اغتيال /1

فايز هاشم الحلاق

(1)

1- أنا ابنُ فَيحاءَ قَدْ أَشْعَلْتُ بي ثاري،   الجرحُ في بَلَدي والظُّلمُ أَقداري
2- يا شامُ صَبرًا على الأحداثِ والبَلوى   فالصُّبرُ فاكِهةٌ لِنَصرِ أَحْرارِ
3- والجورُ مَشْأَمَةٌ ما بينَ أعرابٍ   والمعتَدي راتِعٌ بالذُّلِّ والعارِ
4- مَنْ ذاقَ مَظْلَمَةً يَقْسو ولا يَلِنُ   فالنّاسُ كالعُودِ من نَبْتٍ وأَشجارِ
5- فالحَوْرُ كالميْسِ، لا تَقوى مفاصلُهُ،   والسِّنْديانُ قَسى حتَّى على النّارِ
6- واللَّينُ بالقَصَبِ، تَراهُ مِغَناجٌ   على السَّواقي، ويَبْقى العِطْرَ للغارِ
7- آليتُ عَهْدي على أَنِّي حَديدٌ أَنا،   الغارُ أَنْثُرُهُ، والمسْكُ أَخباري
8- والصَّبْرُ من شِيَمي، لكنَّهُ مُرٌّ   إِنْ كان سَبَّبَهُ أبْناءُ أشرارِ
9- لا تَحْسَبَنَّ جبانًا صارَ عَنْتَرَةً   إِنْ لَمْ يَكُنْ بُرْعُمًا لِسَيْف جَبَّارِ
10- حيتانُ مُعْتَدِيٍ قَدْ أَشْعلوا نارًا   لحرقِ مَنْ ظُلِموا من دونِ إِنذارِ
11- حِرابُهُمْ شُحِذَتْ من آلِ صُهُيونٍ   والجرز – تَدْعَمُهُ كَتائِبُ الفارِ
12- للإِفْكِ سَطْرٌ تَخُطُّهُ يَدُ الباغي   أَتباعُ مَهْزَلَةٍ في حَربِ دولارِ
13- راحوا إلى صُحُفٍ تَفْتريْ كَذِبًا   فَصَوَّروا عَرَبًا تُسيءُ للجارِ
14- عاشوا على سَفَهٍ ومَكْرِ إِبْليسٍ   والكرهُ أَوْهَمَهُمْ أَنْ يَسْلُبوا داري
15- وجوهُهُمْ حَقَدَتْ أَحْداقُهُمْ شَرَرٌ   والقَلْبُ قَدْ مُلِئَ بالفَحْمِ والقارِ
16- إِنْ قيلَ مشكِلَتي هَوِيَّتي عَربي   فَهَلْ لِعُربٍ على الأَزمان مِنْ عارِ
17- أَم أَنني عُمَرِي وقائديْ عَدْلٌ   أكْرِمْ بقائِدنا من بَينِ أحرارِ

(2)

18- يا شارِحًا كَذِبًا أَيامَ تاريخي   حَدِّقْ بما كَتَبوا في نَحتِ أَحْجارِ
19- الحِقْدُ قَدْ ذَهَبَ بفتنةٍ طُويَتْ   إيَّاكَ تُرْجِعُها في بعضِ أَشرارِ
20- إيَّاكَ تَنْبَهِرُ في بَهْرَجٍ زائِفْ   تَبْقى النُّفوسُ فِدًا للأَرضِ والدَّارِ
21- لا تُصْغِ سَمْعًا إلى (كِسرى) بأَقْوالٍ   قَدْ شَكَّلَتْ فِتَنًا للأَهْلِ والجارِ
22- للفرسِ عَهْدٌ على أَبْناءِ صُهيونٍ   (وكورشُ) حَرَّرَهُمْ من أَسْرِ (نَصَّارِ)
23- فَالوِدُّ مختبئٌ بظاهِرِ الكُرْهِ   قَدْ أَقْسَموا شَرَفًا في صَوْنِ أَسْرارِ
24- تعاهَدَ الذِّئْبُ والأَفْعى على غَدْرٍ   لكِنَّ ظاهِرَهُمْ صِراعُ جزَّار
25- (للعَلْقَمِيِّ وجابرٍ) مذلتهم   كانَتْ لَهُمْ مأْخَذًا ذُلًا بإِصْرارِ
26- حِقْدُ المَجوسِ أَتى بِكُلِّ مَكْروهٍ   والذِّئبُ مُفْتَخرٌ بِنابِهِ الضَّاري
27- هَيْهاتَ لَوْ وُلِدَتْ صُروحَ وَحدتنا   كُنَّا ولَمْ نَزَلِ أَحْفادَ أَبْرارِ
28- فاهْجُر هَوى عَجَمٍ إِنّا ذَويْ قُربى   وَجَدُّنا واحدٌ من عَهْدِ أَنْبارِ
29- في أرضنا نَزَلَتْ آياتُ قرآنٍ   تُعْطي الوَرى أَبَدًا إِشْعاعَ أَنوارِ
30- والدِّينُ عَرَّفَنا بغيرِ أَعْرابٍ   فَضْلُ الإلهِ وشَرْعٌ بالتُّقى جاري
31- ناشَدْتُكمْ بالذي يُقدِّرُ القَدَرا   امحُوا ضغائِنَكُمْ ثوروا على الثارِ

(3)

32- ناجيتُ بي قَدَري في وَعْرِ مِشْواري   فالدَّمْعُ يَظْلمُني ضاقَتْ بِهِ داري
33- جُرِّعْتُ كأسًا من الأَفْراحِ يَقْتُلُني   يا بُؤْسَ بَسْمَتِنا نَذْلٌ بها ساري
34- رُدِّيتُ بُرْدًا من الأَقوالِ كاذبةٍ   لها بريقٌ غَرَى جيلَ أحرارِ
35- الفيلُ يَعبُرُ جُحْرَ نَمْلَةٍ خَوْفًا   أَثناءَ أَسْئِلَةٍ مِنْ أَجلِ إِقْرارِ
36- أُشْتُمْ أَباكَ وقُلْ في أُمِّكَ العُهرَ   وامْدَحْ وضيعًا لِكَيْ تنْجو من النارِ
37- عشرونَ فَرعًا تسابَقوا بلا سببٍ   في تَرويضِ رَعيَّةٍ على العارِ
38- أَعلن قبولًا بكُلِّ مَسَرَّةٍ ورضى   ثمَّ ابْتَسِمْ راقِصًا لِكُلِّ قَهّارِ
39- رَقَصْتُ مِنْ أَلَمي، وكانَ قَرَّادي   بِالسَّوْطِ يَضْرِبُني لِذَلِّ إِكْباري
40- ناديتُ ربّي، بقلبٍ طاهرٍ يَبكي   يا رَبِّ أَرجوكَ آمِنِّي في داري
41- إِلَيكَ نَلْتَجِئُ مِنْ كُلِّ فِرْعَوْنٍ   للهِ عَوْدَتُنا هروبُ أَحْرارِ
42- قَوّي عَزائِمَنا عَوْنًا على البَلْوى   وامْنَحْ بصائِرَنا تَدْبيرَ جَبّارِ
43- السَّاحُ ملتهبٌ كَأَنَّهُ الحَشْرُ   تَعْلو مَدائحَهُمْ بصَوْتِ هَدَّارِ
44- جئناكَ يا (هُبَلُ) هيِّئْ لنا سيفًا   (فداحسٌ) معنا، تُعسًا (لذي قارِ)
45- فنحن في سِقَمٍ عُدْنا إلى جَهْلٍ   الحربُ نُشْعِلُها غَزْواً على الجارِ
46- تَهتَزُّ رايتنا تدْنو إلى صُوَرٍ   وألفُ لافِتَةٍ كانَتْ على صاري
47- هذا هُو العَدْلُ في ميزانِ نيرونا   النَّاسُ كالغَنَمِ في نابِهِ الضَّاري
48- للذبحِ يَجْتَمِعوا، كالسَّيْلِ هَدَّارًا   جِنانُهُمْ تَرَكوا، جاؤوا إلى النار
49- أَتَوا على عَجَلٍ يَحُثُّهُمْ أَمَلٌ   بالرَّقْصِ يَقْتَرِبوا من شَخْصِ مُختارِ
50- يحْدوهُمُ هَدَفٌ بِتَركِ قَرْيَتِهِمْ   والشّغْلُ في عَسَسٍ لِقَتْلِ ثُوارِ
51- بالأَمسِ قَدْ شُحِنوا للشَّعْبِ أَعْداءً   وهكذا أَمِلوا بِخَنْقِ أَزْهارِ
52- إِحراقُ غابَتِهِمْ، وزَرْعُ أَحْجارٍ   لو جَفَّ نهرهم، أهلًا بِسُمّارِ
53- هَزُّوا مناكِبَهمْ دَقّوا بِأَرْجُلِهِمْ   هاجوا وماجوا على ألحانِ مِزمارِ
54- كان التُّرابُ حزينًا في مضارِبهم   يعجُّ من فقدِ أشجارٍ وإعمارِ
55- هَبَّ الغبارُ عليهم ثمَّ غَطّاهمْ   فَلَفَّهُمْ غَضَبٌ من دونِ إِمْطارِ
56- غنّوا بِلا فَرَحٍ، يا ليتَهُمْ ناحوا   فالحَقَّ ما عَرِفوا: ما هُمْ بِأحرارِ
57- إِنَّ العُصاةَ نَجَوا بمركبِ نوحٍ   والموتُ يَأْتي على نُوحٍ وَأَبْرارِ
58- هَلْ صارَ نوحٌ من العُصاةِ وابنٌ لَهُ   يَنْجوا مِنَ الغَرَقِ والحَرقِ بالنَّارِ
59- الرَّقصُ أَتْعَبَني والحَبْلُ قَيَّدَني   واحْتارَ (عَيْنٌ) على طَوْعي وإِجباري
60- فراحَ يَجلدُني بالسّوطِ كي يَعْلو   صُراخُ حُنْجرتي، والشَّتْمُ إِنْذاري
61- تَقَرَّحَتْ راحَتي من كُثْرِ تَصْفيقي   وراحَتي ذَهَبَتْ والذُّلُ في داري

(4)

62- أَصْبَحْتُ أَحْيا على أَنِّي سَيّافٌ   أَطِيعُ حاكِمُنا من أَجْلِ دينارِ
63- في كُلِّ حَفْلٍ إلى السَّاحاتِ مَجرورٌ   أَوْ عِنْدَ خِطْبَةِ طبالٍ وزمَّارِ
64- ولَيْسَ لي عَمَلٌ عِندَ الأميرِ سِوى   تَحضيرِ آنيةٍ أو حَلْبِ أَبقارِ
65- والوَيْلُ في شَرَفي إِنْ كنتُ مُعْتَرِضًا   طُعِنْتُ في خُلقي عدوُّ أَحرارِ
66- كأَنَّني القِدْرُ يَطْهو ساكتًا لَهُمُ   وَجْهي لِربِّي وَقَعْري صارَ بالنارِ
67- عافوا طَعامي وصارَ الأَكْلُ من كَبِدي   قالوا: طويتُ بِها جميعَ أَسْراري
68- أَوْ أَنَّني العيرُ قَدْ أَتى لِطَحَّانٍ   رَحاهُ دائِرةٌ في كُلِّ أَطْوارِ
69- سُحِبْتُ من رَسَني والحَبُّ شوَّانٌ   حَرَنْتُ أَرْفُضُهُمْ فَجاءَني عاري
70- أذعنتُ مُبْتَلِيًا وأَدْمُعي تَجْري   قَطعُ اللّسانِ وضرسٌ مثلَ منشارِ
71- خَفَّفْتُ مِنْ عَلَفي فالعُشْبُ مَفْقُودٌ   والسِّعْرُ مرتفعٌ كَفٌّ (بدولار)
72- والماءُ أَشْرَبُهُ في الكَيْلِ أَدْناهُ   فماؤُنا عِنَبٌ خَمْرٌ لِخَمَّارِ
73- سُئلتُ عن وَطَنٍ فَلُذْتُ بالصَّمتِ   ما كنتُ أَمْدَحُهُمْ ولا بِثَرثارِ
74- وكان ظَنِّي بِأَنيِّ في مراتِبِهِمْ   يَهُمُّهُمْ كادِحٌ في نَشْرِ أَخبارِ
75- يا للصَحافَةِ تُمْسي ثُمَّ تُصْبِحُ مُوْ   مِسًا وإِنْ شَرُفَتْ أُخْتٌ لسمِسارِ
76- قَدْ قَوَّلُوني معانٍ لَسْتُ قَائِلَها   وَكُلُّ سَعْيُهُم غَسيلَ أَفْكَاري
77- شَخْصِيَّتي برزتْ بالصَّفْحَةِ الأولى:   هذا أَنا بِدَمي عَهْدي وإِقْراري
78- قالوا: بِأَنّي مُعَاهِدٌ لإبْليسٍ   فَدَيْتُهُ وَطَني حتَّى إلى النارِ
79- لولاه ما عِشْتُ أَوْ أَبْصَرْتُ في الدُّنيا   ولا فُؤادي يكُنْ حمَّالَ أَسْراري

(5)

80- كَمْ مِنْ شُموسٍ (لأَهْلِ الضَّادِ) في داري   يا رَبِّ نَصرًا على عَدوِّكَ الضَّاري
81- أَبْلوا وَضَحُّوا وما هابوا الوغى أَبَدًا   آمالُهُمْ: يَرْفَعوا راياتُ أَحْرارِ
82- يَرْموكُ لمْ تَزَلي في الكونِ تَأْتَلِقي   عَزْلٌ لأَنْجُمِنا في نُبْلِ ثُوَّارِ
83- منْ لي بِفَضْلِ سُيوفِ اللهِ مِنْ بَطَلٍ   يَعودُ مُرْتجِلًا في كُلِّ إِكبارِ
84- يا شامُ لَيْتَ السَّجايا غيرُ ذاهِبَةٍ   إِنَّ الذي حَصَلَ شيءٌ من العارِ
85- طَغى على أهلها شذّاذُ آفاقٍ   وما شَكوا أَلمًا حَتّى إلى جارِ
86- كَأْسُ التَّسامي شَرِبْنا مِنهُ مملوءً   إِحْقاقُ عَدْلٍ وإِمْدادٌ بأَنْصارِ
87- أمُّ العروبَةِ والرِّضوانُ يحْرُسُها   أَكْرِمْ بها جَنَّةٌ بنَهرها الجاري
88- نَبعُ العَطاءِ بها الإكرامُ والجودُ   ما هانَ ضَيْفٌ بها من عَهدِ أَنْبارِ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى