يخشى الرئيس الأمريكي جو بايدن من توسع الحرب في منطقة الشرق الأوسط في حال هاجم جماعة الحوثي في اليمن ردا على استهدافها لسفن شحن في البحر الأحمر، لكن في الوقت نفسه ليس بإمكان قوة العمل البحري درء هجمات الحوثيين، وفقا لستيفن كوك في تحليل بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية (Foreign Policy).
وتضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لحرب إسرائيلية مدمرة بدعم أمريكي، استهدف الحوثيون، المدعومين من إيران، بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها و/ أو تشغلها شركات إسرائيلية و/ أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.
وقال كوك، في التحليل الذي ترجمه “الخليج الجديد”، إن “إدارة بايدن تشعر بالقلق من أنها إذا تحركت ضد الحوثيين، فسيؤدي ذلك إلى توسيع نطاق الحرب في غزة، وهو تطور عملت جاهدة لمنعه؛ ولهذا وضعت البحرية الأمريكية في المنطقة في وضع دفاعي”.
وتابع: “ستقوم القوات الأمريكية بإسقاط الطائرات الحوثية بدون طيار والصواريخ التي تستهدف الشحن التجاري وبالتالي الاقتصاد العالمي، لكنها لن تدمر قدرة الجماعة على مضايقة الشحن”.
واعتبر أن “الإعلان الأخير عن عملية “حارس الازدهار”، وهو جهد متعدد الأطراف لحماية الشحن التجاري، هو مظهر من مظاهر سياسة بايدن”.
وفي 18 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تشكيل قوة عمل بحري باسم “حارس الازدهار”، تضم 10 دول، بينها دولة عربية واحدة هي البحرين؛ بهدف مواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وهو ممر حيوي للتجارة العالمية يقود إلى قناة السويس ومضيق باب المندب (تمر عبره 40% من التجارة العالمية).
صراع إقليمي
“وإذا كان بايدن وفريقه قلقين بشأن توسع الصراع إقليميا، فإن الحوثيين (مثل “حزب الله” في لبنان) قاموا بالفعل بتوسيع نطاق الصراع باستهداف الشحن في البحر الأحمر”، بحسب كوك.
وتستحوذ التجارة البحرية على 70% من واردات إسرائيل، ويمر 98% من تجارتها الخارجية عبر البحرين الأحمر والمتوسط. وتساهم التجارة عبر البحر الأحمر بـ34.6% في اقتصاد إسرائيل، بحسب وزارة المالية.
وأردف كوك: “يبدو أن إدارة بايدن تسيء فهم سبب وقوع الأحداث في البحر الأحمر، ولو كان لديها فهم أفضل للموقف، لعرفت أن قوة المهام البحرية، مهما كانت هائلة، لن تتمكن بمفردها من درء الهجمات”.
وحتى السبت قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة 21 ألفا و672 فلسطينيا، وأصاب 56 ألفا و165 بجروح، بالإضافة إلى دمار هائل في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
واعتبر كوك أنه “لم يكن من المستغرب أن يستهدف الحوثيون الشحن البحري قبل الصراع في غزة، لكن يبدو أن الإيرانيين شجعوهم على التصعيد التدريجي الآن لتعطيل الاقتصاد العالمي؛ بهدف الضغط على الولايات المتحدة والقوى الكبرى الأخرى لدفعها إلى التصعيد”.
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، شنت جماعات موالية لإيران، بينها الحوثيون و”حزب الله” وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا، هجمات بصواريخ وطائرات مسيّرة على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية.
وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضٍ في فلسطين ولبنان وسوريا.
حركة “حماس”
كوك قال إنه “إذا تمكنت إسرائيل من القضاء على حماس، فسيكون ذلك بمثابة ضربة استراتيجية كبيرة لطهران، ولهذا تقاوم إسرائيل الضغوط الدولية بأي ثمن لإنهاء هجومها العسكري، ولذلك لن يتوقف الحوثيون عن مهاجمة السفن”.
ويُصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنامين نتنياهو على مواصلة الحرب، على أمل الاستمرار في منصبه بعدها، من خلال إعادة الأسرى، وإنهاء حكم “حماس” المستمر لغزة منذ يونيو/ حزيران 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي المتواصل لفلسطين منذ عقود.
وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت “حماس” في 7 أكتوبر الماضي هجوم “طوفان الأقصى” ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط غزة.
وقتلت “حماس” في الهجوم نحو 1200 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
و”إذا أرادت الولايات المتحدة حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر وضواحيه، فسيتعين عليها نقل المعركة مباشرة إلى الحوثيين”، كما زاد كوك.
وأردف أنه “في عام 1987، وفرت الولايات المتحدة مرافقة عسكرية للناقلات الكويتية بعد تعرضها لمضايقات من القوات الإيرانية، وأمر الرئيس (الأمريكي) رونالد ريجان بعمليات عسكرية لتدمير قدرة إيران على تعطيل حرية الملاحة في الخليج”.
المصدر | ستيفن كوك/ فورين بوليسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد