه على السوريّين وجوارهم التركي”، منوها بأن “محاربة إرهابهم لا تكون بدعم وتقوية إرهابٍ آخر أكبر منه”.

المصدر: موقع (حلب اليوم)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى