لا يزال الشرق السوري ميدان تنافس بين مختلف أطراف الصراع في البلاد، إذ يحاول كل طرف استقطاب عشائر المنطقة وفعالياتها الاجتماعية، لتمكين وجوده في هذا الشرق، لا سيما في ريف دير الزور الذي يعد الأغنى بالثروات، تحديداً النفطية، إذ يضم أكبر الحقول والآبار. واعترف قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مظلوم عبدي، خلال سلسلة لقاءات عقدها مع وجهاء ريف دير الزور، شمالي نهر الفرات، بارتكاب قواته ما وصفها بـ”أخطاء” خلال ملاحقة عناصر تنظيم داعش، وفق بيان صدر أول من أمس الأحد. وبحسب البيان، تمخّضت عن تلك اللقاءات نتائج عدة، أبرزها تسريع تنفيذ نتائج ومقررات “مؤتمر تعزيز الأمن والاستقرار” الذي عقد خلال الفترة الماضية في دير الزور، الهادفة إلى تحسين الواقع الخدمي والأمني والإداري في المنطقة.
كما اتفق الطرفان على متابعة الملف الأمني، وإعادة النظر في قضايا المعتقلين الذين “لم تتلطخ أيديهم بدماء أهالي المنطقة”. وتوصل الجانبان إلى اتفاق لإخراج دفعة أولى من أهالي دير الزور القاطنين في مخيم الهول غداً الأربعاء، بكفالة شيوخ ووجهاء العشائر، ودمجهم في المجتمع، وإخراج دفعات أخرى من المخيم مستقبلاً. ونقلت “قسد” عن الوجهاء اتهامات للنظام السوري بلعب أدوار تخريبية في المنطقة. وبسطت “قسد” المدعومة من التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة سيطرتها على مجمل ريف دير الزور الشرقي، شمال نهر الفرات، في مطلع عام 2019. ودخلت هذه القوات منذ أواخر العام الماضي في صراع مع مقاتلين من قبيلة العقيدات العربية، بسبب تجاوزات بحق سكان المنطقة من قبل هذه القوات المتهمة من قبل الأهالي بتهميش الدور العربي في المنطقة.
مليشيا لمواجهة “قسد”
في مقابل تحرك “قسد” لاستقطاب وجهاء العشائر في ريف دير الزور، برزت مليشيات محلية جديدة ضدها، اتُهم النظام السوري بأنه يقف خلف تأسيسها. وفي أحدث تطور على هذا الصعيد، كشفت شبكات إخبارية محلية الأحد الماضي، ومنها “نهر ميديا”، أن أفراداً من قبيلة البو شعبان أعلنوا عن تشكيل عسكري عشائري جديد في ريف الرقة الشرقي، غرب دير الزور، تحت مسمى “سرايا البو شعبان”، انضوى ضمن تنظيم “قوات القبائل والعشائر” التابعة للنظام السوري والإيرانيين، لتنفيذ عمليات ضد “قسد” في مناطق شمال شرقي سورية. لكن القبيلة أصدرت بياناً، أمس الاثنين، أكدت فيه أن “هؤلاء الأشخاص لا يمثلون سوى أنفسهم”، مضيفة: “هم ثلة مرتزقة بيد أجندات العبث باستقرار المنطقة، وهي لعبة من النظام لخلق فتنة بين مكونات العشائر العربية في مناطق قسد”. من جهته، قلّل الناشط الإعلامي عهد الصليبي، في حديث مع “العربي الجديد”، من أهمية مليشيا “سرايا البو شعبان”، مشيراً إلى أن “هدف النظام من خلق مجموعات تابعة له من شبيحته في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة تحت عنوان القبائل والعشائر العربية، هو مناكفة قسد وزعزعة الاستقرار في شمال شرق سورية للحصول على مكاسب”.
وتعليقاً على المشهد المضطرب في شرق سورية، خصوصاً في ريف دير الزور، رأى مدير مركز الشرق نيوز فراس علاوي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “قائد قوات قسد يحاول ترميم علاقة قواته مع المنطقة من خلال سلسلة اللقاءات التي أجراها أخيراً مع الوجهاء والفعاليات الاجتماعية”. وتابع: من الواضح أنه (مظلوم عبدي) يتخوف من غضبة عشائرية جديدة ودخول النظام والإيرانيين عليها واستغلالها لخلخلة الأوضاع الأمنية في الريف الواقع تحت سيطرة قسد”. وأشار إلى أن “النظام يعمل على تشكيل مجموعات ومليشيات محلية لتكون أذرعاً له في سياق صراعه مع قوات قسد”، مضيفاً أن “دعم وتجنيد المؤيدين له سهلة كونهم أبناء المنطقة”. وأعرب علاوي عن اعتقاده أن النظام والمليشيات الإيرانية “تدفع في ريف دير الزور باتجاه صراع بأدوات محلية”، مضيفاً: “النظام يريد مجابهة قوات قسد من خلال عناصر محلية كالمجموعة التي أعلن عن تشكليها الأحد من عشائر البو شعبان”. ولم تكن المرة الأولى التي أظهر فيها النظام والإيرانيون دعمهم تشكيل مجموعات محلية من أبناء العشائر في شرق سورية، إلا أن هذه المجموعات لا وزن عسكرياً لها، وغالباً ما بدا تشكيلها إعلامياً لا أكثر، والغاية منها حصول أفراد على دعم مالي وعسكري من النظام والمليشيات الإيرانية.
وضعية دير الزور
ومحافظة دير الزور من أكبر المحافظات السورية (حوالي 33 ألف كيلومتر مربع)، وخاضعة لسيطرة قوى عدة، فالريف الواقع شمال نهر الفرات خاضع لسيطرة “قسد”، باستثناء قرى خاضعة للنظام والمليشيات الإيرانية، المسيطرة بدورها على كامل ريف دير الزور الشرقي، جنوب نهر الفرات، بدءاً من مدينة الميادين وصولاً إلى مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية. وللنظام والمليشيات الإيرانية سيطرة على سبع قرى شمال نهر الفرات، وهي: الحسينية والصالحية وحطلة ومراط وطابية جزيرة ومظلوم وخشام. وفي ريف دير الزور الواقع تحت سيطرة “قسد”، أكبر وأهم حقول النفط والغاز في سورية، أبرزها حقل العمر، وحقل كونيكو للغاز. كما أن للتحالف الدولي قاعدة في حقل العمر، تمركز فيها جنود أميركيون وفرنسيون وبريطانيون، وزُوِّدت بمهبط للطيران المسيّر والمروحي، فضلاً عن 12 مروحية قتالية، وفيها أيضاً معتقل تابع للقوات الأميركية.
ولطالما كان ريف دير الزور ميدان تبادل رسائل بين الأميركيين والإيرانيين من خلال القصف المتبادل الذي ظل مضبوطاً ولم يتحوّل إلى صدام عسكري واسع، بفعل حرص الطرفين على تجنبه. ولدير الزور طبيعة عشائرية وقبلية عربية، وأبرز عشائرها: العقيدات في الريف الشرقي، والبكّارة في الريف الغربي، إلى جانب عشائر أخرى. وإلى جانب “قسد” والنظام والإيرانيين، هناك أيضاً خلايا تابعة لتنظيم داعش في ريف دير الزور، سواء شمال نهر الفرات أو جنوبه. وشنت هذه الخلايا هجمات واسعة في بادية دير الزور، وصلت في بعض الأحيان إلى ريفي الميادين والبوكمال، ضد قوات النظام والمليشيات المحلية والإيرانية المساندة لها. كما شنت هجمات عدة في ريف دير الزور، شمال نهر الفرات، استهدفت الأشخاص المناوئين للتنظيم أو ممن رفضوا دفع إتاوات لعناصر التنظيم.
المصدر: العربي الجديد
الإدارة الذاتية وجناحها العسكري المنضويين تحت سيطرة وإدارة الـ PKK تكرر اسلوب معلمهم طاغية الشام “الأسد” بالكذب والتدجيل والوعود الكاذبة، كأن ذاكرة شعبن كذاكرة السمكة، لتنطلق “سرايا البوشعبان” منضمة لتنظيم “قوات القبائل والعشائر” ، فإلى أين تسير اوضاع المنطقة؟ سلطة أمر واقع تقودها قوى إحتلال للصراع على الوطن وثرواته.