“إسرائيل” العنصرية على أرض فلسطين.. من وعد بلفور الى قانون الدولة القومية”..                  (الجزء الرابع “4” والأخير)..

د. حسام مُحيي الدين

ينشر موقع “المدارنت”، اليوم، الجزء الرابع والأخير من دراسة الباحث في التاريخ الأستاذ المحاضر في “الجامعة اللبنانية/ كلية الآداب والعلوم الإنسانية”.. د. حسام مُحيي الدين، تحت عنوان:

“إسرائيل” العنصرية على أرض فلسطين.. من وعد بلفور الى قانون الدولة القومية”..

وفي هذا الجزء ننشر توثيق الكاتب للحصار الذي فرضته حكومة الكيان الإرهابي الصهيوني على الفلسطينيّين.. ووقائع عملية “طوفان الأقصى” وعملية “السيوف الحديدية”..

4-6- الحصار

إضافة الى سياسة التهجير والفصل العنصري عبر الجدران لأمنية، انتهجت “إسرائيل” (كيان الإرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة) سياسة الحصار. ولعل أبرزها حصار غزة، المستمر منذ عام 2006. وسياسة الحصار هذه، لا تشبه المعارك القديمة في التاريخ، بل هي تضييق حياتي على منطقة كاملة على أرض فلسطين، لاستنزافها وتهجير أهلها، أو قطع سبل الحياة أمامهم. ولعل ذهنية (الغيتو) التي مارسها الغرب الأوروبي بحق اليهود منذ عام 1516، انعكست على ممارساتهم العنصرية بحق أهل الأرض في فلسطين.

وفق تقرير للبنك الدولي، دخل الاقتصاد الفلسطيني حالة من الكساد في عام 2014، وقد خلق تباطؤ النمو الاقتصادي ضغوطا هائلة على المالية العامة عرضت للخطر قدرة السلطة الفلسطينية على تقديم الخدمات العامة . وفي بداية شهر سبتمبر/ أيلول 2015 نشرت لجنة التجارة والتنمية/ التابعة لهيئة الأمم المتحدة، تقريرًا حول الوضع في القطاع – بعد ثماني سنوات من الحصار وثلاث جولات من الحرب. حذّر التقرير من أنّه دون تغيير جدّي في سياسة “إسرائيل” لا إمكانيّة لإعادة إعمار القطاع وأنّه في العام 2020 قد يصبح هذا المكان “غير قابل للعيش فيه”.

وفي الواقع التاريخي، بدأت “إسرائيل” بفرض الحصار على قطاع غزة عقب فــوز حركــة حمــاس فــي الانتخابات التشــريعية في يناير/ كانون ثانٍ عـام 2006، ثم شددته بعد سيطرة الحركة عسكريًا على القطاع في يونيو /حزيران 2007، إلى جانب التحكم في كمية ونوعية البضائع والمواد التي تدخل إلى قطاع غزة. وعلاوة على ذلك، أثّر الحصار “الإسرائيلي” (الإرهابي الصهيوني) على نحو خاص على القطاع الصحي في غزة .

بنتيجة الحصار، دخل اقتصاد قطاع غزة في ركود عام منذ فرض الحصار “الإسرائيلي”، ما أدى إلى إغلاق شبه كامل للمعابر التجارية وقيود شديدة على حركة التجار ورجال الأعمال. وتسببت إجراءات الإغلاق لدواعي الوقاية بزيادة معاناة العمال الذين يعملون بنظام المياومة. بحسب اتحاد نقابات العمال فــي قطاع غزة، فقد نحو 160 ألف عامل أعمالهم أو توقفوا عن العمل بشكل مؤقت بسبب الإغلاق .

وبحسب تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) الصادر في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قُدّرت التكلفة الاقتصادية للاحتلال “الإسرائيلي” على قطاع غزة خلال العقد الماضي قدرت بـ 16.7 مليار دولار، وهو ما يعني أن نصيب الفرد الواحد من الخسائر الاقتصادية بفعل الحصار بلغ نحو 9 آلاف دولار، سبّبها الإغلاق طويل الأمد والعمليات العسكرية التي تعرض لها القطاع خلال فترة الحصار” .

والى جانب الحصار، فرضت “إسرائيل” منطقة عازلة على طول الحدود الشرقية داخل قطاع غزة، يُحظر على جميع الفلسطينيين الحركة فيها. الحدود الفعلية لهذه المنطقة الأمنية ليست واضحة، وكذلك الحال في البحر حيث يعمل الصيادون. وتمثل تلك الأراضي العازلة حوالي 35٪ من أراضي غزة الصالحة للزراعة. ودمرت القوات الإسرائيلية أو لوثت الكثير من تلك المساحة .

بالنسبة للقطاع البحري، تقضـي اتفاقيـة أوسـلو التـي وقـعت عليهـا كل مـن منظمـة التحرير الفلسـطينية وإســرائيل عــام 1994 بالســماح للفلســطينيين بالإبحــار حتــى مســافة 20 ميــل بحـري (نحـو 37 كيلـو متـر) مقابـل شـواطئ قطـاع غـزة. ومـع ذلـك، فإنـه دائمـًا مـا يتـم منـع الفلسـطينيين مـن الوصـول لتلـك المسـافة. وتقلّص “إسرائيل” الصيد بشكل تعسفي لحدود بحرية لا تتجاوز في أفضل الأحوال 12 ميلًا بحريًا. مما أدخل 90% من الصيادين تحت خط الفقر” .

ونتيجة لهذا الحصار المأساوي، في السنوات الخمس عشرة الماضية من الحصار ودورات العنف المتكررة التي جلبت الموت والدمار في أعقابها، فقد عانت غزة من تراجع كبير في التنمية، ما أثر بشدة على الحياة اليومية العادية لجميع السكان وعمل على تقييد حقوق الإنسان الأساسية الخاصة بهم. إن الإحصاءات ارتفاع معدل الفقر، وانعدام الأمن الغذائي (64%)، والبطالة (47%). بل أن هناك أيضا تكلفة مجتمعية هائلة تتمثل في انهيار النسيج الاجتماعي للفلسطينيين الذين يعيشون في غزة وفي تدهور الصحة العقلية لسكانها، ولا سيما الأطفال والشباب، وبمعدلات تنذر بالخطر .

كان من المفلت، في إطار سياسة الحصار، في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2010 كُشفت وثائق في أعقاب التماس يتعلّق بحرّية الوصول إلى المعلومات قدّمته منظمة “جيشاه – مسلك” تُظهر أنّ “إسرائيل” انتهجت سياسة تقليص مقصودة! تقوم على حساب الحدّ الأدنى لاستهلاك السُّعرات الحراريّة المطلوب لبقاء سكّان القطاع على قيد الحياة.

ليس هذا فحسب، بل ترافق الحصار على غزة مع العمليات العسكرية “الإسرائيلية” على القطاع. وخلال الـ15 سنة الماضية، شنت القوات “الإسرائيلية” ثلاث هجمات رئيسية على قطاع غزة: في 2008 – 2009 و2012 و2014، وحتى عام 2022. ووقعت هجمات جوية وبرية متفرقة بينهما تحت تبريرات مختلفة، من بينها الهجمات الصاروخية التي كانت تشنها حماس على المناطق التي تطالها عسكريًا. وليس آخرها العملية “الاسرائيلية” المتمثلة بالقصف العنيف والنية باجتياح القطاع، والتي أدت ردًا على عملية طوفان الأقصى، وهي عملية غير مسبوقة لـ”حماس”، تجاوزت فيها الجدار الأمني، الى مستوطنات غلاف غزة. ومن العمليات العسكرية على قطاع غزة: الرصاص المصبوب (2008-2009)، عمود السحاب (2012)، الجرف الصامد (2014)، صيحة الفجر (2019)، حارس الأسوار (2021)، الفجر الصادق (2022) . وفي كل عملية، كان الهدف الإسرائيلي، القضاء على البشر والحجر، والعمل على تهجير السكان وجعل قطاع غزة، مكنًا غير صالح للعيش.

4-6-1/ “طوفان الأقصى” و”عملية السيوف الحديدية”

في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، دخلت مجموعات من قوات النخبة القسامية داخل المستوطنات “الإسرائيليّة” ضمن معركة أسمتها حماس طوفان الأقصى، واقتحمت عددا من المواقع العسكرية “الإسرائيلية”، كما أثمر الاقتحام الأولى عن الاستيلاء على معبر كرم أبو سالم شرق رفح، وما تبعه من عمليات اشتباكاتٍ وما تخلّّلها من قتلٍ للجنود الإسرائيليين في الموقع وفي مواقع أخرى مع أَسرِ آخرين. ثمّ نشر الإعلام الحربي مقطع فيديو لسربِ صقر وهي إحدى الوحدات العسكرية التي شاركت في عملية طوفان الأقصى، بل هي الوحدة المسؤولة عن الإنزالات الجويّة عبر الطائرات الشراعيّة التي قام بها المقاومون داخل المواقع والمعابر العسكريّة الإسرائيليّة. شكلت هذه العملية صدمة للشارع “الاسرائيلي”، كما شكلت كذلك انهيار للوضع العسكري على حدود القطاع، فاجأ القوات الاسرائيلية على الرغم من كل أنواع التضييق والحصار على أهل غزة. وتزامنت هذه العملية مع توجيه آلاف الصواريخ صوبَ مختلف المستوطنات “الإسرائيليّة” من ديمونا في الجنوب إلى هود هشارون في الشمال والقدس في الشرق.

في السياق العام للقضية الفلسطينية، كانت الأجواء “الاسرائيلية” معادية للغاية عام 2023، حيث قَتلت إسرائي ما لا يقلُّ عن 247 فلسطينيًا عددٌ كبيرٌ منهم من المدنيين. كما أنّ اتساع رقعة الاستيطان وتهجير الفلسطينيين من قراهم وهدمِ منازلهم والغلوّ في الاعتقال والأسر. كل ذلك في ظلِّ حكومة إسرائيلية يقودها عددٌ من الوزراء اليمينيين المتطرفين وعلى رأسهم وزير الأمن القومي (إيتمار بن غفير) الذي طالبَ في أكثر من مرة بـ «إبادة الفلسطينيين عن بكرة أبيهم»، ووزير المالية (بتسلإيل سموتريش) الذي يدعمُ الاستيطان بكل قوّة، ويضغطُ على الحكومة “الإسرائيلية” للسماح له بالحصول على مزيدٍ من التمويل لبناء عشرات المستوطنات الجديدة على الأراضي الفلسطينية مما ساهمَ في زيادة الاحتقان الفلسطيني.

وردت “إسرائيل” على عملية المقاومة بإعلان “حالة الحرب” وأطلقت عملية عسكرية أسمتها “السيوف الحديدية”، وبدأت بقصف جوي مكثف على قطاع غزة، وخلال خمسة أيام تجاوز عدد القتلى الإسرائيلين 1200، وأصيب أكثر من 3 آلاف، بينما ارتقى في غزة لوحدها أكثر من ألف شهيد وأصيب أكثر من 5 آلاف، ودمر القصف “الإسرائيلي” الكثير من المباني السكنية والمرافق الحيوية. وأعلنت “إسرائيل” قطع الماء والكهرباء عن قطاع غزة، وإغلاق جميع المعابر والمنافذ المؤدية إليه، وهددت بضرب أي شاحنات إغاثة للقطاع تأتي من مصر عبر معبر رفح، فتراجعت قوافل الإغاثة المصرية .

في أول تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة سلامة معروف، إن قطاع غزة تكبد 3 مليارات دولار خسائر مباشرة وغير مباشرة بفعل العدوان “الإسرائيلي”، الذي طال المنشآت التجارية والاقتصادية ومنازل المدنيين ومقار حكومية وأهلية وبنى تحتية، في تقدير أولي لحجم الخسائر بسبب العدوان المتواصل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 .

ولعل هذه العملية العسكرية “إسرائيلية” (الإرهابية الصهيونية) على غزة، هي الأعنف من بين كل العمليات السابقة. أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة ارتفاع عدد الشهداء منذ بدء الحرب على القطاع وحتى تاريخ 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، إلى 10 آلاف و569، حيث وقعت اليوم الأربعاء مجازر “إسرائيلية” عدة في جباليا والنصيرات والشجاعية. ومن بين إجمالي الشهداء 4,324 طفلا و2,823 امرأة، كما أصيب 26 ألفا و475 فلسطينيا جراء الحرب المستمرة لليوم الـ33 على التوالي. وشهدت الساعات الأخيرة 27 مجزرة راح ضحيتها 241 شهيدا، وفقا لما ذكرته وزارة الصحة.

كل ذلك والخطاب في المجتمع الدولي، يتراوح بين الصمت والـتأييد لـ”إسرائيل”، أو الخطابات المنددة والمصاغة بطريقة ديبلوماسية لا تتناسب مع هول الكارثة الإنسانية. ففي 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن عدد المدنيين الذين استشهدوا في قطاع غزة يظهر أن هناك خطأ ما بشكل واضح في العمليات العسكرية “الإسرائيلية” في غزة! خطأ لمجرد الخطأ، أم خطيئة مستمرة من المجتمع الدولي بحق فلسطين والفلسطينيين، الذين تتآكل “إسرائيل” قضيتهم وأرضهم ووجودهم التاريخي لتحولهم الى أقلية على مرأى ومسمع من العالم المتحضر!

وسواء أشارت بعض التحليلات الى كون هذه الحروب على غزة، أو الضفة الغربية أتت بدافع انتخابي، وعلى الرغم من إدعاء “إسرائيل” فك الارتباط مع غزة منذ عام 2015، في تبقى وراء هذه الهجمات بدمويتها، النية الواضحة لإلحاق أكبر أذى ممكن بالفلسطينيين الصامدين في مناطق، والتسبب بحرمانهم من مصادر رزقهم، ومقومات عيشهم. ليس هذا فحسب، بل إن الهندسة الديمغرافية عبر عدة ممارسات عنصرية، تترافق مع استعمال القوة العسكرية في تهجير الفلسطينيين من أرضهم، والدفع باتجاه إفشال آخر ما تبقى من مشروع الدولتين، لاسيما أن تسيطر على مقومات الحياة بدءًا من الحدود الخارجية والعابر، وصولاً الى الجدران الأمنية وبوابات العبور بين المناطق الفلسطينية.

4-7/ فلسطين قضية تبحث عن خاتمة:

حتى وإن كانت فلسطين تتحدث عن نفسها في كل مرة، من المهم توثيق ولفت النظر الى هذه القضية الإنسانية التي تجاوزت القرن من الزمن. ففي فلسطين، اجتمع كل موبقات البشرية على شكل نظام احتلال، أتى، فانتشر، وحكم على الشعب الموجود بالفناء. فإسرائيل شكل واه من الديمقراطية الشرقية التي يتغنى بها الغرب، لاسيما أميركا، في حين تخفي تحت غلافها [الحضاري!] مزيج من العنصرية والتوحش والابادة الجماعية لشعب بكامله مع تاريخه.

لا شك، أن العنصرية هي النقيض للديموقراطية، إذ لا يمكن أم يجتمع الطيفان السياسيان في سلوك الحكم، في مكان واحد. وفق وثيقة صادرة عن الأمم المتحدة في 20 أبريل/نيسان 2000، تحت عنوان التعارض بين الديمقراطية والعنصرية، حثت لجنة حقوق الانسان في دورتها السادسة والخمسين، الدول على تقوية التزامها بتشجيع التسامح والعمل على مكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب تعزيزاً للديموقراطية والحكم السليم الذي يتسم بالشفافية والمساءلة؛ وذلك واقتناعا منها بوجوب إدانة البرامج السياسية الانتخابية القائمة على أساس العنصرية أو كره الأجانب أو مذاهب التفوق العنصري وما يتصل بذلك من تمييز، لكونها تتعارض مع الديموقراطية والحكم السليم الذي يتسم بالشفافية والمساءلة وبأن التمييز العنصري الذي تتغاضى عنه السياسات الحكومية يُعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان وقد يعرِّض العلاقات الودية بين الشعوب، والتعاون بين الأمم، والسلم والأمن الدوليين للخطر .

فلسطين اليوم، قضية بحجم الإنسانية، وهي اختبار لها في القرن الواحد والعشرين. واذا استمرت “إسرائيل” بممارساتها العنصرية والتي تهدف الى شطب شعب من حضوره التاريخي، لتنمو على أنقاضه بوجه الحمل الوديع، وتحت أنظار المجتمع الدولي الذي يكتفي بالتنديد، وبإصدار التقارير، من دون أن ينجح ولو لمرة بوضع رادع قانوني ملزم لإيقاف هذه المهزلة التاريخية على أرض فلسطين، يعني ذلك أن كل مواثيق حقوق الانسان ومكافحة العنصرية ستفقد قيمتها أمام باقي الشعوب، كما فقدت قيمتها وترهلت أمام السياسة الصهيونية!

وإذا كان نظام الفصل العنصري في أفريقيا (الأبارتايد)، نبت في الحديقة الخلفية للمجتمع الإنساني، عام 1948، على غرار “إسرائيل”، فالمجتمع المحلي، والمجتمع الدولي ضغطا معًا باتجاه إعادة الأمور الى نصابها، واقتلاعها الأعشاب المميتة من جنوب أفريقيا في أوائل التسيعينات، وإعادة الديموقراطية الى نصابها الصحيح والمثمر للشعوب. ويبقى أمام العالم، المتغاضي عن السياسة العنصرية الصهيونية على أرض فلسطين، هذا التحدي الكبير، بإيقاف هذه المهزلة التاريخية، والتي لم ولن يتغاضى عنها التاريخ، لإعادة إطلاق موجة حميدة من الديموقراطية الحقيقية في الشرق، قادرة على إعادة شعب الى أرضه، وتجديد ارتباطه بتاريخ تحاول إسرائيل محوه، بشتى الوسائل العنصرية. فهل ينجح!! أم ستسقط الأخلاقيات التي توافقت عليها دول العالم، تباعًا كأحجار الدومينو!

المصدر: “المدارنت”..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى