رغبة البعض “القليل”، في تعريف سورية بأنها بلدٌ «مُتعدد القوميات أو الشعوب»، فيه محاولة تعويم وإنكار الهوية والثقافة والانتماء التاريخي والحضاري المشترك لأكثر من 95% من ابناء الشعب السوري، وهذا له دلالات يجب أن يكون الشعب السوري واعي لمخاطرها، خاصة في ظل ما تتعرض له سورية من تدمير وتهجير ساهمت به العديد من الانظمة والدول إلى جانب النظام المستبد.
لنحذر من أي شيء يبعدنا عن هدفنا ببناء دولة وطنية مدنية لجميع أبناءها، ولنحافظ على وطن سوري واحد وجامع، يحترم حقوق أبنائه على مبدأ المواطنة وتكافؤ الفرص، وتحقيق عدالة تضمن حقوق الشعب السوري كله دون استثناء، بالمساواة وليس “المحاصصات” وفق انتماءات ما دون وطنية. المحاصصات التي يدعوا البعض لتثبيتها في الدستور واستحضار مشاريع فرنسا لدويلات طائفية ومناطقية في سورية، هي ضدّ مصالحنا وتضييع لتضحيات شعبنا.
حقوق أبناء شعبنا السوري بمختلف أطيافهم، لا تكون أبداً بمحاولة تصنيفهم دستورياً بشعوب وفقاً لانتماءاتهم الدينية والأثنية والطائفية واللغوية، فهذا عبث، و مقدمة لتفرقة عنصريّة، تقسّم المجتمع شاقولياً وعمودياً، وعلى أساس ذلك يتم وضع مشاريع سياسيّة ستساهم في القضاء على مستقبل جميع السوريين، فإياكم أن تنساقوا لأي شعارات براقة يتم تأطيرها لتمرير بعض المفاهيم ذات الآثار الاجتماعية والسياسية الخطيرة على المدى المنظور.
سورية هي بلدٌ عربيٌ، وأنطلق هنا من واقع بعدها وانتمائها الحضاري الثقافي والتاريخي، وليس من أتون النظرة “العرقية” الضيقة، فقد تشكلت هويتها بتراكم حضاري، وتعدد ديني ثقافي، أفضى إلى أن يكون الشعب السوري، بل أقول “الشامي” بشكل عام، على ما هو عليه اليوم.
الشعب السوري بغالبيته مسلم الديانة، وهو ذاته الشعب الذي كان بغالبيته مسيحياً قبل ظهور الإسلام، وهو نفسه الشعب الذي عرف آلهة الخصب والشمس قبل آلاف السنين، وهو الشعب الذي بقي عبر آلاف السنين وحتى يومنا هذا، يضم مجتمعه انتماءات دينية وطائفية وأثنية ولغوية متعددة، تشكل بمجملها شعبنا السوري الواحد الأصيل.
391 دقيقة واحدة