بدأت الميليشيات الإيرانية وقوات النظام السوري المنتشرة في محيط منطقة خفض التصعيد الرابعة حسب اتفاق استانة (إدلب وما حولها) بدأت باستخدام الطائرات المسيرة الانتحارية منذ مطلع شباط (فبراير) الجاري لتبلغ الهجمات أشدها الخميس الماضي.
في التفاصيل، وثقت منظمة الدفاع المدني «الخوذ البيضاء» الخميس، ست هجمات بطائرات مسيرة انطلقت من مناطق سيطرة النظام، واستهدفت عدة بلدات وقرى في منطقة سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي.
وأضافت «الخوذ البيضاء» أن الهجمات أدت لإصابة مدني وطفليه في قرية الزيارة بعد استهدافهم على دراجتهم النارية خلال توجههم للعمل في أرضهم الزراعية، بينما لم تسفر باقي الهجمات عن أضرار بشرية، واستهدفت الطريق الرئيسي في قرية القرقور، وجسر سكة القطار غرب بلدة فريكة بريف جسر الشغور، واستراحتين لصيادي السمك بالقرب من سد القرقور، وسيارة مدنية في قرية قسطون.
فيما قالت مصادر محلية في المنطقة لـ«القدس العربي» إن فصائل تابعة لـ «غرفة عمليات الفتح المبين» أسقطت طائرة مسيرة «رامية قنابل» تابعة للميليشيا الإيرانية، على جبهة الشيخ عقيل بريف حلب الغربي. الأمر الذي أكده مصدر عسكري في فصائل المعارضة رفض الكشف عن اسمه، أن المسيرات رامية القنابل «تُحَمّل بقذائف الهاون نوع 63 ملم في غالب الأحيان وتندرج الطائرة التي جرى إسقاطها من نفس النوع».
قصف مدفعي وصاروخي
وفي سياق منفصل، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بمقتل عنصر تابع لـ«هيئة تحرير الشام» وإصابة آخرين، جراء الهجوم بطائرتين انتحاريتين مسيرتين انطلقتا من مناطق سيطرة النظام واستهدفتا تجمعا لآليات تابعة لـ«تحرير الشام» خلال عملها في التدشيم على محور قرية آفس غرب مدينة سراقب تبعه قصف مدفعي وصاروخي استهدف معرة عليا والنيرب القريبتين من آفس، في 18 شباط (فبراير) كما استهدفت في اليوم ذاته مسيرة أخرى محور قرية معربليت على السفح الشرقي لجبل الزاوية.
كما وثق المرصد، إصابة مدنيين في استهداف مسيرات انتحارية، أطلقت من مناطق سيطرة قوات النظام على قريتي الدقماق والمنصورة في سهل الغاب، في 15 شباط (فبراير) الجاري، وفي السادس من ذات الشهر أصيب مدني جراء استهداف مسيرة لقوات النظام «صهريج نقل مياه» على طريق القرقور وفريكة في سهل الغاب أيضاً.
ومع تكثيف قوات النظام استخدامها للطيران المسير، تأخذ المرحلة المقبلة شكلا جديدا يفاقم من معاناة المدنيين بريف إدلب وريف حلب الغربي، وبشكل خاص المناطق القريبة من سيطرة قوات النظام والتي تقع في مدى حركة المسيرات التي لم تتجاوز حتى الآن 4 كيلومترات، وسط تخوف من اتساع نطاق القصف ليشمل عمق المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب وريفها. من جهة أخرى، اعتبر مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني في تصريح لـ«القدس العربي» أن «هجمات قوات نظام الأسد بالطائرات المسيرة، تعتبر خرقًا لقرارات مجلس الأمن القاضية بوقف الهجمات العشوائية».
خرق قرارات مجلس الأمن
ولفتت الشبكة السورية في بيان لها إلى أن نظام الأسد «ارتكب بشكل لا يقبل التشكيك من خلال استهدافه لمنطقتين في سهل الغاب، خرقًا لقرارات مجلس الأمن 2139 والقرار 2254 كما انتهك قواعد القانون الدولي الإنساني الخاصة بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين؛ ما يؤدي لنشر الذعر بين المدنيين واقتلاعهم من أرضهم وديارهم، ودفعهم نحو التشريد القسري».
وجاء في تقرير الشبكة، أن «محمد زكريا جنيدي أصيب مع اثنين من أطفاله إثر قصف طائرة انتحارية مسيّرة تابعة لقوات النظام دراجة نارية كانوا يستقلونها على الطريق العام قرب قرية الزيارة في منطقة سهل الغاب في ريف محافظة حماة الغربي».
إلى ذلك، لا يبدو أن تكثيف قوات النظام استخدامها للطيران المسير الانتحاري داخل مناطق إدلب وريف حلب الغربي، سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي خارج سياق التطورات داخل سوريا أو محيطها الإقليمي، وما يشير إلى ذلك تزامن تكثيف قوات النظام للمسيرات مع استخدام الميليشيا الإيرانية المسيرات ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق، وما يحمله ذلك أيضا من دلالات على دعم إيران للنظام في هذه المسيرات الانتحارية التي نفذت منذ مطلع العام الجاري 2024 حتى اليوم 13 هجومًا على مناطق مختلفة بريف إدلب وسهل الغاب وريف حلب الغربي، والتي أسفرت عن إصابة سبعة مدنيين بينهم طفلان، حسب إحصائيات الدفاع المدني السوري.
كما يشير استخدام المسيرات الانتحارية من قبل قوات النظام، أو الميليشيا الإيرانية الموالية لها، إلى أن النظام يحاول تعويض استخدام الطيران الحربي التقليدي، والذي انحسر دوره كنتيجة لتفاهمات روسية تركية، قضت بمنع استخدام الطيران الحربي، بالإضافة لتفاهمات روسية أمريكية قضت بنفس المنع في مناطق انتشار قوات سوريا الديمقراطية «قسد».
وفي السياق ذاته، لا يمكن قراءة كثافة الهجمات بالمسيرات من قبل النظام بمعزل عن تراجع دور سلاح الجو الروسي بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، وتراجع الدور العسكري الإيراني في سوريا مؤخرًا، وبشكل خاص بعد الضربات الأمريكية التي استهدفت مواقع للإيرانيين ردًا على مقتل ثلاثة من الجنود الأمريكيين في قاعدة البرج 22 في الأردن بغارة طائرة مسيرة، اتهمت بإطلاقها فصائل موالية لإيران من الأراضي السورية.
بموازاة ذلك، أشادت وسائل إعلام تابعة ومقربة من نظام الأسد بدور الطيران الانتحاري المسير، حيث قالت صحيفة «الوطن» الموالية، إن الطائرات الانتحارية المسيرة التابعة للنظام منعت من وصفتهم بـ «الإرهابيين» من التنقل في مناطق خفض التصعيد، كما قطعت طرق الإمداد التابعة لهم، والتي تربط خطوطهم الخلفية بالأمامية، إلا أن «الوطن» بالغت بأعداد القتلى جراء قصف المسيرات.
ويذكر أن استخدام الطائرات المسيرة الانتحارية على تفاوت تقنياتها لم يقتصر على قوات النظام أو الميليشيا الإيرانية، ففي الخامس من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي حقق الطيران المسير خرقًا أمنيا كبيرًا في صفوف النظام، بعد أن تسبب هجوم بطائرات مسيرة بمقتل 112 شخصا بين مدني وعسكري خلال حفل تخرج ضباط من الكلية العسكرية بحمص، وعلى الرغم من أن الهجوم لم يتم تبنيه من قبل فصائل المعارضة في إدلب، أو هيئة تحرير الشام، إلا أن نظام الأسد وجه لها التهم فور وقوع الهجوم الذي ربما تعجز عنه من الناحية التقنية قوات المعارضة وهيئة تحرير الشام.
إدامة حالة اللاستقرار
على الصعيد السياسي، يعتقد الباحث المشارك في «المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية» مصطفى النعيمي أن هذه الاستهدافات تندرج ضمن إطار رغبة النظام في استدامة «حالة اللاستقرار» في محافظه إدلب عموما وذلك من خلال استثمار الموقف الروسي والإيراني في آن معا لتوجيه ضربات باتجاه مناطق المعارضة السورية وذلك من خلال توظيف التوصيف بان إدلب تحكم من هيئة «تحرير الشام» الموصفة إرهابية وفق اللوائح الروسية.
ووصف الباحث المتخصص بالشأن الإيراني في حديث مع «القدس العربي» أن ما يجري هو «اشتباكات في نطاق خطوط التماس لا أكثر» مستبعدا حصول عملية عسكرية واسعة على اعتبار أنها «ستزيد المشهد تعقيدا محليا وإقليميا ودوليا، لاسيما أن هذه المنطقة محكومة بتفاهمات دولية عبر مسارات جنيف وأستانا وسوتشي فلا يمكن تجاوز خرائط النفوذ الدولية دون أن يكون هناك توافق على تنفيذ تلك العملية».
من الجانب التقني، تدرج الطائرات المسيرة الانتحارية في قوائم طائرات الهواة وهي غير مدرجة في بين أنواع الطائرات الإيرانية المسيرة والتكتيكية مثل مهاجر وعقاب وأخيرا سلسلة شاهد 129و133و136و177والصفوة 179 كميكازي.
وعلق الخبير المتخصص في شؤون الطائرات المسيرة علي محمد حول الغرض من استخدام الطائرات الانتحارية مؤخرا، أن «الطائرات المخصصة للهواة تكون ذات كلفة تكاد معدومة وتؤدي الغرض منها ولا تعتبر من الخسائر المهمة للقوة المهاجمة». ونوه إلى تلك الطائرات «قادرة على حمل قنابل متنوعة تصل إلى 2 كيلوغرام وتصنع آلية لتفجيرها بمدى لا يزيد عن 3كم ومن الممكن أن تزيد الحمولة والمدى بتحسين البطارية ومحركات الطيران».
وعن طبيعة عمل تلك الطائرات، قال محمد إن «تلك الطائرات تعمل بترددات منخفضة (2.4غيغا هيرتز) وتحتاج إلى أجهزة خاصة بالتشويش تستخدم للهواة». ووافق الرأي بأن تكون القوات التركية في منطقة جبل الشيخ عقيل غربي حلب هي من أسقطت الطائرة المسيرة حيث «يمتلك الجيش التركي نظام تشويش كورال وهو نظام تشويش وسيطرة إلكترونية يبلغ مدى تأثيره 124 كم وقادر على التشويش على هذا النوع من الطائرات وأنواع من أجيال أكثر تطورا من الطائرات المسيرة التكتيكية».
والجدير بالذكر، أن نظام كورال لعب دورا هاما في صد هجوم النظام وحلفائه وتسبب بإسقاط عدد كبير من طائرات النظام المقاتلة والطائرات الإيرانية المسيرة خلال شهر شباط (فبراير) 2020.
إن امتلاك الجيش التركي المنتشر في ريف حلب الغربي وجبل الزاوية نظام التشويش «كورال» يثير علامة استفهام كبيرة حول إسقاطه الطائرة الإيرانية في جبل الشيخ عقيل بريف حلب الغربي بعد اقترابها من النقطة التركية المتمركزة هناك، في حين أنه لم يتدخل لوقف هجمات النظام بالطائرات الانتحارية رغم أن أنقرة هي الضامن في منطقة خفض التصعيد.
المصدر: القدس العربي
أذرع ملالي طهران الطائفية الإرهابية ونظام طاغية الشام بأوا بإستخدام المسيرات الانتحارية ضد المواقع الخارجة عن سلطته بإدلب وريف حلب والاذقية بالإضافة لطيران المحتل الروسي، ولا يتم استخدامها للرد على هجمات الكيان الصهيوني، ولكن لماذا لا تقوم القوات التركية بإستخدام اجهزة التشويش ضد هذه المسيرات وهي تملك الأجهزة ؟ وهي الضامن لها ؟.