رواية سليمان للكاتب أوقاي ترياقي أوغلو تتابع سيرة حياة السلطان العثماني سليمان ابن السلطان سليم.. سليمان الذي ورث سلطنة واسعة عن أبيه .ممتدة في الشرق حتى ايران حيث الصفويين .وبلاد الشام ومصر وصولا الى مكة والمدينة. سليمان الابن الوحيد المؤهل للعرش .و المسكون بهاجس القانون والعدل.. الذي عمل تتمدد السلطنة العثمانية باتجاه أوروبا .التي تعيش صراعات ملوكها وتحالفاتهم ايضا . اوروبا التي تمددت لتصل لامريكا ولينعكس ذلك عليها اقتصاديا وتجاريا بقوة وحرية حركه.. كانت السلطنه في عهد سليمان بين نارين الاوربين المتربصين دوما من جهة والصفويين من جهة اخرى.الذين ما ينفكون يتحالفون مع الاوربيين .ويعيثون في السلطنة فساد .سواء كهجمات غزوات تنتهي بخراب واضرار في البلاد المجاورة لها. او من خلال عمل استخباراتها كاغتيال او خلق احلاف او صراعات ضمن حكم سليمان نفسه..
.الرواية تعتمد آلية السرد بلغة المتكلم على لسان وهيمي جلبي كبير استخبارات سليمان .ورجله القوي .مؤسس ورئيس الهلال الحديدي الجهاز الاستخباري العثماني ذي اليد الطولى في كل حركات السلطنه .سواء من اغتيال او فتوحات وفي كل شؤون الدوله..
.وهيمي جلبي هنا متهم بانه سعى في قتل السلطان سليمان. والرواية هي افاداته امام المحكمة المشكلة للنظر في قضيته.. وهيمي الذي وصل لعمر الثمانين .والذي قضى عمرة كله في خدمة السلطنه.. عاصر السلطان سليم وهو من اسس الهلال الحديدي. والذي كان ذراع السلطان سليمان الباطشه وكلمته النافذه وقدرته الواصله لاي مكان ولاي احد.. والذي كان مراقبا وفاعلا في شؤون القصر وصراعات الحكم الداخليه. .. سليمان لم يرث حكما مع اخوة ولم يدخل الصراع كابيه ليكون له الحكم.. لكنه ومع مضي الوقت وتوسع عائلته عبر زيجاته المتعدده واولاده الذين سيكبرون ويدخلون في لعبة السلطة .وصراعاتها الداميه.
. سيبعد وهيمي اكبر منافسيه ابراهيم البرغالي قربا من سليمان .بعد ادانته بالتورط بمقتل محمد الابن الاقرب لنفس سليمان وابن زوجته وعشيقته حرم.. سيقتل البرغالي.. لكن مشكلة السلطنة ووراثة سليمان كانت حاضرة دوما.. فهي تتغذى من غياب قاعدة للتنصيب بعد موت او غياب السلطان. فكل الاولاد لهم الحق .وبذلك يدخلون لعبة الصراع و القتل المتبادل حتى يستقيم الامر لاحدهم.. وقد يكون الوريث المحتمل متسرعا في طلب الحكم ويبادر لقتل السلطان او ازاحته.. هكذا فعل سليم مع والده بيازيد .حيث ازاحه وقتله بعد ذلك بالسم. كما قتل كل اخوته ونسلهم ايضا.. هكذا فبعد قتل الابن محمد خلى الامر للابن الاكبر مصطفى الذي وصل للاربعين .والذي دخل لعبة السلطه والمتهم بالتحالف مع طهماسب ابن اسماعيل الصفوي .ضد والده سليمان . وهو ايضا المستهدف من حرم زوجة السلطان وعشيقته .التي تريد الانتقام لولدها محمد وابعاد مصطفى من منافسة الحكم .امام ابنها سليم ..الذي سيكون السلطان الجديد بعد سليمان وسيلقب سليم الثاني.. سيقتل سليمان ابنه مصطفى لانه يريد ان يرهب جيشه الذي بدأ يتمرد عليه .وليردع اعداءه الصفويين .. وليقول بشكل مباشر انه في سبيل الحكم لا ممنوعات عنده.. بعد قتل مصطفى يدخل ابنه الاخر (جيهان غير) في حالة نفسية .فهو لم يستوعب لعبة الحكم وكيف يقتل الاب ابنه.. وليموت بعد ذلك .ويزيد حسرة سليمان بموت اولاده الثلاثه . محمد ومصطفى وجيهان غير.. ولم تتوقف لعبة السلطه .فها هو بايزيد الابن الآخر يدخل في صراع مع ابيه سليمان على السلطه. سليمان الذي كان قد اختار ان يورث السلطة لابنه سليم ابن زوجته وعشيقته حرم .. وليتورط بايزيد في تحالفات مع طهماسب الصفوي .. وليهرب اليه مع عائلته عندما انهزم امام جيش اخيه سليم.. وليتم اعادتة بصفقة بين سليمان وطهماسب .يشتريه بالمال وباقتطاع ارض.. ليعود لابيه وليقتله كخائن هو واولاده الاربعه.. لان قاعدة الحكم العثماني قتل المهزوم وذريته معه .لكي لا يكون لاي طرف في يوم ما حق بالحكم او الثأر يتحرك له.. لعبة السلطة لم تنتهي فها هو وهيمي نفسة يتورط بقتل حرم نفسها انتقاما لمصطفى الذي يعتبره وهيمي احق بالسلطة وانه كان ضحية مؤامرة ولم يقاتل .بل سلم نفسة لابيه وكان بقدرته ان يزيح والده لو احب..حرم التي قتلت بسم نادر يقتل بشكل خفي عبر السكتة القلبيه بعد تناول قليل منه بساعات عده .ولا يترك اثرا ابدا.. هذا الاعتراف المتأخر سيودي بحياة وهيمي .ويعتبره بمثابة غسل لضميره .وانه في كل الوقت كان يد السلطنة وقوتها الباطشه. وكان يتعايش مع سليمان من موقع المريد لشيخه و الصديق الوفي والمنتمي المطلق..
.لم يتغير شيئ في مسار السلطنه في عهد سليمان المتأخر .فما زال يصارع الصفويبن في خاصرته الشرقيه .بين حرب وسلم وتوافقات لا تستمر .مع ادراكه ان الصفويين مستخدمين من الامارات الاوربيه .لزرع فكرة منافسة العثمانيين .وخلق الصراع بينهم دوما.. فالسلطنه العثمانيه عندما تكون مشتبكه مع الصفويين فهي ضعيفه بمواجهة اوربا .ومنشغله عنها ايضا.. ومع ذلك استمر سليمان يولي لجبهته مع الغرب الاوربي الاولويه والاهميه .وكانت آخر حملاته على قلعة سيكتوار التي تم فتحها بعد صراع اشهر .وبعد وفاته بعدة ايام..
.ستنتهي الروايه باعدام وهيمي بعد اعترافه بمقتل حرم زوجة السلطان وعشيقته..وضميره مرتاح بانه بعد ثمانين سنه فعل ما كان يجب ان يفعله وان موته بهذه الطريقه غفران له على كل موبقاته السابقه.
.سنتابع في الرواية التاريخ لكن ليس كمادة خام ومعلومات .بل محملة بحالتها الانسانية .مجبولة بمشاعر ابطالها واهواءهم .نصرهم واخطاءهم وخطاياهم ايضا.. الغرب الذي بدأ يستفيد من خيرات اكتشافاته في امريكا الجديده .ذهب وغيره.. من العلم المتشكل والمتراكم المأخوذ عن العرب في المشرق او الاندلس. واستخدامه في السلاح الجديد الصغير والممكن استخدامه بسهوله وتقنات الحروب ايضا.. وخلق التحالفات مع الصفويين . وسنكتشف طبيعة السلطه الغير انسانيه التي كانت سائده. والتي كانت اقرب لقوانين الغاب منها لحاجة البشر للامان والحرية والعدل والحياة الافضل..
.سنكتشف ان البشريه دفعت وماتزال تدفع من حياة ابناءها على مذبح المصالح الفرديه او الدوليه. وانها استباحت ولاتزال كل شيئ من اجل السلطه والمصلحه. واننا كبشر كنا مجرد ادوات هذا الصراع .ولم نكن يوما هدفه الانساني الاسمى..
.السنا اليوم اقرب للامس من اي يوم مضى .شعوب يقتلها حكامها . والقوى العظمى تستثمر الحالة وفق مصالحها .كدول وانظمة حكم ومصلحة لطبقة اثرياء العالم..
.للاسف ما زلنا الضحيه كبشر ونعبر رمزيا عن الانسانية الجريحه والمقتوله كل يوم..
12.11.2014
رواية “سليمان” للكاتب التركي “أوقاي ترياقي أوغلو” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي للكاتب “احمد العربي” الرواية تتابع سيرة وحياة السلطان العثماني سليمان ابن السلطان سليم الذي ورث سلطنة واسعة عن أبيه سليم، سليمان الابن الوحيد المؤهل للعرش .و المسكون بهاجس القانون والعدل .