فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ “

د. مخلص الصيادي

محطات تلفزة عربية اللغة والموقع عبرية الهوى والتطلع تصر على ترويج أحاديث وأقوال، وتقديم شواهد ولو تافهة عن خلافات في حماس بين قادة الداخل “السنوار، الضيف…. ” وبين قيادة الخارج”هنية، أبو مرزوق، مشعل،..”،  تتصيد موقف شعبي من هذا الموقع في غزة أو ذاك لتتحدث عن تململ شعبي ضد حماس، لهول الثمن الذي تدفعه غزة على أصداء عملية”طوفان الأقصى”، وتروج دائما لمفهوم”اليوم التالي”لوقف إطلاق النار، ما هو مصير قادة حماس في الداخل؟.

إلى أين سيرحلون؟.

ما مصير الحركة؟.

لمن سيخضع القطاع في المرحلة القادمة؟.

وأسئلة مشبوهة كثيرة، قائمة كلها على أن اسرائيل هي المنتصرة في النهاية، وقوى المقاومة والجهاد الفلسطيني، التي تمثل حماس عمودها الفقري هي المهزومة. وعند هذه النقطة استرجعوا ما كان للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات حينما أجبرته القوة الغاشمة الاسرائيلية بتواطؤ مباشر مع الولايات المتحدة. ومع التخاذل العربي على الرحيل عن لبنان الى منافي جديدة. وبدأوا يتصورون ويستطلعون منافي لقادة حماس تحفظ لهم حياتهم.

وفي خضم هذه التغطية الاعلامية السوداء باتت تطرح أسئلة عن مشروعية عملية السابع من أكتوبر، ومن أين أخذت حركة حماس التفويض بزج الشعب الفلسطيني في هذه “المحرقة”.

وحتى حينما اعترفت جهات اسرائيلية عديدة. وجهات دولية تتقدمها الولايات المتحدة بعجز اسرائيل عن تحقيق أهدافها بسحق حماس، والوصول إلى الأسرى وتحريرهم، بقيت هذه المحطات تدور في الفلك نفسه،  وتروج للأفكار نفسها وإن بصورة مواربة، وقد أدخلت في هذه المرحلة عباس وحكومته، ودحلان ومجموعته في تصور لأدوارهم في “اليوم التالي”أي في مرحلة ما بعد “القتال”.

وإلى جانب محطات التلفزة العربية / العبرية، التي فاحت منها رائحة الصهاينة، ووجوههم، ومصطلحاتهم، دأب عدد من الكتاب والصحفيين “العرب” في مواقع وصحف ومطبوعات، ومراكز “أبحاث”، متعدد تروج للمفاهيم نفسها، وتتولى التبرير والدفاع عن مواقف النظام العربي والقادة العرب المتخاذلة بل والمتواطئة مع العدو الصهيوني.

والمتابع لهذه التغطية الاعلامية عبر مختلف المواقع والوسائط والوسائل لا يجوز أن يداخله أي شك في أن كل المساهمين في هذا “الحراك المشبوه” يعلمون علم اليقين  أمرين اثنين:

** الأمر الأول:أن قادة قوى الجهاد على مختلف مسمياتها ليسوا بوارد النظر الى كل هذه الأفكار المسمومة، فهم لا يتطلعون لحل يحفظ “سلامتهم الشخصية”، ولا يبحثون عن ملجأ أو منفى، ولا يعنيهم بكثير أو قليل كل هذا الهرج، فقد أنجزوا المهمة الأولى بنجاح منقطع النظير، وبنتائج وآثار  أعلى بكثير مما توقعوا، و يكفيهم دلالة على عظم ذلك الانجاز أن قادة النشروع الصهيوني كلهم: الأمريكيين، والغربيين، هرعوا بشخوصهم، وبأكثر أسلحتهم عنفا الى الكيان ليبثوا الاطمئنان في قادة الكيان وفي القائمين فيه، بعد أن رأوا بأم أعينهم كيف هزت عملية “طوفان الأقصى” أسس المشروع الصهيوني.  وأصابته بجرح قاتل.

** الأمر الثاني: أن عيون المقاومة مثبتة الآن على تحقيق الهدف الثاني لعمليتهم وهي تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، وقد يتم انجاز كامل هذا الهدف، وقد يقتصر الانجاز على شطر منه، لكن ما هو مؤكد أن كل أسير فلسطيني بات على يقين أن وهو في أسره يقف على طريق استرداد حريته، وأنه موضوع تحريره من الأسر بات في أيد أمينة، وسيصل التحرير إليه اليوم أو غدا.

سينهزم هذا الاعلام المشبوه المأجور، بكل إمكاناته، وبكل أبواقه، وسينهزم كل “المفكرين، والكتاب، والمحللين الاستراتيجيين، والخبراء”.

سنهزم هؤلاء جميعا مع صمود وقوة إيمان، وحنكة إدارة المجاهدين لقضيتهم.

وسينكشف أكثر دور هؤلاء في التغطية والتمويه والتستر على من يقوم بمشاركة العدو الصهيوني في حصار غزة والشعب الفلسطيني، وفي منع وصول قوافل الاغاثة الانسانية التي دفعت بها منظمات المجتمع الدولي.

على مسار الصراع العربي الصهيوني كان هناك دائما، على المستوى السياسي  والفكري، والاعلامي “صهاينة عرب”، لكن في هذه المرحلة بات هؤلاء أكثر وضوحا، وانكشافا، وجرأة، بعد أن أشعرتهم مسيرة التطبيع مع العدو أن الأمور ماضية إلى خواتيمها في طريق لا رجعة فيه

لا أدري لماذا حينما أمعن النظر فيما نحن فيه وفيما يقوم به هذا الاعلام المشبوه، استرجع بعضا من آية في كتاب الله،يقول الله تعالى فيها:

﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ  ﴾ الأنفال/ 36.

 عملية “طوفان الأقصى”، وما أعقبها من إجرام صهيوني بحق غزة، ومن صمود اسطوري للغزيين الذين باتوا يختزنون عزة الأمة كلها، قلبت الموازين، وبدأت تسجل الحروف الأولى في مسيرة جديدة، تصل ما انقطع من جهاد الأمة، ومن إيمانها الراسخ بأن “ما أخذ بالقوة لا يستعاد إلا بالقوة”، وبأن هذا الطريق هو الأقصر، والأجدى وهو على المدى الاستراتيجي والأقل تكلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى